المحاصرون داخل كنيسة المهد: نشرب الماء الراكد ولا طاقة لنا حتى على الكلام

TT

قال الفلسطينيون المحاصرون داخل كنيسة المهد، يوم الاحد، ان المياه التي معهم اشرفت على النفاد، وانهم يأكلون النباتات والاعشاب التي تنمو في فناء الكنيسة وممراتها، ولكنهم ذكروا انهم يرفضون عرضا اسرائيليا بالاستسلام او النفي. ويبلغ عدد الفلسطينيين داخل الكنيسة حوالي 190 شخصا، اضافة الى اكثر من ثلاثين من القساوسة. ويحتسي هؤلاء الشاي المصنوع من مياه راكدة، كما انهم اصيبوا بوهن شديد من جراء سوء التغذية. وظهرت هذه الحقائق من خلال حوار مع اثنين من قادتهم عبر هاتفيهما الجوالين.

قال احد الرجلين ويسمي نفسه يقين: «نحن نستطيع بالكاد نجرجر انفسنا من مكان الى مكان. وقد اصبح الكلام نفسه يستهلك من الطاقة ما لا نملكه. ونقضي معظم الوقت ونحن نفكر في مصيرنا. فهل سنتمكن من الخروج من هنا على ارجلنا ام سنخرج ونحن محمولون على النقالات».

وظلت القوات الاسرائيلية تحاصر هذه الكنيسة التي يرجع تاريخها الى القرن الرابع الميلادي، منذ الثاني من ابريل (نيسان) الجاري، عندما تحصن بها الفلسطينيون لتفادي الاعتقالات اثناء الغزو الاسرائيلي للعديد من مدن الضفة الغربية. ويصف الاسرائيليون معظم الاشخاص الذين اعتصموا بالكنيسة بانهم «ارهابيون وتجار سلاح شاركوا في التخطيط للهجمات الارهابية الاخيرة». وقد حددت الحكومة الاسرائيلية اسماء عشرة منهم ومن ضمنهم رئيس جهاز الامن الفلسطيني في بيت لحم، والرجل الذي تزعم انه خطط للهجوم على سوبر ماركت اسرائيلي في 29 مارس (اذار) الماضي.

ومن بين الفلسطينيين المعتصمين بالكنيسة هناك كثيرون مسلحون، ولكن قادتهم لا يرغبون في تحديد عددهم. وغالبية هؤلاء من المسلمين مع ان هناك عددا ليس بالقليل من المسيحيين. وهناك ستة اطفال تحت سن الـ.14 وهناك ايضا افراد من المذاهب الثلاثة التي ظل ممثلوها يحرسون هذه الكنيسة على مدى قرون عديدة. فهناك 26 من القساوسة الفرنسيسكان واربع راهبات، واربعة من القساوسة الاغريق الاورثوذكس، وقسان ارمينيان، وذلك حسب روايات قادة الكنيسة والفلسطينيين.

واقيمت كنيسة المهد في الموضع الذي يعتقد ان المسيح قد ولد فيه، وقد حدثت ثقوب بالكنيسة عندما اصيبت بالرصاص، كما شبت فيها نار اثناء الحصار. وكانت القوات الاسرائيلية قد صعدت من ضغوطها على المعتصمين بالكنيسة في الايام الاخيرة، وذلك عن طريق اطلاق اصوات الحيوانات وغيرها من الاصوات المزعجة من خلال مكبرات الصوت. وقد حلقت ثلاث طائرات استطلاع يوم الاحد فوق ساحة المهد، وسمعت بعض الطلقات المتفرقة. وفي وقت متاخر من يوم السبت، قام قناص اسرائيلي باصابة فلسطيني كان مختبئا في فندق قريب من الكنيسة. وقالت السلطات الفلسطينية ان ذلك الرجل نزف حتى الموت.

وقال توني سلمان، وهو قائد فلسطيني موجود حاليا داخل الكنيسة، في محادثة هاتفية انه واثق ان هناك مخرجا قريبا غالبا ما يحدث خلال يوم او يومين.

وأضاف «اعتقد انه سيتم التوصل الى حل سياسي عما قريب. ويعتقد الناس هنا انه يمكن الوصول الى حل وسط. ونحن نأمل ان تحل المشكلة سلميا من خلال المفاوضات».

وهناك تقارير متضاربة حول ما اذا كانت اسرائيل قد سمحت بدخول الطعام والشراب والادوية للقساوسة المختبئين بالداخل. وقد زعمت السلطات الاسرائيلية ان بعض المؤن وجدت طريقها الى الداخل ولكن القساوسة الكاثوليك قالوا ان ذلك لم يحدث. وقال الفلسطينيون بالداخل ان المياه نفدت تماما وانهم قد استخرجوا آخر القطرات من الخزانات الموجودة داخل الكنيسة. وقالوا انهم ظلوا لعدة ايام يأخذون المياه من بئر تديرها ماكينة تعمل بالديزل، ولكن وقودها نفد. ولذلك يلجأون الآن لأخذ الماء من صهريج قديم ويقومون بغليها. وقالوا ان الكهرباء غير مستقرة، ولكنهم تمكنوا من شحن هواتفهم الجوالة. واعترف يقين بأن العزلة بدأت تظهر آثارها عليهم. وقال:

«ليست لدينا صحف او راديو او تلفزيون. ونحن لا نعرف شيئا عما يجري في الخارج. ولا نعرف ماذا سيحدث ولا ثقة لنا بأي شخص او جهة. ويبدو لنا ان الجميع يشتركون في مؤامرة ضدنا».

وأضاف ان هناك اربعة من الجرحى الفلسطينيين تشرف عليهم راهبة في المغارة. كما وضعت في موضع قريب جثتا اثنين من الفلسطينيين اصابتهما طلقات القناصة الاسرائيليين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»