قلق من تزايد نفوذ إيران في غرب أفغانستان

سكان يتحدثون عن انفجار غامض لصاروخين في حاويتين قادمتين من إيران وطهران تنفي إرسال أسلحة

TT

يقول المسؤولون ان ايران تعمل على تقوية نفوذها في الجزء الغربي من افغانستان عن طريق تحالف متين مع حاكم هذا الاقليم وارسال امدادات متواصلة من المواد الغذائية والمعونات التي ربما تشمل السلاح. وقال احد الاجانب الذين يقيمون في هذه المدينة الغربية، ان ما بين 12 و15 شاحنة تصل كل يوم من ايران، الى القاعدة العسكرية المحلية حاملة ما يصفه المسؤولون بأنه مساعدات فقط. وفي بداية هذا الشهر، وقبل ايام فقط من اعلان ضباط المخابرات والمسؤولين الاميركيين عن قلقهم من تزايد النفوذ الايراني، قال بعض الذين يعيشون بالقرب من القاعدة انهم سمعوا اصوات صاروخين ينفجران داخل القاعدة. وقالوا ان الانفجارين فصلت بينهما 15 دقيقة وقد وقعا بعد ظهيرة احد الايام. وقال بعضهم انه رأى الصاروخ الثاني.

وقال رجل اعمال يسمى صديق انه سمع انفجاري الصاروخين وان بعض اصدقائه العسكريين أبلغوه ان حاويتين من الاسلحة الايرانية، كانتا تبعدان عن بعضهما حوالي 100 ياردة، قد اصيبتا اصابة مباشرة بصاروخين. وليس معروفا بعد من اطلق الصاروخين.

ويحتج السكان كذلك على وجود المستشارين الايرانيين في هرات، التي تبعد 80 ميلا من الحدود مع ايران. ولكن اسماعيل خان، الحاكم الحالي والسابق لاقليم هرات، والقائد الشهير للمقاومة ضد الاحتلال السوفياتي الذي استمر عشر سنوات، والذي كان يتلقى العون العسكري وغير العسكري من ايران منذ ذلك الوقت، ينفي المزاعم الاميركية بانه يتلقى حاليا عونا عسكريا من ايران. وقال انه لن يسمح لايران بأي دور هام في بلاده.

قال خان في مقابلة مع الصحافيين ان: «ايران لا تمارس أي نوع من التدخل هنا. وقد وضح من خلال التجربة التاريخية ان الغزاة لا يسببون الكوارث لأفغانستان وحدها، بل يسببونها لأنفسهم ايضا».

خان، الذي ازاحته حركة طالبان عن حكم الولاية عام 1995، لمّع صورته بين الافغان في هذا الاقليم بهروبه الجريء من احد سجون طالبان قبل عامين ومقاومته حتى تمكن من طرد طالبان من هرات اواخر العام الماضي. ولكن دعمه المباشر لم يأت من الولايات المتحدة، التي ساعدت بعض القوات الافغانية المعادية لطالبان بالضربات الجوية ومجهودات القوات الخاصة، بل جاء سنده من ايران. وتخشى الولايات المتحدة والامم المتحدة من امكانية استخدام ايران لمدينة هرات كقاعدة لممارسة الضغوط والتأثير على الاحداث في افغانستان. ويقال ان ايران، ليست مرتاحة لبروز حكومة مدعومة اميركيا في كابل، تسيطر عليها اغلبية سنية.

ويمتد نفوذ خان، القصير القامة والخفيض الصوت، الى خمسة اقاليم، وهو واحد من امراء الحرب الافغان الاكثر تمسكا بالكرامة الوطنية. والواقع انه دخل في نزاعات عديدة مع كابل عندما ازاحته حركة طالبان من الحكم عام .1995 وهو يصر الان على انه يؤيد تأييدا قويا حكومة حميد كرزاي الانتقالية التي تستمر لمدة ستة اشهر والتي تخطط لعقد جمعية وطنية عليا وفق ما نصت عليه اتفاقية بون المدعومة من قبل الامم المتحدة.

وقال خان ان الانفجارين الذين تحدث عنهما المواطنون المحليون، تسبب فيهما جندي اخرق اسقط دون قصد صاروخا معبأ، ولم يكن ذلك بفعل الصواريخ الاميركية. ولكن رجل الاعمال صديق، يقول ان القادة العسكريين الافغان المحليين اثاروا جدلا مع الحاكم حول وجود المسؤولين العسكريين الايرانيين الذين جاءوا كما هو واضح لتدريب الجنود على الاسلحة الجديدة التي ارسلت من ايران. وقال صديق: «قال بعض الضباط: «لماذا ترسل ضباطا ايرانيين، بينما نستطيع نحن تدريبهم؟».

وقال خان انه من دعاة نزع السلاح وخلق جيش وطني من كل فئات المجاهدين.

ومن جهته قال القنصل الايراني، علي رضا علي عبداي، ان ايران لم تقدم اية مساعدات عسكرية لخان، او لاية مجموعات معادية لطالبان، وذلك منذ تكوين الحكومة الجديدة وان ايران ليست لديها قوات في افغانستان. وقال: «نحن راضون عن الحكومة الجديدة ونؤيدها ونريد علاقات جيدة معها».

الحدود الايرانية مع افغانستان تبلغ 540 ميلا وهي حدود عرفت لفترة طويلة بحركة نشطة من التهريب وخاصة تهريب الافيون الى ايران. ومعروف ان ايران تعاني من مشكلة ادمان بعض مواطنيها للهيروين وبعض المخدرات الاخرى. وقال علي عبداي ان القضايا مثار الخلاف مع افغانستان ازدادت حدة بعد ان قتلت افغانستان 9 من الدبلوماسيين الايرانيين عام .1998 وكانت قضايا الامن وتهريب المخدرات من القضايا التي حظيت بالنقاش عندما زار وزير الدفاع الافغاني الجنرال محمد فهيم ايران في الاسبوع الماضي واجتمع مع نظيره الايراني. ولكن بعض مواطني هرات قلقون من حقيقة ان النفوذ الايراني تخطى مرحلة التعاون الحدودي. وقال صديق: «نحن قلقون لان هذا تدخل صريح». وكان صديق قد قضى ثلاث سنوات بايران ابان حكم طالبان، وهو واثق ان ايران لا تريد السلام او الديمقراطية لافغانستان. وقال ان الايرانيين هم الذين يحددون حاليا من ينال الوظائف والعقود في هرات. وقال: «انهم يدعمون الناس الذين يؤيدونهم».

تمثل ايران مشكلة حقيقية بالنسبة لخان. فقد كانت هي افضل جارة له ابان الغزو السوفياتي وبعده ولم تتردد في تقديم الدعم الذي كان يحتاج اليه في تلك الظروف. وقد كانت ايران هي الملاذ لخان والآلاف من اتباعه اثناء حكم طالبان. وبعد 11 سبتمبر (ايلول) قدمت ايران دعما عسكريا مباشرا وسمحت لقواته بشن الهجمات من الاراضي الايرانية. وحاليا يساعد دعمها وتجارتها عبر الحدود في استقرار حكمه. ولكن خان يبدو واعيا بحدود العلاقة الايرانية.

وقال انه عندما عاد لمحاربة طالبان بداية العام الماضي، رفض الايرانيون السماح له بعبور الحدود، مما اجبره على اختيار طريق يستغرق 22 يوما عبر طاجيكستان ووادي بانشير حتى اواسط افغانستان. وهذه الرحلة كانت كلها مشيا على الاقدام بدلا عن رحلة 4 ساعات عبر الحدود، «يمكنك اذن ان تقدر حجم العون الذي قدمته لنا ايران».

ويقول معاونوه انه قادر على الاحتفاظ بمسافة مناسبة مع ايران. قال محمد افضل، ممثله الرئيسي للشؤون الخارجية: «معروف انه اعلن انه لا يحق لأحد ان يتدخل في بلادنا. وهو يعني ايران تحديدا بهذا التصريح».

وقال احد كبار قادته العسكريين، ظاهر يأن عظيمي، ان خان يواجه توازنا دقيقا بين ايران وأميركا. «فالولايات المتحدة ضد طالبان وهي قوية جدا. ودورها الاساسي هو مساعدة الشعب الافغاني، وهي صديق جيد وحميم. ولكن يجب كذلك الا نفقد ايران، لان ايران ساعدتنا هى الاخرى».

في البداية كان خان غاضبا من الطريقة التي قسمت بها السلطة في الحكومة المؤقتة، والتى اعطت الغلبة للطاجيك من وادي بانشير. وكاد ان يقاطع مراسم التنصيب في ديسمبر (كانون الاول) لولا ان المسؤولين الاميركيين اقنعوه بالحضور. وهو يقول ان خلافاته مع المسؤولين الدوليين تنحصر حاليا في معارضته لارسال مراقبين دوليين الى مدينة هرات.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»