الفلسطينيون: انسحاب إسرائيل من جنين فخ وقوات الاحتلال تهدد بـ«حرب المخيمات» أخرى

حالة استنفار قصوى على طول الخط الأخضر تحسبا لعمليات انتحارية والاتحاد الأوروبي يدعو إلى الانسحاب الفوري من بلاطة وجنين

TT

في الوقت الذي اعلن فيه جيش الاحتلال الاسرائيلي انسحابه من مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية بعد ان استكمل المرحلة الاولى من عمله في المخيم حسب ناطق عسكري اسرائيلي وانه يستعد للمرحلة الثانية من «حرب المخيمات»، رفعت الاجهزة الأمنية الاسرائيلية امس من مستوى حالة الاستنفار في منطقة الوسط التي تطلق عليها اسم الشارون، وعلى طول الخط الأخضر خاصة المتاخم لشمال الضفة بزعم تلقيها تحذيرات حول خطط لعمليات انتحارية. وضاعفت الشرطة الاسرائيلية وحرس الحدود الدوريات وإقامة الحواجز في شوارع المنطقة. وقامت قوات اسرائيلية كبيرة بتمشيط منطقة مدينة الطيبة داخل الخط الأخضر المتاخمة لمدينة طولكرم بحثا عن فلسطينيين زعمت انهم تسللوا الى اسرائيل بنية تنفيذ عملية في منطقة الوسط والخط الأخضر.

وتواصلت امس عمليات المقاومة في مخيمي بلاطة وجنين، وقتل فلسطيني برصاص جنود الاحتلال امس في بلاطة بينما قتل آخران في مخيم جنين ليصل عدد الذين قتلوا خلال عمليتي اقتحام المخيمين الى 30 مقابل مقتل جنديين اسرائيليين باعتراف سلطات الاحتلال بينما الفلسطينيون يؤكدون ان عدد القتلى في صفوف الاسرائيليين تجاوز الستة، ويصرون على ان الاسرائيليين يتسترون على خسائرهم. ويتحدث الفلسطينيون عن اعطاب عدد من الآليات الاسرائيلية.

واصيب في مستوطنة غيلو في القدس، ثلاثة اسرائيليين جراء إطلاق النار عليهم من قبل الفلسطينيين، واسفر ايضا عن تضرر ثمانية شقق سكنية. كما اصيب صبي آخر عند تجدد إطلاق النار امس.

في غضون ذلك انضم الاتحاد الأوروبي في دعوته اسرائيل الى الانسحاب الفوري من مخيمي جنين وبلاطة في نابلس الى عدد من البلدان والمنظمات العالمية. واعربت رئاسة الاتحاد الأوروبي التي تتولاها اسبانيا في الدورة الحالية في بيان عن قلقها بشأن العواقب الخطيرة التي قالت انها قد تنجم عن توغل الجيش الاسر ائيلي في مخيمي بلاطة وجنين في الايام الماضية. وقال البيان «ان رئاسة الاتحاد الأوروبي تدعو الى انسحاب فوري للقوات والى امتناع اسرائيل عن القيام بأي عملية من هذا القبيل».

من جانبهم وصف الفلسطينيون زعم الجيش الاسرائيلي بالانسحاب من مخيم جنين وبعض اجزاء من مخيم بلاطة في نابلس، بأنه فخ ينصبه للمسلحين الفلسطينيين والمطلوبين يرمي الى اغرائهم بالعودة الى المخيمين وايقاعهم بفخ الاعتقال بعد ان فشلت محاولاته في اعتقال أي من المطلوبين حسب المصادر الفلسطينية.

وكان قائد كتيبة جولاني العقيد موشيه (تشيكو) تمير، قد اعلن امس ان الجيش استكمل المرحلة الأولى من عمله في مخيم جنين. واشار الى ان النشاط العسكري في المخيم لا يستهدف المواطنين غير المتورطين في العمليات، وانه تم الايعاز للجيش الاسرائيلي بالامتناع قدر الامكان عن التعرض للمدنيين. وزعم العقيد تمير بأن اكثر من 30 مسلحا فلسطينيا من بينهم أحد المسؤولين الكبار في الجناح العسكري لحركة حماس قتلوا خلال اجتياح المخيمين واصيب المئات.

واعترفت حماس باصابة المسؤول السياسي في الحركة في جنين الشيخ جمال عبد السلام أبو الهيجا بالرصاص الاسرائيلي خلال الهجوم على مخيم جنين لكنها لم تعترف بمقتل أحد قادتها العسكريين وتوعدت بالانتقام. وقالت الحركة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «ان القائد السياسي لحماس في محافظة جنين الشيخ جمال عبد السلام أبو الهيجا اصيب خلال معركة الدفاع عن مخيم جنين برصاص من نوع دمدم الامر الذي تطلب بتر يده اليسرى». واضافت «نؤكد للسفاح رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون ان ما اقترفه بحق شعبنا واصابة الشيخ جمال لن يمر من دون حساب». وطالبت حماس «المؤسسات الحقوقية والانسانية كافة بالتحرك الجدي لفضح جرائم وممارسات قوات الاحتلال».

وطالبت حماس السلطة الفلسطينية بتوفير العتاد والسلاح «للمجاهدين بدل ملاحقتهم والتضييق عليهم» وانهاء ما اسمته بـ«مهزلة اللقاءات الأمنية» التي عقد آخرها أول من امس عند معبر ايريز الفاصل بين شمال قطاع غزة واسرائيل. يذكر ان السلطة الفلسطينية اعلنت امس وقف جميع الاتصالات مع اسرائيل بما فيها اللقاءات الأمنية التي ترعاها الولايات المتحدة ردا على عدوانها على المخيمين.

وكان أحد قادة حركة فتح في مخيم بلاطة وهو حسام خضر عضو المجلس التشريعي الفلسطيني قد طالب السلطة والاجهزة الأمنية الفلسطينية بالمشاركة في الدفاع عن مخيمي بلاطة وجنين. وطالب خضر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» السلطة الفلسطينية باتخاذ قرار سياسي على المستوى الرسمي من اجل ان يكون هناك حضور للمؤسسة العسكرية الفلسطينية في معركة الدفاع عن المخيمات.

لكن خضر اكد ان بعض الاجهزة الأمنية شارك بقرار في معركة الدفاع عن مخيم بلاطة وان كثيرا من شرفاء وافراد الاجهزة الاخرى شاركوا بدون قرار. وخص خضر بالذكر جهازي الأمن الوقائي والاستخبارات اللذين شاركا بفعالية في التصدي للقوات الاسرائيلية الغازية.

وردا على ذلك قال العميد توفيق الطيراوي مدير المخابرات العامة في الضفة الغربية لـ«الشرق الأوسط» «ان الاجهزة الأمنية الفلسطينية بكل فروعها لعبت دورا كبيرا في الدفاع عن مخيمي بلاطة وجنين وانها كانت موجودة مع اهلها وابناء شعبها داخل المخيمات». واعرب العميد الطيراوي «عن اسفه لبعض الاصوات التي قال انها تخدم اسرائيل ولم تكن موجودة في المخيم اثناء اقتحامه من جانب قوات الاحتلال ونراها تطلق التصريحات بأن الاجهزة الأمنية لا تقوم بدورها».

وقال الطيراوي انه وخلال الـ 72 ساعة الماضية «استشهد 9 من أفراد الاجهزة الأمنية في بلاطة وجنين 7 منهم من الشرطة في جنين وضابط من قوات الـ17(حرس الرئاسة في بلاطة) وقائد الوحدة الخاصة في جهاز المخابرات في نابلس وهو النقيب عبد الرحيم يوسف الذي استشهد في بلاطة وهو يدافع عن أهله».

من جانبها دعت القيادة الفلسطينية هيئات حقوق الانسان في العالم الى ارسال وفود «لتقصي الحقائق حول جريمة العدوان الاسرائيلي على المخيمات واللاجئين ضمن خطتهم العسكرية الجديدة خاصة في مخيمي بلاطة وجنين وعلى مدننا ومخيماتنا وقرانا ومناطقنا في الضفة الغربية وقطاع غزة».

جاءت الدعوة في بيان لها نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» في ختام اجتماع القيادة في رام الله الليلة قبل الماضية لـ«هيئات حقوق الانسان في العالم كله الى ارسال وفود لتقصي الحقائق حول جريمة العدوان الاسرائيلي على المخيمات واللاجئين».

وعلى صعيد آخر نفى حسام خضر وهو من سكان مخيم بلاطة الذي لا يزال محاصرا ومحتلا ما زعمه الجيش الاسرائيلي بأنه استولى على مصنع للصواريخ والمتفجرات في المخيم. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» ان حديث الجيش الاسرائيلي عن مصانع السلاح والمتفجرات ليس الا محاولة لتبرير اعمال القتل والتنكيل وهدم المنازل التي لا يزال جنود الاحتلال يواصلونها في المخيم. وقال خضر «ان القصة الاسرائيلية هذه ملفقة وان ما جرى هو ان الجنود الاسرائيليين استطاعوا ان يصلوا الى بعض العبوات الناسفة التي زرعها المناضلون الفلسطينيون لمنع تفدم الدبابات كما احضروا مجموعة من الاسلحة من مخازنهم وعرضوها في مؤتمر صحافي بهدف التغطية على مجازرهم وتنكيلهم بالفلسطينيين في مخيمي بلاطة وجنين».

وتابع خضر القول «انني وان كنت اعترف بان اجتياح القوات الاسرائيلية للمخيم كان حدثا كبيرا ومؤلما الا ان هذا الاجتياح لم يؤد الى تحقيق الاهداف المرجوة منه والاغراض العسكرية الاسرائيلية المعلنة وهي اولا اعتقال المناضلين المطلوبين او تصفيتهم. وثانيا ضرب البنى التحتية للحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية بغية انهاء الانتفاضة».

واختتم خضر كلامه قائلا «ان حالة الاستنهاض النضالي التي احدثها حصار بلاطة خلال الاسبوعين الماضيين وصد المقاتلين لثماني محاولات اقتحام للمخيم، شكلا رافعة وطنية ومحطة اساسية لتشديد وتعزيز المقاومة والانتفاضة».

وكان الناطق العسكري الاسرائيلي قد زعم ان قواته تمكنت في مخيم بلاطة من ضبط 3 مصانع للعبوات الناسفة وصواريخ قسام التي ضبط منها 7 صواريخ 6 منها جاهزة. كما زعم بأن القوات الغازية عثرت على سيارة تحتوي على عبوة مفخخة وسبعة احزمة ناسفة.

واعلن الناطق ان الجيش سيكرر تجربة احتلال المخيمات في مناطق اخرى في الضفة وغزة. وقال انه مع انتهاء المرحلة الاولى في بلاطة وجنين سيبدأ المرحلة الثانية لضرب المخيمات الاخرى التي يستخدمها المسلحون الفلسطينيون.

وواصلت قوات الاحتلال حتى ساعة متقدمة من فجر امس مداهمة البيوت والاعتقالات في بلاطة وجنين. وعلم ان من بين المعتقلين الصحافيان عصري فياض واحمد نغنغية. كما واصلت هدم منازل الفلسطينيين الذين قتلوا اثناء تنفيذهم عمليات انتحارية منهم عبد الكريم أبو ناعسة عضو كتائب شهداء الاقصى الذي نفذ عملية اطلاق نار في مدينة العفولة بالتعاون مع عنصر من الجهاد الاسلامي واسفرت العملية عن قتل 4 واصابة اكثر من 24. ونسفت ايضا منزل محمود ابو الهيجا ونضال جرادات.

من ناحية ثانية عثر على جثة احد المختلين عقليا اثر اطلاق النار عليه من قبل قوات الاحتلال في مدينة جنين. وذكرت مصادر طبية فلسطينية انه عثر على جثة محمد مفيد (25 سنة) قرب ركام أحد المنازل التي دمرت. وقد اصيب مفيد وترك ينزف حتى لفظ آخر انفاسه. وفي مدينة الخليل اصيب خمسة وعشرون طالبا فلسطينيا بجراح عندما هاجمت قوات الاحتلال وعدد من المستوطنين احدى المدارس. واشارت المصادر الطبية في المدينة الى اصابة عدد من المدرسين والمدرسات. وفي قطاع غزة اصيب امس ثلاثة صبية فلسطينيين من عائلة واحدة بعد ان اطلق الجيش الاسرائيلي قذيفة باتجاه حي النمساوي في خان يونس.