قصة «المؤتمر الدولي» الذي يقترحه شارون

TT

عرف عن حكومات اسرائيل عموما، واليمين الاسرائيلي خصوصا، ورئيس الحكومة اليميني ارييل شارون بشكل خاص، انهم يرفضون تدويل النزاع الاسرائيلي ـ العربي ويعارضون بشدة عقد مؤتمر دولي خاص بهذا النزاع. لهذا، فقد كان غريبا ان يأتي اقتراح المؤتمر الدولي من شارون بالذات، فما هي قصة هذا المؤتمر؟

الفكرة طرحت، لاول مرة، مطلع الاسبوع الماضي، خلال خطاب رئيس المعارضة الاسرائيلية، عضو الكنيست يوسي سريد. وكان يتحدث لحظتها ردا على خطاب رئيس الوزراء، شارون، ويشيد بالمبادرة السعودية وكيف تحولت الى مبادرة جميع الزعماء العرب. وقال ان هذه مبادرة تاريخية، وعلى اسرائيل ان تقبلها، بل ان ترحب بها وتتبناها وتدعو الى مؤتمر دولي ـ اقليمي يقرها وفق المبدأ «كل الارض مقابل كل السلام».

وهنا، قاطعه شارون قائلا: «انا مستعد للذهاب الى مؤتمر دولي كهذا فورا».

فاجابه سريد: اهلا وسهلا. هل تقبل فعلا بمؤتمر دولي يقوم على اساس مبدأ «كل الارض مقابل كل السلام»؟ فاجاب شارون بضحكة صاخبة: «لا. انا لم اقل على اي مبدأ».

وبدا ان الامر قد اسقط من النقاش وقتها، لكن شارون لم يتراجع. وراح يطبخ الفكرة مع مستشاريه الاعلاميين الاميركيين بشكل خاص، ويحاول ان يجد صيغة لها تلائم فكره اليميني الرفضي من جهة، وتلقى تأييد الغرب والعرب من جهة ثانية. والى حين يأتي الوقت لذلك المؤتمر، يواصل جيش شارون عملياته الحربية ويلحق المزيد والمزيد من الهدم والاضرار بالفلسطينيين. خلال لقاء شارون الاول (صباح الجمعة الماضي) مع (وزير الخارجية الاميركي) كولن باول في هذه الجولة، طرح الفكرة. ويبدو ان باول لم يتحمس لها، فالادارة الاميركية تعرف ان مؤتمرا دوليا يعني اقحام اوروبا في الموضوع، بينما هي تريد ان تسيطر على الوضع لوحدها، لكنه لم يستطع الاعتراض، فوعد بنقل الفكرة، ونقلها فعلا، على الفور.

الفلسطينيون، من طرفهم، وهم المعنيون جدا بتدويل الصراع واخراجه من الايدي الاميركية احتاروا في امرهم، فهم يريدون المؤتمر الدولي، لكنهم يشتبهون في نوايا شارون. وقد قالوا امس ان هناك خوفا من ان يكون شارون قد قرر المؤتمر ليصبح موضوعا مركزيا، بينما قواته تنشط في الاعتقالات والاغتيالات واعمال التجريف والحفريات. لهذا ابلغوا باول اولا بان عليه اقناع شارون بالتوقف عن تلك الممارسات والانسحاب من الاراضي الفلسطينية: «فكيف يمكن لنا ان نتحدث عن مؤتمر سلام دولي، والجيش على باب مكتبي (مكتب عرفات) ويحتل كل المدن ويبطش بالسكان المدنيين ويرتكب الجرائم».

وكان شارون قد فرض شروطا تجعل قبول المشروع مستحيلا. فقد تجاهل اولا الاوروبيين كشركاء في هذه المسيرة. ثم وضع شرطا بألا يحضر المؤتمر الرئيس ياسر عرفات، وهو الامر الذي يرفضه ليس فقط الاميركيون بل ايضا وزير الخارجية الاسرائيلي، شيمعون بيريس الذي قال: «لسنا نحن الذين نقرر من يمثل الفلسطينيين، بل هم وعلينا ان نقبل اي قرار يبتون فيه».

وبدا ان بيريس ايضا غير متحمس لفكرة المؤتمر الدولي كاطار لحل النزاع، انما يحتاج الى محطة انتقالية، لعلها تنجح في تهدئة التوتر، اذ اصدر بيانا قال فيه ان هذا المؤتمر ينبغي ان يكون «بركان افكار لتسوية النزاع».

وسيبقى المؤتمر فكرة تلوح في الافق ومن غير المستبعد ان يخرج باول بنتيجة تبنيها في حالة فشله في مهمته.