مصادر في الاستخبارات الباكستانية تعتبر مقتل بيرل في باكستان جزءا من عملية أوسع

* الشرطة تلاحق 7 مطلوبين بينهم عربي وتخشى ألا تعثر على جثة الصحافي الأميركي * معلومات أشارت إلى أن المطلوبين حاربوا في الشيشان وأفغانستان وكشمير و«زاروا» دولة واحدة على الأقل في الخليج

TT

تواصل الشرطة الباكستانية تحقيقاتها في قضية اختطاف الصحافي الاميركي دانيال بيرل حتى بعد اعلان مقتله بيد خاطفيه الخميس الماضي. وفي هذا السياق وبينما اعلنت مصادر الشرطة الباكستانية انها تلاحق سبعة اشخاص على الاقل في اطار تحقيقاتها بينهم عربي، نسب الى مصادر في الاستخبارات ان مقتل بيرل يندرج في اطار عملية اوسع وان الخاطفين زاروا دولة واحدة على الاقل في الخليج. وستة من الذين تلاحقهم الشرطة يشتبه في انتمائهم الى جماعة تطلق على نفسها اسم «الحركة الوطنية من اجل استعادة السيادة الباكستانية» زعمت انها اختطفت في 23 يناير (كانون الثاني) في كراتشي (جنوب باكستان) الصحافي الاميركي الذي اتهمته بأنه جاسوس للاستخبارات الاميركية في البداية ثم للاستخبارات الاسرائيلية بعد ذلك. وكان وزير الداخلية معين الدين حيدر قد اعلن اول من امس ان الشرطة تبحث عن اربعة متهمين بعد تأكيد مقتل الصحافي الاميركي الذي وصل الى المحققين بشكل شريط فيديو يظهر كيف قتل على ايدي خاطفيه. وقال احد المحققين امس ان الشرطة تبحث ايضا عن رجل عربي يشتبه في أنه شارك في عملية الخطف، لكنه رفض كشف هوية الرجل وجنسيته، مؤكدا ان ذلك يمكن ان يسيء الى سير التحقيق. وتعتقد مصادر الاستخبارات ان المطلوبين من العناصر الاصولية المتمرسة التي قاتلت في كشمير وافغانستان والشيشان. وحسب مصادر الشرطة فان التحقيقات امتدت الى بلدة بيشاور على الحدود مع افغانستان التي يعتقد ان الخاطفين يختبئون فيها. وقال مصدر ان التركيز الآن «هو بشأن العثور على الجثة». وتابع «لكننا نشعر بتشاؤم شديد بشأن العثور على الجثة لاننا نعتقد انه قتل قبل اكثر من اسبوع». وفي هذا السياق تستجوب الشرطة الشخص الذي اوصل شريط الفيديو الذي يصور قتل بيرل الى القنصلية الاميركية في كراتشي مساء الخميس الماضي.

وكانت الشرطة الباكستانية قد اوقفت المشتبه فيه الرئيسي في تنظيم عملية الخطف المتشدد البريطاني المولد الشيخ عمر (28 عاما) في 12 فبراير (شباط) الحالي في لاهور بشرق البلاد. لكن المحققين لم ينجحوا خلال شهر من عمليات البحث في العثور على اي اثر للصحافي المخطوف. ومن المقرر ان يمثل الشيخ عمر غدا للمرة الثانية امام احدى محاكم كراتشي بعدما اعترف خلال جلسة اولى في 14 فبراير بأنه يقف وراء عملية الخطف. وسبق ذلك توقيف ثلاثة رجال في الخامس من الشهر الحالي اتهموا بالتواطؤ في عملية الخطف وبنشر رسائل الكترونية هدد فيها الخاطفون بقتل رهينتهم.

وكان الصحافي بيرل يعمل لحساب صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية وخطف في كراتشي فيما كان يقوم بتحقيقات حول المنظمات الاصولية. ويظهر شريط الفيديو عن مقتل الصحافي الاميركي ان خاطفيه قاموا اولا بذبحه ثم بقطع رأسه، بحسب وصف مكتوب ارسلته «وكالة اون لاين» الباكستانية. من جهتهم، قال مسؤولون اميركيون شاهدوا شريط الفيديو ان الخاطفين ارغموا بيرل على قراءة بيان يندد فيه بالدعم الاميركي لاسرائيل والوجود الاميركي في افغانستان قبل ان يذبحوه ويقطعوا رأسه امام الكاميرا. واضافوا ان بيرل يسمع وهو يقول انه ووالده، وهو اسرائيلي يعيش في لوس انجليس، يهوديان وبعد ذلك بلحظات، حسب احد المسؤولين، امسك احد الخاطفين فجأة بيرل من رقبته وهاجمه بوحشية بسكين. وحسب المسؤول فان البيان الذي طلب الخاطفون من بيرل تلاوته لا يبدو وكأنه من تنظيم «القاعدة» بزعامة اسامة بن لادن لكنه رفض الخوض في تفاصيل، مكتفيا بالقول «اذا كشفنا تفاصيل فان ذلك لن يخدم سوى الاشرار الذين يبحثون عن الدعاية». وفي باكستان اعتبر مقتل بيرل بمثابة انتقام لبعض المتطرفين من حملة الرئيس برويز مشرف على الارهاب وانضمامه الى المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة غداة اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي. ورد القادة الباكستانيون على عملية الاغتيال هذه، فأكد وزير الداخلية ان الحكومة ستتخذ «اجراءات اشد بكثير» ضد الجماعات الارهابية وتعهد مشرف بـ«تصفية الارهابيين» في بلاده. الا ان ماريان، ارملة بيرل، وهي صحافية ايضا وحامل في شهرها السابع بأول طفل للزوجين، اصدرت بيانا في نيويورك وصفت فيها جريمة قتل زوجها بأنها «عمل وحشي» لكنها رفضت فكرة الانتقام بوصفها سهلة للغاية. وقالت ان «الأهم بكثير في رأيي هو معالجة مشكلة الارهاب تلك بصدق كاف لبحث مسؤوليتنا الخاصة كدول وافراد عن زيادة الارهاب». وقالت انها تأمل في ان «تتمكن من ابلاغ مولودنا (المنتظر) بأن اباه حمل راية انهاء الارهاب مثيرا طلبا لم يسبق له مثيل بين الناس من كل الدول ليس من اجل الانتقام وانما من اجل القيم التي نتقاسمها جميعا وهي الحب والشفقة والصداقة».

الى ذلك، افادت صحيفة «نيويورك تايمز» امس بان الشيخ عمر قال للمحققين ان مقتل بيرل يندرج في اطار عملية اوسع تتضمن بالخصوص هجوما على القنصلية الاميركية في كراتشي. واكدت الصحيفة استنادا الى مسؤولين في اجهزة الاستخبارات والشرطة ان عمر اكد ان رأس بيرل قطع الشهر الماضي. وافادت المصادر نفسها ان الشيخ عمر كان عدواني اللهجة ولم يعرب عن اي ندم عندما روى تفاصيل المؤامرة المخططة على القنصلية الاميركية. ويبدو انه صاح في وجه المحققين «الا ترون ان ذلك لو حصل كان سيكون مثيرا جدا»، معربا عن اسفه لعدم تنفيذ هذا المشروع. وافادت مصادر الصحيفة ان المحققين استنتجوا استنادا لتنقلات الشيخ عمر، ان بيرل قتل ما بين 29 و31 يناير (كانون الثاني). وقالت ان الشيخ عمر بدا من الاول الى 12 فبراير (شباط) وكأنه يتفاوض مع مسؤولي اجهزة الاستخبارات ولكن يبدو الان ان ذلك لم يكن سوى خدعة لكسب الوقت كي يتمكن شركاؤه من الفرار. واعلن مسؤول في اجهزة الاستخبارت الباكستانية للصحيفة «ان التحقيق بات اكثر صعوبة من ذي قبل».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»