الفلسطينيون: اقتراح إسرائيل بنفي عرفات هو تمهيد لجريمة اغتياله

TT

رفض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وكل مساعديه الاقتراح الاسرائيلي بأن يغادر الى الخارج شرط ان لا يعود، واعتبروا هذا الاقتراح بمثابة تمهيد لجريمة اغتياله.

وقال الفلسطينيون ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عندما طرح اقتراحه هذا كان يعرف انه سيقابل بالرفض القاطع. ولهذا، فانه طرحه فقط للدعاية ولتحضير نفسه لما بعد هذه الازمة. «فهو حسم الامر وقرر اغتيال عرفات. وكل ما يفعله اليوم هو محاولة تفتيش عن ذرائع يستخدمها بعد تنفيذ الجريمة».

وكان شارون قد طرح اقتراحه هذا امام المبعوث الاوروبي للشرق الاوسط، ميجال موراتينوس، الذي جاء مساء الاول من امس، طارحا المطلب الاوروبي بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي رقم 1402، والسماح له بمقابلة عرفات للتباحث معه حول الموضوع.

ورد شارون بالقول ان هناك قرارا حكوميا يقضي بعزل عرفات عن العالم. وبموجب القرار لا يمكن لأحد ان يلتقيه في مقره. واضاف: «ان كنتم تريدون لقاءه فعلا، فليكن ذلك خارج حدود المنطقة، فأنا مستعد للسماح لك او لغيرك من القادة الاوروبيين بمرافقة عرفات الى الحدود وأخذه الى اي مكان تريدون. ولكن، قبل ذلك، عليه ان يتعهد ألا يعود الى المنطقة».

وفوجئ موراتينوس بهذا العرض، إذ ان جميع قادة الاجهزة الامنية الاسرائيلية كانوا قد نصحوا شارون بالامتناع عن ترحيل عرفات «لأن ذلك سيجعله نجما عالميا، يتنقل من دولة الى اخرى، وهو يجمع التأييد والدعم لقضيته».

كما يعارض الفكرة وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، الذي صرح بأن ترحيل عرفات سيضاعف العمليات الانتحارية الفلسطينية داخل اسرائيل ثلاث مرات على الاقل.

وتبين ان وزير الخارجية شيمعون بيريس بات يفضل ترحيل عرفات. ويقول المقربون منه انه يخشى من ان يتم «قتل عرفات بالخطأ، خلال عملية عسكرية في الوضعية الحالية». ولهذا، فقد عرض على مصر والاردن، العمل على اقناع عرفات بالترحيل الى واحدة منهما. ولم تعط تفاصيل عن رد الفعل لهذا الاقتراح في القاهرة او عمان.

وخلال ذلك، بدا ان شارون، وبن اليعزر ورئيس اركان الجيش، شاؤول موفاز، يواصلون حربهم العدوانية على الفلسطينيين بكل قوة وشراسة. وانهم مصممون على اعادة احتلال جميع المدن الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك مدن قطاع غزة (مجموع المدن الفلسطينية الكبرى 15، جرى احتلال خمس منها حتى يوم امس هي رام الله وطولكرم وقلقيلية وبيت لحم وبيت جالا). والدبابات تقف على ابواب نابلس وجنين والخليل تمهيدا لاحتلالها.

وانتشرت انباء في اسرائيل امس عن وجود ضغط اميركي جدي هذه المرة على شارون لكي يوقف عملياته وينسحب. وان هذا الضغط يتم بسرية تامة حتى لا يفهم العرب ان هناك شرخا في العلاقات بين ادارة بوش وحكومة شارون، وان الاميركيين بدأوا يغيرون من لهجتهم، ولم يعودوا يوافقون على استمرار الحرب بلا نهاية زمنية واضحة.

الا ان شارون نفى امس بشدة هذه الانباء. وقال انه لا يوجد هناك اي ضغط اميركي عليه، بل ان الرئيس جورج بوش وكل مساعديه يتفهمون الموقف الاسرائيلي «ويؤيدون تصفية الارهاب الفلسطيني ويدركون ان هذه العملية تأتي لخدمة المصالح الاميركية ايضا. اذ ان نجاح الارهاب الفلسطيني في تحقيق اية مكاسب سياسية سيؤدي الى انفجار عمليات ارهاب في كل انحاء العالم من اجل تحقيق مكاسب سياسية، بدءا من الهند وباكستان واندونيسيا وحتى الشيشان في روسيا وحتى دول البلقان في اوروبا وغيرها».

وتقول مصادر اعلامية ان شارون يدرك ان الادارة الاميركية غاضبة جدا من الدول العربية بسبب المصالحة التي تمت بين العراق والكويت في القمة العربية. وشارون يستغل هذا الغضب ويقوم بتوجيه الضربة اللازمة الى الامة العربية، من خلال ضرب الفلسطينيين واذلال الرئيس عرفات. فهذه حرب اميركية ينفذها شارون، ويضحي خلالها بأرواح عشرات الاسرائيليين، لصالح اميركا. وهي في الوقت نفسه حرب شارون الشخصية ضد عرفات شخصيا، وهذا ثأر قديم له، وهي بالطبع حرب المعسكر اليميني في اسرائيل الذي يريد تصفية كل آثار اتفاقيات اوسلو.

وأكدت هذه المصادر ان شارون لا يتأثر بردود الفعل في العالم العربي على هذه الحرب. وسمع يقول انه لا يؤمن بأن مصر والاردن جديتان في التهديد بقطع العلاقات وطرد السفيرين الاسرائيليين من عمان والقاهرة، «أريد ان أراهما تتنازلان عن الدعم الاميركي الذي يقدم لهما».

وعندما لفت نظره وزير خارجيته الى الغليان في العالم العربي وضرورة اخذه بالاعتبار، اجاب شارون: «الجيوش العربية كفيلة بقمع اي تحرك للناس. وعندما سيرى العالم كله اية انظمة قمع هذه وسيعرف ان عملياتنا ضد الفلسطينيين ارحم بكثير».

يذكر ان وسائل الاعلام الاسرائيلية خرجت امس بانتقادات لاذعة لشارون بسبب استخفافه بردود الفعل العربية والعالمية ضد الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين. واشارت الى ان هذه هي المرة الاولى التي يظهر فيها انسجام في المواقف بين الشعوب العربية وقادتها ضد اسرائيل. وان هذا الانسجام هو حقيقي وجوهري، وسيؤدي، الى جانب التضامن العالمي مع الفلسطينيين، خصوصا في اوروبا، الى توسيع حلقة الارهاب ليصيب المصالح الاسرائيلية واليهودية وربما الاميركية ايضا في كل مكان في العالم. وحذرت من ان ما يجري حاليا في اوروبا من اعتداءات على اماكن العبادة وعلى المؤسسات اليهودية ما هو الا بداية فقط لما ينتظر ان يتبع في المستقبل.