دور سينما مقديشو تعرض فيلم «بلاك هوك داون» وحكام الطائرة ما زال موجودا ومحاطا بأسلاك شائكة

TT

بدأ العرض الاول لفيلم «بلاك هوك داون» في مقديشو يوم الاثنين، بدون علم هوليوود، في نفس الحي الذي شاهد المعركة التي جرت عام 1993 وادت الى مقتل 18 جنديا اميركيا ومئات من الصوماليين.

وتجدر الاشارة الى ان التوتر بين الولايات المتحدة والصومال قد تصاعد مرة اخرى، هذه المرة بخصوص احتمال ان انتشار الفوضى في الصومال يقدم مأوى الى ارهابيي «القاعدة»، وان القوات الاميركية ربما تصل بحثا عنهم.

وبسرعة امتلأت دار سينما «نيو بوزيمو شيينمو» في شارع 26 يونيو بـ 200 شخص دفعوا 10 سنتات ثمنا للتذكرة، ولم يشعروا بأي ضيق عندما تأخر عرض الفيلم لمدة 40 دقيقة لانه كان على الموزع ان ينسخ عدة نسخ كاسيت من «الفيديو» ديسك الذي وصل قبل وقت قليل عبر رحلة جوية من ابو ظبي. (مثلما يحدث في عديد من الدول الفقيرة، الفيلم الذي يعرض تم الحصول عليه بطريقة غير قانونية من اقراص او كاسيتات اعدت خلال عرض الفيلم في دور العرض الاميركية).

وقال خليفة علي محمد نائب مدير السينما «كانت كل دور العرض تتنافس للحصول على هذا الفيلم».

وكان الجميع يترقب عرض الفيلم. الصوماليون الذين يتذكرون برعب القوات الاميركية وهم يطاردونهم ويقصفون احياءهم، وامراء الحرب الذين ساهمت قواتهم في اسقاط طائرتي الهليكوبتر في 3 اكتوبر (تشرين الأول) عام 1993، وحاربت القوات الاميركية في الساعات والايام التالية.

ولم يشاهد عثمان علي عاتو وهو واحد من مشاهير امراء الحرب الذين شاركت قواتهم في هذه المعارك، الفيلم بنفسه، ولكنه ذكر انه سمع من صديق في لندن ان الفيلم قدمه بطريقة متحاملة. وقال «انه ربما يرفع قضية على المنتجين، بعدما يشاهد الفيلم».

واضاف انه لم يسمح بتصويره في الفيلم ولم يقابله احد بخصوص دوره.

واوضح ان المعلومات التي قدمها الفيلم كانت صحيحة بخصوص القبض عليه منذ 21 سبتمبر (ايلول) عام 1993 وانه سجن في جزيرة خلال المعركة. ولكنه لم تعصب عيناه ولم تقيد يداه. ولم يذكر الفيلم ان القوات الاميركية قصفت اطراف الجزيرة لمنع رجال من انقاذه.

وفي مقديشو، لا تزال الشكوك تجاه الاميركيين قوية. فخلال عرض الفيلم غطى العديد من الشباب الذين كانوا في دار العرض وجوههم بقمصانهم عندما شاهدوا مراسل الصحيفة يقف في دور العرض.

واوضح حرس امن الموقف بقوله «لا يريدون ان يشاهدهم اميركيون. فهم يخشون من القصف. ففي المرة الاخيرة التي وصل فيها الاميركيون الى هنا، جاء رجال الاعلام اولا ثم الجنود. في البداية كان السلام، ثم بدأوا في قتلنا».

وذكر عدد من الصوماليين انهم سمعوا من قبل من اقارب في اميركا ان الفيلم يصف الصوماليين بالوحشية. وقد طالب مركز الدفاع عن الصوماليين في سانت بول بولاية مينسوتا، مقاطعة الفيلم قائلا انه يصور الصوماليين وكأنهم «مجموعة من المتوحشين يطلقون النار على بعضهم البعض».

واقرب شيء في مقديشو الى نصب تذكاري للمعركة وبحث القوات الاميركية عن الجنرال عيديد هو جزء من حطام طائرة هليكوبتر قادها مايكل دورانت الطيار الذي اسر في معركة 1993. وتجدر الاشارة الى ان قصة الهليكوبتر المعتمدة صدرت في كتاب من تأليف مارك بودن هي التي اعتمد عليها الفيلم.

ويستند الحطام الى السور الجنوبي لمنزل احمد وهلية. ولكي يمنع اي شخص من سرقته، احاطت الاسر الحطام بأسلاك شائكة. وزرعت صبار حوله. وتشعر اسرة وهليا بالغضب من انتاج مثل هذا الفيلم. وتقول زهرة عبد الكريم وهليا (35 سنة) «لقد قتل 7 اشخاص من اسرتنا، 4 كبار وثلاثة اطفال. ومنذ ذلك الوقت، لم يأت الينا احد ويسألنا عن احوالنا».

وتعتمد الاسرة على وظائف بسيطة. فبعض نساء الاسرة يشترين الطماطم والبطاطس من المزارعين ويعدن بيعه في الاسواق.

وتقول مريم شير قاضي وهي عجوز من افراد الاسرة «هذا هو المكان الذي وقعت فيه هذه المعارك. ولكن البعض الذين لم يشاركوا في تلك المعارك يحققون ربحا من هذا الحدث».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»