طالبة أميركية ـ إسرائيلية زارت رام الله لـ«الشرق الأوسط»: جنود الاحتلال الإسرائيلي غضبوا وتصرفوا بوقاحة عندما علموا أنني يهودية مؤيدة للفلسطينيين

TT

قالت طالبة إسرائيلية ـ أميركية ان جنود الاحتلال أطلقوا النار على سيارة إسعاف كانت تستقلها في رام الله، حيث كانت ضمن وفد طلابي بريطاني من جامعة ساسكس لمساعدة الفلسطينيين. وقالت كيرين ويلير (23 عاماً) في اتصال أجرته معها أمس «الشرق الأوسط»، إن الجنود الاسرائيليين حاولوا استخدامها كدرع بشري لدى مداهمتهم أحد بيوت رام الله، فأجبروها على السير امامهم كي تتلقى بدلاً عنهم اي رصاصة محتملة. واوضحت الشابة اليهودية ان جنود الاحتلال كانوا يصُعقون لدى اكتشافهم ديانتها وجنسيتها المزدوجة فيعمدون دائما الى معاملتها بطريقة غير لائقة على الاطلاق. ومن جهتهم أشار اعضاء الوفد الى أنهم تعرضوا للاستجواب بموجب «قانون مكافحة الارهاب» البريطاني فور وصولهم الى مطار هيثرو القريب من لندن. وتعرضوا لأسئلة حول سبب سفرهم الى الاراضي المحتلة مع أن لبعضهم اصولا فلسطينية.

وقالت كيرين إن «الجنود الاسرائيليين كانوا يتصرفون معي بوقاحة بالغة وبغضب حين أقول إنني يهودية». وزادت «انهم كانوا يطرحون علي وابلاً من الاسئلة حول سبب وجودي في رام الله ودعمي للفلسطينيين، وكأنهم لا يصدقون أعينهم». بيد ان تهديداتهم لم تنجح في تخويف الطالبة الشابة التي كانت ترفض «الاجابة على اسئلتهم، لانني لست ملزمة بإعطاء جندي احتلال اي معلومات كي ارضي فضوله، فقط لأنه يحمل بندقية ويستطيع ان يهددني بها».

وعما إذا كانت هذه التهديدات هي أسوأ اشكال المعاملة التي تعرضت لها، قالت كيرين «أتمنى لو كانت كذلك». وتابعت قائلة «داهم عشرة جنود البيت الذي كنت أقيم فيه مع زميلاتي على بعد امتار من مقر الرئيس عرفات ويعود لمضيفتنا الطالبة من جامعة بيرزيت، فلما حدثتهم بالعبرية صُعقوا وأخذوني جانباً قائلين الآن ستتقدمين امامنا الى كل من غرف المنزل». واضافت «من الواضح أنهم أرادوا استخدامي كدرع يقيهم اي خطر محتمل»، وذلك كعقوبة إضافية لها لأنها تجرأت على مناهضة الاحتلال والعدوان مع انها يهودية. ولدى سؤالها عن سبب استعمالها العبرية في تلك المناسبة على رغم ان الجنود كانوا يلوحون ببنادقهم ويتصرفون بقسوة، اجابت كيرين «اردت ان أوضح الحقيقة لهم، فلماذا التستر».

وشرحت الطالبة الشابة وقائع مواجهة أخرى اشتملت على تعرضها الى رصاص جنود الغزو الاسرائيلي. وقالت «لم نستطع في الايام الثلاثة الاولى (وصلوا في 27/3) ان نقوم باعمال الاسعاف بسب الحصار الذي فرضه الجيش على رام الله، ثم عمدنا في الايام الثلاثة المتبقية من زيارتنا الى المساعدة على نقل الطعام والماء إلخ في سيارات إسعاف تابعة للهلال الاحمر الفلسطيني الى المحاصرين». واوضحت «كنت على الدوام أتحدث عبر مكبر للصوت لتنبيه الجنود الى أننا متطوعون عُزل من السلاح وننقل المساعدات الانسانية، ومع ذلك أطلق الجنود الرصاص على سيارتنا مرات عدة خلال تلك الايام الثلاثة». وذكرت كيرين انها «مناصرة للقضية الفلسطينية منذ وقت طويل»، مبينة ان أعضاء الوفد سافروا بوصفهم ناشطين في منظمة «الجذور الدولية لحماية الشعب الفلسطيني» التي تضم مؤيدين للحقوق الفلسطينية من جنسيات شتى. واضافت الطالبة إن الرحلة تمت بالتنسيق مع منظمات مختلفة، وان اعضاء الوفد كانوا ضيوفاً على «لجنة اتحاد الاغاثة الطبية الفلسطينية». وقالت إن «أحد اسباب سفر المجموعة الى الاراضي المحتلة يعود الى أملنا في أن حضوراً دولياً هناك سيساهم في ردع جنود الاحتلال وحماية الشعب الفلسطيني، ومن ثم التمهيد لنشوء حركات مؤيدة للفسطينيين في بلداننا الاصلية».

وذكرت أنهم هددوها بالاعتقال بموجب قانون جديد يحظر على الاسرائيليين دخول الاراضي المحتلة واعتبرت انه سُن لـ«ترسيخ نظام العزل العرقي» السائد. وقالت «من الضرورة بمكان أن يسلط الضوء على حقيقة ان الصهيونية لا تحظى بتأييد جميع اليهود او الاسرائيليين، فهناك كثير من المعادين لها بين اليهود والاسرائيليين انفسهم». ومن جهته، أوضح دان غلايزبروك رئيس اتحاد طلاب جامعة ساسكس البريطانية الذي كان في عداد الوفد، انه لم يُفاجأ بالاستجوابات التي خضعوا لها لدى عودتهم الى بريطانيا. وأكد في اتصال اجرته معه «الشرق الأوسط» ان «زميلاً آخر اعتقل لـ17 ساعة لدى عودته من الاراضي المحتلة عشية اعياد الميلاد». وأردف «لقد رفضوا طلبه باستدعاء محام، مع أن ذلك غير قانوني». واضاف «إن رجال الامن البريطانيين عاملونا بطريقة أكثر لطفاً بالمقارنة مع هذا الناشط الذي احتجز لمجرد أنه زار الاراضي الفلسطينية المحتلة».

أما الطالبة سلمى الكرمي، فابدت استغرابها الشديد للمعاملة التي لقيها الطلاب في هيثرو «لمجرد أننا سافرنا الى الاراضي المحتلة». وقالت الطالبة، التي تشغل والدتها الدكتورة غادة الكرمي منصب نائب رئيس «مجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني» (كابو) وكانت رئيسة سابقة للجالية الفلسطينية في بريطانيا «إن كل ما فعلته هو زيارة ارض الآباء والاجداد». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف «كيف من الممكن أن يعتبروني مذنبة فقط لأنني زرت المنطقة (طولكرم) التي تعود إليها اصول عائلتي؟». واشارت الى ان ثلاثة من أعضاء الوفد كانوا أيضاً من اصول عربية، بيد ان سلطات هيثرو لم تُشر الى ذلك من قريب او بعيد خلافاً لرجال الامن في مطار تل أبيب «الذين اخضعونا الى استجواب مفصل». وحول الاسئلة التي طُلب منهم الاجابة عنها، قالت سلمى الكرمي إن «جلها كان بسيطاً ولم يتطرق أي منها الى المنظمات التي يعتبرونها هنا إرهابية، كحماس وغيرها». وذكرت «لقد طرح علينا رجال الفرع الخاص (الامن البريطاني) أسئلة بسيطة، تركزت على تبرعات قمنا بجمعها وحاولوا معرفة الجهة التي أعطيناها هذه الاموال، كما سألوا عن وجهات نظرنا السياسية حول النزاع». وزادت «لقد احتجزوا جوازات سفرنا البريطانية اول الامر ثم أعادوها إلينا بعدما وقعنا على وثيقة رسمية تدل على اننا تعرضنا للمساءلة بموجب قانون مكافحة الارهاب». وأعربت عن قلقها البالغ لورود اسمها في سجلات رسمية كشخص طُبق عليه قانون مكافحة الارهاب، لا سيما انها لم ترتكب أي مخالفة.