تصريحات مشرف عن وفاة بن لادن تواجه بتحفظ أميركي

واشنطن أكدت أن لا أدلة لديها على معاناة زعيم «القاعدة» من مشاكل في الكليتين أو أنه كان يستخدم جهازا لغسلهما

TT

كرر الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف في مقابلتين نشر نصهما امس ما قاله اول من امس عن ان اسامة بن لادن ربما يكون قد توفي بسبب الفشل الكلوي لتعذر استخدام جهاز غسل الكلى الذي ظل يعتمد عليه خلال السنوات السابقة.

جاء هذا الافتراض ضمن عدة افتراضات اخرى طرحها مشرف في سياق حديثه حول اختفاء بن لادن. وكان بن لادن قد ظهر في آخر شريط فيديو جرى بثه الشهر الماضي ويده اليسرى لا تتحرك طيلة الحديث الذي استغرق 33 دقيقة. كما ان الحديث المشار اليه تضمن فقرات تبدو كأنها وداعية، اذ قال في واحدة من هذه الفقرات ان «استمرار الجهاد لا يعتمد على بقاء شخص محدد». وقال مشرف ان بن لادن ربما يكون قد لقي حتفه نتيجة القصف الاميركي، كما اشار كذلك الى احتمال ان يكون على قيد الحياة في احد المخابئ الجبلية في افغانستان وربما يكون قد فر من افغانستان الى «مكان ما غير معروف»، بما في ذلك باكستان، طبقا لافتراضه. وكرر مشرف، مثلما فعل مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، ان كل الاحتمالات واردة في ما يتعلق بمكان وجود بن لادن، لكن هذه هي المرة الاولى التي يشير فيها مشرف الى احتمال ان يكون بن لادن قد توفي نتيجة اسباب طبيعية متعلقة بمرض في الكلى. وقال مسؤولون باكستانيون امس ان التقارير الاستخباراتية التي تلقاها مشرف، بما في ذلك معلومات تلقاها من مسؤولين اميركيين، ركزت على مشكلة الكلى التي يعاني منها بن لادن. الجدير بالذكر ان آخر شريط فيديو لابن لادن جرى بثه في 27 ديسمبر (كانون الاول) الماضي احتوى على ما يشير الى انه في حالة صحية متردية، كما ان هذه المؤشرات ظلت موضع دراسة من قبل وكالات الاستخبارات الباكستانية والغربية. المسؤولون الاميركيون من جانبهم واعرب عن شكوكهم تجاه تعليقات مشرف الاخيرة بشأن مصير بن لادن. فقد علق مسؤول اميركي قائلا انه «ليس لدى واشنطن سبب يدعوها للاعتقاد بأن بن لادن توفي». واضاف المسؤول انه رغم الشائعات التي تتحدث عن موت بن لادن، ليس لدى الولايات المتحدة دليل لاثبات انه مصاب بمرض في الكلى او انه يخضع لعمليات غسل لكليتيه. وشكك الجنرال تومي فرانكس، قائد القيادة العسكرية المركزية الاميركية، وغيره من المسؤولين الاميركيين ايضا في تعليقات مشرف الذي اوضح في مقابلة مع شبكة «سي ان ان» التلفزيونية الاميركية ان «الاحتمال الاول هو انه (بن لادن) مات، والثاني هو انه في مكان ما في افغانستان». وتعليقا على كلام مشرف، قال الجنرال فرانكس «لم اتلق اية معلومات استخباراتية تؤكد او تنفي ذلك». على صعيد آخر، ذكر مسؤول اميركي كبير ان «وكالة الاستخبارات المركزية ليست لديها معلومات تؤكد تصريحات مشرف». وقال مسؤول اميركي آخر «ليست لدينا اية ادلة تشير الى ان بن لادن كان يعالج بأجهزة غسل الكلى. هناك شائعات ذكرت بأنه يواجه مشاكل صحية، ربما حصوة في الكلى». وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد قد ذكر الاربعاء الماضي انه من المرجح وجود بن لادن في افغانستان، الا ان فرانكس كان قد بدا اقل تأكدا من هذه المعلومات اول من امس وقال «نحن لا نعرف حقا اين هو؟ هل هو في افغانستان ام غادرها؟»، لكن رامسفيلد تعهد بالعثور على بن لادن، قائلا ان «العالم ليس كبيرا بدرجة كافية لكي يختفي فيه». وفي اسلام آباد، تحدث مسؤول باكستاني على نحو متحفظ، مشيرا الى انه «لم يؤكد احد ان بن لادن مات او حتى انه يعاني من مشاكل صحية خطيرة او ان شريط الفيديو الاخير الذي ظهر فيه له صلة بحالة الكلى»، مؤكدا ان كل ما حاولت اسلام آباد توضيحه هو ان بن لادن «في حالة صحية سيئة لفترة طويلة»، وانه «كان يعتمد على جهاز لغسل الكلى وانه من المحتمل ان يكون قد واجه صعوبات في الحصول عليه بسبب تنقلاته من مخبأ الى آخر» منذ 11 سبتمبر (ايلول) الماضي. الجدير بالذكر ان استخدام بن لادن لجهاز غسل الكلى اكده الكاتب الصحافي المصري عصام دراز الذي عايش بن لادن خلال حقبة الثمانينات. ففي لقاء اجري معه الاسبوع الماضي قال دراز ان صورا التقطها لابن لادن خلال تلك الفترة تظهر انه كان يتلقى العلاج من جهاز لغسل الكلى. ولمح مشرف على نحو سريع الى مشكلات الكلى التي يعتقد ان بن لادن يعاني منها، ففي المقابلة التي نشرتها امس صحيفة «ذا نيوز» الباكستانية الناطقة باللغة الانجليزية قال مشرف ان بن لادن «من المحتمل ان يكون قد قتل في القصف او ربما توفي بسبب مشاكل الكلى التي يعاني منها لتعذر اجراء عملية الغسل في الكهوف». وردا على سؤال حول احتمال وجود بن لادن في باكستان، قال مشرف ان «الفرص ضعيفة»، مشيرا الى ان السلطات الباكستانية اغلقت الحدود مع افغانستان. وقال ان عمليات تعقب بن لادن داخل باكستان اصبحت «اقل حجما»، مضيفا انها تراجعت بعض الشيء منذ طلب الولايات المتحدة من القوات الباكستانية تركيز بحثها عنه في المناطق القبلية على طول الحدود مع افغانستان في منتصف ديسمبر الماضي. وكانت الشكوك الاميركية في ذلك الحين قد تركزت حول احتمال فرار بن لادن من مجمع الكهوف في منطقة تورا بورا شرق افغانستان عندما بدأت تتعرض لقصف جوي مكثف من قاذفات «بي ـ 52» وكانت هذه الشكوك قد رجحت احتمال ان يكون بن لادن قد سلك الطرق الجبلية التي اغلقتها الثلوج الى داخل باكستان.

*خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»