مسؤولون أميركيون: إيران تعمل لتوسيع نفوذها في أفغانستان وأرسلت أعدادا من عملائها عبر الحدود

واشنطن تخشى أن تستقبل طهران الفارين من القاعدة لإضعاف موقف الغرب * مخاوف من علاقات خاصة بين الإيرانيين وإسماعيل خان الذي انتد اتفاقية بون

TT

ذكر المسؤلون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) والاستخبارات الاميركية ان ايران تسعى الى ممارسة نفوذ سياسي وعسكري في المناطق الحدودية في غرب افغانستان، بطريقة تتحدى سلطات الحكومة الانتقالية في كابل وتهدد الاهداف الاميركية طويلة المدى في البلاد. وقال المسؤولون ان اهتمام ايران تزايد بالميول الغربية في الحكومة الافغانية وان طهران تتحرك نحو استعراض عضلاتها في قطاع من افغانستان كانت تتمتع فيه دائما بنفوذ. وكشفت المعلومات الاستخبارية الاميركية ان ايران التي تعارض طالبان وتنظر الى القاعدة بحذر، قدمت ملجأ آمنا لعدد محدود من مقاتلي تنظيم «القاعدة» الهاربين من افغانستان، من منطلق ان تنظيم «القاعدة» سيقاتل لإضعاف النفوذ الغربي.

وقد اعلنت القوات الخاصة الاميركية حول هرات في شمال غرب افغانستان ان العملاء الايرانيين تسللوا الى المنطقة، وهددوا بعض شيوخ القبائل ورشوا اخرين من القيادات المحلية لإضعاف البرنامج الذي تدعمه الولايات المتحدة في واحدة من اكثر المناطق التي لا تخضع للقوانين في ايران.

وذكر مسؤول عسكري اميركي كبير «تحاول ايران اثارة المتاعب. وحتى الآن لم نتخذ اية اجراءات، ولكننا نراقب الموقف عن كثب».

وتجدر الاشارة الى ان الحكومة الافغانية المؤقتة التي يتزعمها حميد كرزاي، تضم ابن احد امراء الحرب الاقوياء اسماعيل خان، الذي كان اقرب حلفاء ايران في التحالف الشمالي، الذي ساهم هو الاخر في اسقاط طالبان. ووصف المسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية ان الاختيار، الذي تم التوصل اليه خلال محادثات بون بين الاطراف الافغانية، كان، يهدف جزئيا الى ضمان دعم خان، الذي تسيطر قواته على هرات.

ويعتبر ضم ابن خان مير ويس صادق الى الحكومة الانتقالية في كابل محاولة للمحافظة على ترابط الاجنحة المتفككة.

وكانت ادلة متزايدة على التعاون بين واشنطن وطهران قد ظهرت في الاشهر الاخيرة. فقد ذكر وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان ايران كانت نافعة بصفة عامة في الحرب في افغانستان. وكانت ايران قد وافقت في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي على انقاذ اية قوات اميركية تتعرض لمشاكل في المنطقة. وقد فر العديد من الافغان الى ايرن، كما قدمت ايران ميناء لشحن القمح الاميركي الى مناطق الحرب. واوضح ريتشارد هاس مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الاميركية امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي ان الدور الايراني «من الناحية الدبلوماسية كان بناء»، مشيرا الى ان ايران كانت قد بعثت بمراقبين الى محادثات بون الخاصة بتشكيل حكومة الائتلاف الايراني، كما لعب دبلوماسيوها دورا اساسيا وراء الكواليس. الا انه حذر «انا لا اقول ان لنا نفس النظرة للامور الآن».

كما ان ايران تسعى الى دور اساسي في اعادة بناء افغانستان. فقد جمع مؤتمر تحت اشراف الامم المتحدة عقد في ايران الاسبوع الحالي رجال الاعمال الافغان والاكاديميين لمناقشة جهود اعادة التنمية في الشؤون الصحية والتعليم والمجتمع. وكان عشرات الالوف من اللاجئين قد عادوا الى منطقة هرات من ايران، في الوقت الذي تعود فيه مئات الاسر يوميا، طبقا للامم المتحدة، كما ان اكثر من 100 الف لا يزالون في معسكرات ضخمة بالقرب من الحدود الايرانية. وفي الوقت ذاته تنظم منظمات الاغاثة حملة ضخمة لتوزيع المواد الغذائية في مدينة هرات التي يعيش، فيها حوالي 400 الف نسمة وتنتشر فيها المجاعة والفقر.

ويرى بعض الخبراء، في الوقت الذي يدينون فيه اية تصرفات ايرانية يمكن ان تتسبب في إضعاف الحكومة الانتقالية في كابل، تفسيرات اخرى لتصرفات ايران. وذكر البروفسور بارنت روبين الخبير في الشؤون الافغانية في جامعة نيويورك «انا على ثقة ان ايران تشعر بالقلق من الوجود العسكري الاميركي على حدودها. ولا يمكن القول ان موقفهم هو موقف ارهابي عدواني. بل هو اهتمام أمني معقول».

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية «من وجهة النظر الايرانية، ربما يشعرون بالتهديد في افغانستان اليوم. وهناك اشياء نعمل فيها معا مع الايرانيين، واشياء اخرى نسير فيها في اتجاهات مختلفة. فأهدافنا ليست متماثلة».

وتمثل ايران تحديات مختلفة لحكومة كابل، وبالنسبة للرئيس جورج بوش وكبار المسؤولين عن الامن القومي الاميركي وهم ينظرون الى ما وراء افغانستان في الحملة ضد الارهاب، فان ايران مسجلة من قبل وزارة الخارجية باعتبارها اكثر الدول تأييدا للارهاب في العالم.

وتجدر الاشارة الى ان ايران وهي دولة تحكمها الطائفة الشيعية، عارضت حركة طالبان السنية منذ البداية في كابل عام 1996، علما بان 20 في المائة من سكان افغانستان من الشيعة.

والمعروف ان ايران وروسيا كانتا اكبر المؤيدين لتحالف الشمال المعادي لطالبان قبل 11 سبتمبر. وكان قلق الايرانيين ينصب على سيطرة طالبان في الغرب، بالقرب من الحدود الايرانية، وركزت جهودها على جماعات المتمردين هناك. وكان رجال الاستخبارات المركزية الايرانية يعملون في افغانستان ضد طالبان منذ عام 1996، طبقا لتقارير الاستخبارات الاميركية.

ويعتمد النفوذ الذي يمكن ان تحققه ايران في افغانستان على اسماعيل خان، الذي انتقد اتفاقية بون، في البداية ولكن وافق في النهاية على المشاركة فيها.

واسماعيل خان وهو حاكم سابق لهرات، من التاجيك. وقد حكم هرات بسلام بعد انسحاب السوفيات عام 1989، بينما كانت بقية ولايات افغانستان تشهد منازعات عرقية بين الاطراف المختلقة.

وقد قرر خان عدم مواجهة طالبان فيما كانت قواتها تقترب من هرات في منتصف التسعينات. وبدلا من ذلك هرب الى ايران مع قافلة من 50 شاحنة. وقد عاد الى هرات وسجن. ولكن اسطورته زادت عمقا عندما هرب من السجن في مارس (آذار) 2000 ولجأ الى ايران.

وبعد انهيار طالبان، استعاد خان سلطته بسرعة، ومنذ ذلك الوقت امتدح ايران. فقد ذكر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ان «ايران هي افضل نموذج لدولة اسلامية في العالم، ونحن نقر السياسة الايرانية». ويرد مسؤول اميركي على سؤال عن مدى دعم خان للحكومة الانتقالية بقوله «علينا الانتظار. ان الولاءات في افغانستان متقلبة».

* خدمة: «نيويورك تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»