الصين تتهم لأول مرة بن لادن بتمويل جماعات إسلامية انفصالية وتعلن القبض على 155 تدربوا في أفغانستان

مراقبون يعتبرون الإعلان محاولة من بكين لتبرير قمع الحريات الدينية

TT

سعيا منها لتبرير معاملتها المتشددة مع المسلمين الذين يعيشون في اقليم سينكيانغ، اكد مسؤولون صينيون ان اسامة بن لادن كان يمول ويدعم مجموعة انفصالية صغيرة، كما قالوا ان السلطات الصينية القت القبض على ما يزيد على 100 ارهابي تدربوا في معسكرات بافغانستان.

وفي تقرير جديد اكدت الحكومة الصينية ان بن لادن نفسه التقى متشددين مسلمين صينيين وان «الارهابيين التابعين لشبكة بن لادن وقادة طالبان» خصصوا مبلغا ماليا ضخما لتدريب «ارهابيي تركستان الشرقية». و«تركستان الشرقية» هي التسمية التي يفضلها بعض من اقلية اليوغور العرقية لوطن منفصل لهم في سينكيانغ.

ووصف التقرير، الذي استخدم مصطلحات حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب، ان العناصر الارهابية في تركستان الشرقية اسست منذ عام 1998 ما يزيد على 12 معسكرا داخل الصين للتدريب على مهارات مثل صنع المتفجرات.

وهذه هي المرة الاولى التي تنشر فيها معظم هذه الادعاءات بصورة رسمية وعلنية. ويعتقد المراقبون ان هذه اول محاولة مباشرة من جانب الحكومة الصينية لربط وتبرير حملتها المتشددة على افراد مجموعة اليوغور العرقية في سينكيانغ بالحملة الاميركية ضد تنظيم «القاعدة» التي يتزعمها بن لادن.

الجدير بالذكر ان المسؤولين الصينيين كانوا قد دافعوا مرارا منذ 11 سبتمبر (ايلول) الماضي عن حملة الاعتقالات والمراقبة ضد المسلمين بزعم انها جزء من المساعي الدولية ضد الارهاب. وفيما قال المسؤولون ان مواطنين صينيين حاربوا في صفوف قوات طالبان، فإنهم لم يتحدثوا عن أي مشاركة لهؤلاء مع شبكة «القاعدة».

وكانت مجموعات تعنى بحقوق الانسان ودبلوماسيين قد انتقدوا الصين بسبب استخدامها الحرب ضد الارهاب كذريعة لقمع الحرية الدينية وصوت اقلية اليوغور التي سبق ان عبرت عن تذمرها. وصرح دبلوماسي مطلع على التطورات في اقليم سينكيانغ بأن حملة الاعتقالات التي حدثت في اوساط مسلمي سينكيانغ، الذين تتحدر غالبيتهم من اقلية اليوغور، قد زادت حدتها خلال الاسابيع الستة السابقة. وانتقدت المجموعات التابعة لاقلية اليوغور في المنفى من جانبها التقرير الذي اصدرته السلطات الصينية. فقد اكد ديليكسيادي رشيد، المتحدث أمس بـ«مركز تركستان الشرقية للمعلومات» بالسويد نفيه القاطع بشأن مساعدات بن لادن لمجموعة انفصالية في سينكيانغ. ويعتقد رشيد ان السبب وراء ادعاءات السلطات الصينية يرتبط بالحملة المتشددة التي تستهدف أي شخص يمارس حرية التعبير للمطالبة بالحكم الذاتي واتهامه بارتكاب جرائم ارهابية.

واقلية اليوغور مجموعة عرقية تتحدث اللغة التركية ويعتنق افرادها الاسلام، بيد انهم بصورة عامة لم يبدوا اهتماما بالاسلام الاصولي بل اهتموا في الاساس بالحفاظ على لغتهم وثقافتهم بصورة جعلت البعض يطالب بالاستقلال عن الصين. ويعزي اكاديميون يدرسون شؤون اليوغور المشاعر القوية المؤيدة للغرب في اوساط المجموعة الى الاعتقاد الواسع وسط افرادها في ان الضغوط الاجنبية وحدها هي الكفيلة بتسليط الضوء على محنتهم.

وكان المسؤولون الصينيون قد قدروا منذ 11 سبتمبر الماضي عدد افراد مجموعة اليوغور الذين يقاتلون مع حركة طالبان بـ500 الى .1000 كما ان مسؤولين اميركيين اكدوا انه جرى اكتشاف بضعة اشخاص يحملون جوازات سفر صينية وسط مقاتلي القاعدة في افغانستان.

ويقول خبراء صينيون ان عدد افراد مجموعة اليوغور العرقية الذين تلقوا تدريبا في معسكرات داخل افغانستان يقدر عددهم بـ«عشرات» فقط، كما يرى رشيد انه حتى اذا كان هناك عدد ضئيل من هؤلاء، فإن ذلك لا يعكس بالضرورة وجود ظاهرة تطرف منتشرة في اوساط اليوغور او تآمرهم مع الارهابيين.

واشار رشيد الى انه ذهب الى افغانستان خلال حقبة الثمانينات من القرن الماضي للمشاركة في الحرب ضد القوات السوفياتية السابقة، اذ ان هذا التوجه وجد تأييدا من الصين والولايات المتحدة على حد سواء. واضاف رشيد ان افرادا آخرين من مجموعة اليوغور تسللوا عبر الحدود الى افغانستان فرارا من القمع الديني.

ولا يعرف رشيد على وجه التحديد عدد هؤلاء، لكنه اكد انهم ليسوا كثيرين، مشيرا الى انهم لا يمثلون بأية حال مجموعة اليوغور او تطلعاتهم. واوضح ان من يرى ان هذا العدد الضئيل يمثل مجموعة اليوغور بكاملها، فإن ذلك يعني ان الشاب الاميركي جون ووكر، الذي القي عليه القبض وهو يقاتل في صفوف حركة طالبان، يمثل كل الاميركيين.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»