القوات الإسرائيلية تعيد احتلال رام الله بالكامل وتقتل أكثر من 30 فلسطينيا

المقاومون يستخدمون لأول مرة قاذفات «آر بي جي» ويعطبون 3 دبابات * السلطة الفلسطينية تدعو المواطنين للمقاومة

TT

تشن اسرائيل اكبر عدوان عسكري لها منذ حرب لبنان عام 1982 ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مستخدمة كل ما في ترسانتها العسكرية من اسلحة برية وجوية وبحرية. وارتكبت امس والليلة قبل الماضية مجزرة جديدة ضد مخيم جباليا في شمال غزة، هي الابشع في «حرب المخيمات» التي بدأتها قبل اسبوعين في مخيمات الضفة الغربية، بلاطة وجنين ثم مخيمي طولكرم ونور شمس فالدهيشة وعايدة في بيت لحم. وبلغ عدد من قتل من الفلسطينيين على ايدي قوات الاحتلال في غزة والضفة ما لا يقل عن 30 فلسطينيا ووصلت اعداد الجرحى الى العشرات والمعتقلين الى المئات.

ويتصدى المقاتلون الفلسطينيون للقوات الغازية ببسالة. واستخدموا امس ولاول مرة قاذفات «آر بي جي» في المواجهات في رام الله ومخيم الامعري اسفرت حسب قول مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» عن اعطاب 3 دبابات، اثنتان منها على اطراف الامعري المتاخم لرام الله، والثالثة عند دوار الساعة في رام الله. ونفذ الفلسطينيون عمليتين انتقاميتين، احداها هجوم بالاسلحة الرشاشة على حافلة اسرائيلية تطور الى اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال استخدمت فيه القوات الاسرائيلية الدبابات وطائرات الهليكوبتر، في الجليل الغربي داخل الخط الاخضر، اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 7 اسرائيليين وجرح عدد اخر ومقتل منفذي العملية. والثانية مقتل مستوطن قرب مستوطنة كريات سيفر غرب رام الله وجرح آخر.

ووجهت السلطة الفلسطينية نداء إلى الفلسطينيين تدعوهم فيه الى مقاومة القوات الغازية. وهذه اول مرة يصدر عن السلطة مثل هذا النداء. بينما اعلنت كتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح، حالة الاستنفار العام ودعت الفلسطينيين «لحرب تحرير ضد حرب المجازر الصهيونية». وجاء اعلان كتائب الاقصى، التعبئة العامة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، وقال «ان كتائب شهداء الاقصى في فلسطين وهي تعلن استنفارها ضد هذا الاحتلال وممارساته الارهابية ومجازره المتصاعدة، فانها تدعو شعبنا للانضمام لجيشنا الشعبي وطلائعه القادمة من كل مكان حتى التحرير وازالة الاحتلال نهائيا واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الى ديارهم». ودعت السلطة مجلس الامن الدولي «الى اتخاذ اجراءات عاجلة لارسال مراقبين دوليين الى الاراضي الفلسطينية من اجل وقف المجارز»، وحملت الحكومة الاسرائيلية مسؤولية هذا التصعيد الخطير والتدهور الحاصل.

وبدأ العدوان الجديد في مخيم جباليا في شمال غزة ورام الله ومخيم الامعري، بعد ساعات فقط على انتهاء الاجتماع الفاشل بين وزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء)، وقبل 3 ايام على وصول المبعوث الاميركي انتوني زيني.

فقد اجتاحت 67 من الدبابات وحاملات الجند الاسرائيلية تعززها طائرات الاباتشي في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، بلدة جباليا من ثلاثة محاور واطلقت قذائفها ونيران رشاشاتها الثقيلة في اتجاه مخيم اللاجئين الذي يحمل اسم البلدة، وهو الاكبر في الاراضي الفلسطينية بعدد سكانه البالغ 95 الف نسمة. وحاصرت الدبابات المخيم قبل دخوله، وارتكبت مجزرة بشعة في البلدة والمخيم اسفرت عن قتل ما لا يقل عن 17 فلسطينيا وجرح نحو خمسين اخرين قبل ان تنسحب صباح امس بعد 4 ساعات.

وذكر شهود عيان ان خمس عشرة دبابة للاحتلال تقدمت من صوب حاجز «ايرز» العسكري باتجاه المخيم في الساعة الحادية عشرة والربع ليلا تحت غطاء كثيف من القصف. وبعد قطع التيار الكهربائي عن سائر منطقة شمال القطاع اجتاحت قوات الاحتلال احياء المسلخ وابراج الندى وابو عيطة شمال المخيم في الوقت الذي كانت فيه طائرات الاباتشي تطلق النار على المئات من سكان المخيم الذين هبوا للدفاع عنه. وواجهت القوات الغازية مقاومة شرسة شارك فيها رجال الشرطة والمسلحون عند محيط مخيم جباليا. ورفض اهالي مخيم جباليا الاذعان لاوامر الجنود الذين كانوا يطلبون منهم بمكبرات الصوت الخروج من منازلهم للتجمع في ساحة المخيم.

ووقع اشد المواجهات قرب مسجد الخلفاء الراشدين الى الشرق من مخيم وبلدة جباليا. وذكر شهود عيان ان بعض النسوة والاطفال في المنطقة كانوا يلقون الطوب والحجارة على الدبابات في الوقت الذي كان فيه المقاومون الفلسطينيون يطلقون النار على القوات المقتحمة من الازقة. وبينما كانت الاشتباكات تتواصل شرق المخيم اندفع رتل من الدبابات الاحتلالية باتجاه وسط بلدة جباليا الملاصقة للمخيم. وحاولت قوات الاحتلال التوجه نحو حي بلوك خمسة لتدمير منزل ابراهيم حسونة، عضو كتائب شهداء الاقصى الذي نفذ عملية مطعم في تل ابيب الاسبوع الماضي. ونظرا للمقاومة الشديدة لم يتسن للدبابات ان تتقدم، عندها تدخلت مروحيات الاباتشي وقامت بتمهيد الطريق للدبابات للوصول الى منزل حسونة، وعند وصول الدبابات الى المنزل طلب الجنود من ابن عمه واسمه سائد وهو اصم وابكم، ان يتقدم نحو الدبابة وعندما لم يحرك ساكنا اطلق الجنود النار على قدميه، وعندما علموا بانه اصم جعلوه يقف بالقرب من جدار المنزل قبل هدمه عليه وقتله.

وفي قرية معن الواقعة الى الشرق من مدينة خان يونس جنوب القطاع قتل اربعة فلسطينيين وجرح ثمانية اخرون عندما قامت الاباتشي بقصف مصنع للالمونيوم في القرية. وقتل فلسطيني اخر وجرح ثلاثة اخرون في دير البلح اثر قصف قامت به مروحيات الاباتشي والزوارق ضد مواقع قوات الـ17، (جهاز امن الرئاسة) والشرطة البحرية.

والى الشرق من دير البلح اقتحمت قوات الاحتلال منطقة وادي السلقا واجبرت الرجال الذين تتراوح اعمارهم بين 16 و60 سنة، على التجمع في احد البساتين وقامت بعمليات تفتيش واسعة النطاق في المكان.

وفي محيط مستوطنة نيتساريم جنوب مدينة غزة قتل اربعة مسلحين فلسطينيين من بينهم عنصران من عناصر كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وهما محمد احمد حلس وبلال شحادة ابن شقيق صلاح شحادة قائد الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة.

وكان الاثنان يحاولان التسلل الى داخل المستوطنة. وقتل الاثنان الاخران بعد ان قامت قوات الاحتلال باطلاق النار عليهما بعد ان قاما باطلاق قذائف هاون على المستوطنة. وفي الضفة الغربية اعادت اسرائيل فجر امس احتلال مخيم الامعري ومدينتي البيرة ورام الله بالكامل، وعادت الدبابات مجددا الى محاصرة مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في المدينة. واصبحت ترابط على مسافة بضع عشرات من الامتار وانتشر عدد من القناصة على اسطح المنازل المحيطة بالمقر، حسب مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط».

وشاركت في عملية اعادة احتلال رام الله وتوأمتها البيرة ومخيم الامعري بعد منتصف الليلة قبل الماضية بقليل، اكثر من مائة وخمسين دبابة وآلية عسكرية وحاملة جند تساندها طائرات الاباتشي. واقتحمت قوات الاحتلال رام الله من العديد من المحاور وهي متنزه البلدية وكلية المعلمين ومنطقتا بيتونيا والطيرة ومنطقة البالوع والارسال وفندق الجراند بارك. وقصفت مروحية اسرائيلية مقر الرئيس عرفات وادى القصف الى اصابة الحراس في المكان بجراح بالغة الخطورة رغم نفي المصادر العسكرية الاسرائيلية.

وتصدى المقاومون الفلسطينيون للدبابات الاسرائيلية بجميع الاسلحة المتوفرة لديهم ومن بينها ولاول مرة قاذفات «آر بي جي». وحسب قول مصادر امنية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» فان المقاومين نجحوا امس في اعطاب 3 دبابات اسرائيلية على الاقل، مستخدمين قاذفات «ار بي جي». واعتبر قائد قوات جيش الاحتلال في الضفة الغربية جرشون ان استخدام الفلسطينيين لقاذفات «آر بي جي» مخالف للاتفاقيات الموقعة.

واسفرت المواجهات عن مقتل 5 فلسطينيين وجرح العديد من بينهم عنصران من الامن الوطني. واعترف يتسحاق ان اثنين من جنوده اصيبا بجراح في المواجهات. في نفس الوقت اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الامعري المتاخم للمدينة ودمرت فيه منزل وفاء ادريس اول فدائية فلسطينية تنفذ عملية انتحارية. واطلقت قوات الاحتلال النار بشكل عشوائي على سكان المخيم من على سطح فندق «ستي ان» الذي يشرف على المخيم. وعلى مدى ساعات تعالت من المخيم اصوات الاستغاثة عبر مكبرات الصوت في المساجد، ودعت الفلسطينيين الى الدفاع عن «شرف وكرامة الشعب الفلسطيني».

وكانت مجموعة من الصحافيين والمصورين الصحافيين في فندق ستي ان، قد تعرضوا لاطلاق النار من القوات الاسرائيلية لمدة لا تقل عن ربع ساعة. لكن لم يصب احد باذى. وحسب المصادر الاسرائيلية فان جنود الاحتلال وردا على اطلاق نار من الفندق، وجهوا نيران اسلحتهم على الفندق الذي كان يضم حوالي 40 صحافيا. ورغم ان ايا من الصحافيين لم يصب باذى الا ان الكاميرا التلفزيونية لمصور شبكة اخبار «اي بي سي» الاميركية اصيبت بعدة رصاصات بعدما تركها صاحبها طلبا للحماية.

والى الغرب من رام الله قتل مستوطن اسرائيلي واصيب اخر بجراح عندما اطلق مسلحون النار من كمين على السيارة التي كان يستقلاها على طريق موديعين. ووقع الحادث بالقرب من مستوطنة «كريات سيفر» التي يسكنها اليهود الارثوذكس. واعلنت كتائب الاقصى مسؤوليتها عن العملية. وقالت الكتائب في بيانها ان «كتائبنا قامت صباح اليوم (امس) بنصب كمين فدائي ضد عدد من الصهاينة. واطلقت عليهم النار واصابتهم اصابات مباشرة اسفرت عن مقتل صهيوني وجرح اخر حسب اعتراف العدو الصهيوني».

وفي الخليل اصيب مستوطن بجراح عندما طعنه فلسطيني صباح امس بالسكين.