مسؤولون أميركيون: أبو زبيدة فلسطيني غامض لم يهتم بإقامة دولة فلسطينية

أصبح مسؤول عمليات تنظيم «القاعدة» ويحاول إعادة تنظيم بقايا قواتها

TT

يقول المسؤولون الاميركيون ان فلسطينيا غامضا، عمره 30 سنة، يجوب العالم بجوازات السفر المزورة والاسماء الحركية، هو المسؤول الجديد عن العمليات العسكرية لتنظيم «القاعدة» الارهابية. ويقال ان هذا الرجل يحاول الان اعادة تنظيم بقايا قوات «القاعدة» للقيام بهجمات جديدة ضد الولايات المتحدة. وقد اتضح ان الفلسطيني ابو زبيدة على صلة مباشرة بهجمات 11 سبتمبر (ايلول). كما اكتشفت بصماته في هجمات عديدة على اهداف اوروبية كان من المفروض ان تحدث العام الماضي، بما فيها هجوم على السفارة الاميركية بسراييفو عاصمة البوسنة في موعد لاحق لهجمات سبتمبر.

ومع ان الهجمات على الاهداف الاوروبية اجهضت نتيجة اعتقال المخططين، الا ان المسؤولين الاميركيين يقولون انهم متاكدون ان ابو زبيدة يحاول الان تفعيل بعض الخلايا النائمة لتنظيم «القاعدة» لتنفيذ الهجمات على الولايات المتحدة وحلفائها. ويقول المحققون ان ابو زبيدة شخصية خطيرة الى ابعد الحدود وانهم حريصون على القبض عليه لانه من قادة «القاعدة» القلائل الذين يعرفون آلاف المجندين الارهابيين الذين تخرجوا من معسكرات «القاعدة» بافغانستان. ويقولون ان هؤلاء المجندين عادوا الان الى اوطانهم وهم في انتظار الاوامر التي تصدر لهم.

وقال احد كبار المسؤولين في سلطات تطبيق القانون في الولايات المتحدة «انه خطر بنفس درجة كل اولئك الذين ظللنا نبحث عنهم بما في ذلك بن لادن نفسه. وان ضآلة معلوماتنا عنه تبعث على الخوف».

ويقول المسؤولون عن تطبيق القانون ومسؤولو المخابرات انهم على يقين ان ابو زبيدة قد خلف محمد عاطف، الذي توفي اثناء القصف الاميركي لافغانستان في نوفمبر (تشرين الثاني)، في تولي مسؤولية العمليات العسكرية للقاعدة. وكان محمد عاطف، المصري الجنسية، وهو اكبر شخصية من زعماء «القاعدة» قد اعلن موته حتى الان، نتيجة العمليات العسكرية الاميركية.

وقد صار ابو زبيدة واحدا من كبار مساعدي بن لادن منذ اواخر التسعينات، ويعتقد المسؤولون الاميركيون انه كان بجانب بن لادن اثناء هجمات سبتمبر الارهابية. ويبقى مكان ابو زبيدة مجهولا حاليا، الا ان المسؤولين في ادارة بوش يقولون انه ربما يكون قد هرب الى باكستان. ويقول المسؤولون الاميركيون انه كان سهلا على ابو زبيدة ان يهرب بعد 11 سبتمبر، من بين كل زعماء «القاعدة» الاخرين، وذلك لحرصة الدائم على تفادي آلات التصوير وتعمية كل التفاصيل الخاصة بهويته الحقيقية. ومع ان وكالات المخابرات الاميركية تملك بعض الصور لابو زبيدة الا ان تلك الصور لم تنشر مطلقا.

ويصفه المسؤولون الاميركيون بانه طويل ونحيل وفاتح البشرة، ولكن من المعتقد انه غير مظهره مؤخرا. وهو يتحدث شيئا من الانجليزية. واستخدم ابو عبيدة عدة اسماء حركية وعددا من الجوازات المزورة في السفر بين الدول وتجاوز سلطات الامن بالمطارات. ومع انه كان الاكثر اسفارا من بين كل زعماء «القاعدة»، للاضطلاع بواجباته في الربط بين خلايا «القاعدة» في مختلف الدول، الا انه تمكن مع ذلك من ان يتفادى الرقابة. وكان من الصعوبة بمكان متابعة نشاطه عبر السنين حتى ان وزارة العدل لم تورد اسمه في كل لوائح الاتهام او قوائم المطلوبين من بين قادة «القاعدة». ونسبة لانه لم توجه له تهم علنية لم يكن من الممكن ايراد اسمه ضمن قائمة «اخطر المطلوبين» التي اصدرها مكتب المباحث الاميركية الفيدرالية في اكتوبر (تشرين الاول). ويقال انه يعرف باكستان معرفة جيدة، ان اسمه الحقيقي هو زين العابدين محمد حسين ابو زبيدة.

ظل ابو زبيدة يمارس نشاطه لعدة سنوات اثناء التسعينات من مدينة بيشاور بشمال باكستان، من معسكر للقاعدة يسمى «بيت الشهداء». وكانت مهمته فحص الاف المتطوعين للقتال في صفوف «القاعدة» وارسالهم الى معسكرات التدريب في افغانستان المجاورة. ويقول المسؤولون الاميركيون انه كان مسؤولا ايضا عن معسكر الخالدين. ولكن الدور الاكثر اهمية الذي كان يضطلع به هو تنوير المقاتلين بعد حضورهم من التدريب. وهو الذي كان يحدد لهم مهامهم في الاتصال بخلايا «القاعدة» في كل انحاء العالم. ونسبة لانه كان منسق العمليات الخارجية للمنظمة فربما يكون على معرفة لصيقة بكل المجموعات العاملة خارج افغانستان من مقاتلي «القاعدة»، حسب اعتقاد المسؤولين الاميركيين.

وقال مسؤول اميركي: «لعب هذا الرجل دورا كبيرا في تجنيد وتدريب وترحيل المقاتلين الجدد في صفوف «القاعدة» خلال عدة سنوات».

ولكن بالرغم من دوره المميز وقربه من بن لادن، الا ان المسؤولين لا يعرفون الا القليل عن خلفيته الدراسية او الاجتماعية. ويعتقد انه ولد في الرياض، لاسرة فلسطينية ميسورة. وربما يكون هو واسرته قد عاشوا لبعض الوقت في قطاع غزة. ولا يوجد ما يشير الى انه اشترك باي مستوى في النشاطات العنيفة للمنظمات الفلسطينية في شبابه.

وقال مسؤول كبير في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش: «انه مثير للاهتمام لانه لم يتبع الطريق التقليدي الذي يقود الفلسطينيين الاخرين الى الارهاب. لم يكن هدفه الاساسي في أي يوم من الايام اقامة دولة فلسطينية. قضيته المركزية كانت على الدوام التطرف الاسلامي».

ويقول المسؤولون الاميركيون ان ابو زبيدة كان في العشرينات عندما تعرف على بن لادن ولكنه قفز بسرعة في البناء الهرمي لـ«القاعدة». وقد انتبهت له سلطات مكافحة الارهاب الاميركية لاول مرة عندما تلقت تقارير تشير الى انه هو الذي لعب دور المنسق فيما يسمى بهجمات الالفية التي كانت ترمي الى تفجير مطار لوس انجليس الدولي وبعض المواقع السياحية في الاردن عام .1999 وقد اجهضت تلك الهجمات وحكم عليه منذ ذلك الوقت بالاعدام غيابيا في الاردن.

ولكن بالرغم من فشل مخطط الالفية الا ان المسؤولين الاميركيين توصلوا الى ان ابو زبيدة اصبح عضوا في الثالوث المقرب لابن لادن، وانه اصبحت توكل اليه اكثر المهام حساسية. وقبيل هجمات 11 سبتمبر، كان محمد عاطف وايمن الظواهري، هما الوحيدين اللذين يجيئان قبل ابو زبيدة في الدائرة المقربة لابن لادن.

ويقول المسؤولون في سلطات تطبيق القانون الاميركية انهم واثقون ان ابو زبيدة قد اوكلت له بالفعل مهمة تنظيم هجمات ارهابية جديدة، وقالوا انهم اكتشفوا صلته بهجومين كان من المقرر تنفيذهما في اوروبا العام الماضي. احد هذين الهدفين كان السفارة الاميركية في باريس، والاخر هو السفارة الاميركية في البوسنة. وقد وجد رقم هاتفه الجوال المرتبط بالاقمار الصناعية في ذاكرة الهاتف الجوال لقائد عملية البوسنة. وقال المسؤولون ان صلته بهجوم باريس ثبت من خلال الاعترافات التي ادلى بها احد المتهمين.

وكان اول من اورد اسم ابو زبيدة بصورة علنية هو احمد رسام، الجزائري الذي اعترف بدوره الارهابي، والذي ادين بداية هذا العام بالتخطيط لتفجير مطار لوس انجليس الدولي في احتفالات الالفية. وقال رسام انه التقى بأبو زبيدة لاول مرة عام 1998، عندما كان يعبر باكستان في طريقه الى معسكرات تدريب «القاعدة» في افغانستان. وكان رسام قد ذهب الى افغانستان من كندا حيث طلب حق اللجوء السياسي منتصف التسعينات.

ونقل عن رسام قوله: «انه (أبو زبيدة) المسؤول عن المعسكرات. انه يستقبل الشباب من كل انحاء العالم. وهو الذي يحدد من يقبل ومن يرفض. وهو الذي يشرف على كل نفقات المعسكرات. وهو الذي يقوم بالاجراءات لسفرك سواء كنت قاصدا المعسكرات او عائدا منها».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»