دفاع الأميركي ـ الأفغاني سيعتمد في محاكمته على إثبات أنه شخص بريء غررت به منظمة إرهابية

أمه تؤكد حبها غير المشروط لابنها ووالده يؤكد أن جون ليند بريء ويحب بلاده ولم يقصد الإضرار بأي أميركي

TT

جون (ووكر) ليند الاميركي ـ الافغاني الذي كان يقاتل في افغانستان مع طالبان واعتقلته القوات الاميركية في مزار الشريف، يبدو شاحبا ومشوشا بدون ذقنه وشعره الطويل وهو يدخل قاعة المحكمة في مدينة الكسندريا اول من امس ليبدأ دفاعه ضد الاتهامات بأنه ساعد منظمات ارهابية وتآمر على قتل ابناء بلده.

وكان يرتدي بذلة سجن ذات اكمام قصيرة باللون الزيتوني عليها عبارة «سجين» باللون الابيض، صاحبه اثنان من رجال الشرطة الاتحادية. ولم تكن يداه ولا قدماه مقيدة. وكانت عيناه ترمشان بصورة متكررة ولم ينظر الى اي شخص في قاعة المحكمة، بمن فيهم والداه، اللذان شاهدهما قبل بداية الجلسة عبر قاطع زجاجي. وكانت هذه هي المرة الاولى التي شاهدوا بعضهم البعض خلال عامين.

وقال جون ليند، وهو في العشرين من عمره، بصوت هادئ ذي لهجة اجنبية بعض الشيء انه يفهم التهم الموجهة اليه.

وقال للقاضي «نعم افهم، شكرا» في ما يعرف رسميا باسم «جلسة هوية» وهي تعقد لشرح التهم له وضمان وجود محام يتولى الدفاع عنه.

وبعد جلسة المحكمة وقفت امه خارج قاعة المحكمة تحت الامطار، واعلنت حبها غير المشروط لابنها بينما اعلن والده براءة ابنه.

وقال ابوه فرانك ليند «جون يحب اميركا. جون لم يقم بأي شيء ضد اميركا. وجون لم يحمل السلاح ضد اميركا. ولم يقصد ابدا الاضرار بأي اميركي، ولم يلحق الضرر بأي اميركي. جون برئ من هذه التهم».

ووصف فريق الدفاع عن ليند المكون من 5 محامين القضية بأنها قضية القرن الجديد. وذكر جيمس بروسناهان رئيس فريق الدفاع «ان الشعب الاميركي يحب جلسات المحاكم، هذا هو السبب وراء وجود العديد من شبكات التلفزيون. وكان بروسناهان يتحدث خارج قاعة المحكمة لاكثر من 200 صحافي. «حتى تتمكنوا من متابعة هذه القضية. يجب الحضور. هناك شهود وعملاء مكتب المباحث الفيدرالي. وسيتم استجوابهم واعادة استجوابهم».

ولمح بروسناهان الى ان الدفاع سيعتمد في مرافعته على مفهوم ان جون شخص بريء كان في الخارج وغرر به للانضمام لشبكة ارهابية عالمية. واضاف المحامي ان المحلفين سيستمعون الى «ماذا حدث لجون ليند»، ملمحا ان ليند كان مجرد متفرج سلبي.

ولم يذكر بروسناهان ما اذا كان سيسعى الى المطالبة باذاعة المحاكمة. وتجدر الاشارة الى ان المحاكمات الفيدرالية لم تذع من قبل. كما انه من غير المعروف ما اذا كانت ستعقد محاكمة ام لا. فيمكن ان تقود المفاوضات الى تسوية بدلا من المحاكمة، غير ان بروسناهان لم يقترح مثل هذه الافكار.

واكد ان موكله حرم من تمثيل محام له خلال استجوابه. «فقد احتفظت حكومة الولايات المتحدة بجون ليند لمدة 54 يوما بدون محام». وكان يسميه باسم العائلة. وصحح الصحافيين عندما اشاروا اليه بجون ووكر الاسم الذي استخدمته الحكومة في بياناتها عنه. «وقال انه طالب بمحام لتمثيله فورا تقريبا، يوم 2 او 3 ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وقد احتجز لمدة 54 يوما في سجن انفرادي».

وقد استجوبه مكتب المباحث الفيدرالي في افغانستان يومي 9 و10 ديسمبر الماضي. وتبين من عريضة ادعاء من 12 صفحة ان مكتب المباحث ذكر ان ليند ابلغ بحقه في الحصول على محام وقد فهم تلك الحقوق وتخلى عنها. وذكرت العريضة التي تقدمت بها الحكومة انه وقع على طلب يتنازل فيه عن حقوقه ويوافق على استجواب مكتب المباحث الاميركي معه بدون وجود محام.

وذكر الخبراء القانونيون ان بروسناهان كان يحاول ان يؤكد ان موكله اقر بتلك البيانات كراهية. وتجدر الاشارة الى انه اذا كانت تلك البيانات تم التوصل اليها كراهية، فإن ذلك يلغي المحاكمة وعلى الحكومة اعادة طرح القضية مرة اخرى. وتجدر الاشارة الى انه لم يتم اختيار القاضي الذي سينظر القضية. وسيتم الاختيار من بين قضاة المحكمة الجزئية وعددهم اربعة، وبطريقة عشوائية.

وجون ليند شاب كاثوليكي اعتنق الاسلام عام 1997 وهو في السادسة عشرة من عمره، وفي الوقت الذي يصف فيه المدافعون عنه حياته بأنه باحث روحي، فإن الشكوى التي تقدمت بها الحكومة ضده تشير الى انه خلال الاستجواب في افغانستان ذكر جون ليند انه تدرب على استخدام المتفجرات والاسلحة النارية في معسكر ارهابي تديره شبكة «القاعدة»، وانه حارب جنبا الى جنب مع قوات طالبان قبل اسره، وانه التقى بأسامة بن لادن ويعرف ان بن لادن امر بالهجمات الارهابية ضد الولايات المتحدة.

والتهم الموجهة ضده كما عرضت امام المحكمة الجزئية للمنطقة الشرقية في ولاية فرجينيا هي: التآمر على قتل اميركيين خارج الولايات المتحدة، وهي تهمة تصل عقوبتها الى السجن مدى الحياة، وتقديم موارد ومواد داعمة الى منظمة ارهابية اجنبية، هي حركات المجاهدين وهي تهمة تصل عقوبتها الى السجن عشر سنوات، وتقديم دعم مادي الى منظمة ارهابية اخرى هي شبكة القاعدة والحد الاقصى لعقوبتها هو السجن مدى الحياة (عقوبة اكثر تشددا بسبب طبيعة القاعدة) وتقديم بضائع وخدمات الى طالبان وهي عقوبة يصل الحد الاقصى لها الى 10 اعوام. وعلى صعيد آخر دافع جون اشكروفت وزير العدل الاميركي عن تعامل وزارة العدل الاميركية مع القضية. وقال ان ليند «اختار الانضمام الى الارهابيين الذين يريدون قتل الاميركيين». واضاف اشكروفت «انه اختار التنازل عن حقه في الحصول على محام، شفهيا وخطيا، قبل بيانه الى مكتب المباحث الفيدرالي». واضاف ان ليند «مسؤول عن هذه الاختيارات في المحاكمة».

وتجدر الاشارة الى انه لدى الحكومة مهلة لمدة شهر لتوجيه الاتهام الى جون ليند. وكان القاضي في جلسة الاستماع التي عقدت يوم الجمعة قد حدد يوم 6 فبراير (شباط) للجلسة القادمة. واذا سلمت هيئة المحلفين الكبرى الاتهام قبل ذلك، فسيتم التخلي عن جلسات الاستماع المبدئية وتبدأ محاكمته.

والمعروف ان المرافعات المبدئية ستكون حول بيان جون ليند الى مكتب المباحث الفيدرالي الذي ذكر الخبراء انه الامر الذي يمكن ان يؤدي الى عقد المحكمة من عدمه. وقال البروفسور ليون فريدمان من كلية الحقوق بجامعة هوفسترا ومؤلف كتاب «قانون الحرب» ان على بروسناهان ان يجادل حول مصداقية البيان «لانه لو ضمت هذه البيانات الى ملفات القضية، فقد انتهت اللعبة».

وقال هورد كوشنر رئيس قسم العدالة الجنائية في جامعة لونغ ايلاند بولاية نيويورك والخبير في قضايا الارهاب، ان القضية تثير «اسئلة دستورية في غاية العمق» حول ما اذا كان لاميركي قبض عليه وهو يحارب بلده الحق في نفس وسائل الحماية القانونية التي يمكن الحصول عليها في الولايات المتحدة.

وبالرغم من ذلك فإن كوشنر قال ان استراتيجية الدفاع تبدو انها مستعدة لاثارة مثل هذه الاسئلة. واوضح ان محاميه «يريد من الناس الاعتقاد بأنه اذا كانت الحكومة متأكدة من انه مذنب بهذا الشكل، فلماذا لم تعطه الحق في الحصول على محام يمثله؟».

ويتفق فيلب هيامان وهو نائب المدعي العام الذي يتولى التدريس في كلية القانون في جامعة هارفارد بوجود «الكثير من الشكوك» بخصوص ما اذا كانت الحماية القانونية تطبق على معركة ضد بلد المتهم.

وقال «اذا كنت في وضع حرب مع منظمة ارهابية واراد الناس التحقيق معك لمنع المزيد من العمليات الارهابية، فإن عدم وجود محام ليس ظلما او غير قانوني».

وذكر المحامون ان الدفاع يحاول تحويل ليند الى شخصية عادية وانه اذا لم يتعاطف الناس معه، فيمكنهم على الاقل التعاطف مع امه مارلين ووكر التي قالت انها لم تشاهد ابنها لمدة عامين.

وقالت امه وهي تحاول السيطرة على مشاعرها «لقد كان الامر رائعا عند مشاهدته هذا الصباح. حبي له غير مشروط ومطلق وانا احمد الله انه اعيد للوطن ولاسرته».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»