قراصنة الصومال يؤجلون الإفراج عن السفينة اللبنانية وبحارتها

رأوا طائرات فرنسية وأميركية وبريطانية تحلق في الأجواء بقربهم فخافوا التوابع وعادت المأساة والمفاوضات إلى نقطة الصفر

TT

لم يفك 20 قرصانا من الصومال حصارا وعدوا بانهائه أمس، بعد أن بدأوه بأربعة زوارق حول سفينة شحن لبنانية، كانوا قد استولوا عليها منذ 9 أيام واحتجزوا بحارتها، وهم سوري و4 لبنانيين و5 مصريين و8 أوكرانيين، ممن هددوا بقتلهم إن لم يتسلموا فدية قيمتها 200 ألف دولار، بسبب خوفهم من مروحية فرنسية كانت تحلق في الجوار مع طائرات أميركية وبريطانية، وفق ما قاله مالك سفينة الشحن «برنسيس سارة» ـ اي «الأميرة سارة» اللبنانية، توفيق عيسى، اللبناني الذي اشترى «برنسيس سارة» من شركة يونانية بمليون دولار قبل 6 أشهر.

وقال عيسى، الذي كرر لـ«الشرق الأوسط» ما ذكره لها أول من أمس، من أنه لا ينفي أو يؤكد دفعه للفدية عبر رجل أعمال صومالي ينشط في حقل الشحن البحري بجدة، إن الفرقاطة الفرنسية «فلوريل» وصلت فجر أمس الى المنطقة المحتجزة فيها «برنسيس سارة» عند ساحل رأس هفون بالصومال، من دون أن يتم الافراج عن السفينة وبحارتها.

وكان من المفترض أن يفرج القراصنة عن «برنسيس سارة» التي ترفع العلم اللبناني كسفينة شحن مسجلة في روتردام، بهولندا، في السادسة والنصف من فجر الصومال، وفق ما نقلته «الشرق الأوسط» أمس عن لسان عيسى، الذي سبق أن اتفق عبر الفاكسات مع القراصنة على موعد الافراج عنها وعنهم. الا أن القبطان، وهو اللبناني أحمد خانجي، البالغ عمره 35 سنة، أبلغه عند الظهر بأن كل شيء قد تم تأجيله في اللحظات الأخيرة، لأن 10 ممن كانوا يحتجزون الطاقم على متن السفينة ترددوا بمغادرتها والافراج عنهم وعنها عند رؤيتهم لمروحية تابعة للبحرية الفرنسية تحلق فوق «برنسيس سارة» مع طائرات حربية أميركية وبريطانية كانت تلوح في أجوائها المجاورة «وهذا ما جعلهم يشعرون بالخوف والتبعات، كأن يتعرضوا لاطلاق رصاص من الطائرات، أو أن يتم اعتقالهم، لذلك عدنا نتفاوض من جديد» وفق ما قاله عيسى. وكان القبطان الخانجي في طريق العودة بالسفينة من ميناء مومباسا بكينيا، حيث أفرغت هناك 6 آلاف طن من الأسمدة الكيماوية نقلتها من مرفأين برومانيا وتركيا، عندما طرأ عطل على محرك السفينة وهو قرب سواحل الصومال متجها الى ميناء عدن ليتزود منه بالوقود، ثم ليعود عبر قناة السويس الى بيروت.

ولأن فنيا أوكرانيا حاول اصلاح العطل، من دون أن يفلح، فان خانجي فكر بالابحار الى منطقة رأس هفون الصومالية لاصلاح العطل في مرفأ فيها. الا أن الزمن عاد بالسفينة حين وصلت الى مسافة 20 كيلومترا من ساحل المنطقة الى أجواء القرون الوسطى تقريبا، فواجهت ما لم يكن في الحسبان: ما أن بدأ الليل يعسعس يوم الاثنين قبل الماضي حتى برزت من حول السفينة 4 زوارق، أحاطت بها من كل جانب، وبدأ 20 مسلحا بالبنادق الأوتوماتيكية يطلقون عليها النار «فاستقرت في هيكلها أكثر من 20 رصاصة» على حد تعبير عيسى، ودب الذعر بين بحارتها، ممن رأوا رجالا يصعدون اليها بالسلالم والحبال وهم مزودون بالبنادق والسكاكين، ويلزمونهم على الاستسلام، لتبدأ معمعة الرعب باحتجاز كل 3 بحارة في غرفة نوم، ليس فيها الا سرير واحد. أما القبطان فراح يكون الوسيط عبر الفاكسات بين القراصنة والشركة مالكة السفينة.

وقبل استيلاء القراصنة على «برنسيس سارة» بدقائق، أطلق القبطان الخانجي استغاثات نجدة عبر البحار، رصدت بعضها طائرة استطلاع فرنسية كانت تنشط في مياه المنطقة، فأبلغ الطيار الفرنسي قاعدته البحرية في جيبوتي بما التقطه من استغاثات، وصل صداها في ما بعد من جيبوتي الى مركز مكافحة القرصنة البحرية، الواقع مركزه الرئيسي بعاصمة ماليزيا، كوالالمبور، وبدأت من وقتها مأساة البحارة، الذين يتهددهم منذ يومين خطر جديد، لأن السفينة أصبحت بلا طعام ولا ماء ووقود، ومحركها بلا حراك، والرياح تجري بها كما يشتهي القراصنة وحدهم.

أما عن البحارة، فهم: السوري برهان طه، واللبنانيون نمر يونس وفادي صافي ومصطفى أروادي، بالاضافة الى القبطان، أحمد خانجي. أما المصريون فهم: سعدون ابراهيم البنا وعرفان عبد ربه الشريف (من كفر الشيخ) وبكر عيسى والسيد بدوي (من دمياط) بالاضافة الى محمد عبد الله، وهو من مدينة بورسعيد. وكان رجل أعمال صومالي ناشط في حقل الشحن البحري بمدينة جدة، «يساعد من هناك للافراج عن السفينة وبحارتها المحتجزين، عبر اتصالات يقوم بها مع أصدقاء له في بعض القبائل بالصومال، ممن يقومون بدورهم بالاتصال بالقراصنة المسيطرين على السفينة عبر الهواتف النقالة أو الفاكسات». وفق ما قاله توفيق عيسى. الا أن وزارة الخارجية اللبنانية تلعب دورا أساسيا، منذ بدأت تجري قبل 4 أيام اتصالات مع فرنسا والأمم المتحدة والجامعة العربية، بالاضافة الى المنظمة البحرية الدولية، التابع لها مركز مكافحة القرصنة، طالبة المساعدة باسترجاع السفينة وطاقمها، بدلا من القيام بعملية عسكرية هددت أوكرانيا بالتنسيق مع فرنسا القيام بها وتحرير الرهائن عنوة.