تشاد تحتفل بانتصارها وتقطع علاقاتها الدبلوماسية بالسودان وتهدد بطرد لاجئي دارفور

فرنسا: الوضع في البلاد لا يزال «حساسا جدا»

TT

أعلن الرئيس التشادي ادريس ديبي، أمس، قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والسودان، بسبب ما اعتبره هجوما مخططا من متمردي بلاده بمساندة من الخرطوم على العاصمة نجمينا، وتأتي الخطوة بعد أشهر طويلة من التوتر المستمر في العلاقات بين البلدين المجاورين. وقال الرئيس ديبي، وهو يخاطب حشدا جماهيريا في العاصمة نجمينا: «لقد قررنا اليوم قطع علاقاتنا الدبلوماسية مع السودان وسنغلق الحدود معها». وكرر ديبي في لهجة متشددة، ان قواته تمكنت من «إحباط توغل المتمردين، وانها تبسط سيطرتها الكاملة على المدينة». وهدد ديبي بطرد نحو 200 ألف لاجئ سوداني يقيمون في شرق تشاد، في حال لم يتم إيجاد حل لإنهاء النزاع القائم في اقليم دارفور السوداني.

من ناحيته، قال وزير التخطيط التشادي، الجنرال محمد علي، ان 350 شخصا لقوا حتفهم في الهجوم الذي شنه المتمردون على العاصمة التشادية، وانه تم القبض على 271 من المتمردين، بينما انسحب الباقون الى السودان.

غير ان متحدثا باسم المتمردين، قال انهم لم يهزموا وسوف يعاودون الهجوم على انجمينا في وقت لاحق.

وفي الخرطوم، أصدرت الخارجية السودانية بيانا خصيصا حول الاوضاع في تشاد على خلفية الهجوم على نجمينا، ودعت الخارجية الاطراف المتنازعة في تشاد لحل المشاكل عبر الحوار والأساليب السلمية ونبذ العنف.

وعبر البيان الذي حمل توقيع الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية عن القلق بشأن ما يجري في الجارة تشاد من أحداث عنف وصراع دام حول السلطة، وقال البيان: «تود الخارجية السودانية أن تناشد الاطراف المتنازعة لحل المشاكل عبر الحوار والاساليب السلمية ونبذ العنف والذي قطعا سيكون له تأثير سالب على كل دول الجوار للشقيقة تشاد، بما في ذلك السودان».

ونقل البيان تأكيدات الحكومة السودانية التزامها بمواثيق حسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي وميثاق الاتحاد الافريقي واتفاقية طرابلس والتي تجتهد الحكومة في تطبيقها مع الاطراف المعنية الاخرى، وقال البيان: «ستظل الحكومة السودانية تتابع الأمور عن كثب حتى يعود الهدوء والاستقرار الى الشقيقة تشاد».

من ناحيته، أكد الدكتور نافع علي نافع، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، الناطق الرسمي باسم الحزب، في تصريحات ان ما تشهده دولة تشاد الشقيقة من أحداث بين الحكومة وقوات المعارضة شأن داخلي.

وقال ان نظام الحكم الذي يدعمه ويؤيده السودان، هو ما يرتضيه ويدعمه الشعب التشادي، مجددا التأكيد على عدم وجود أي يد للحكومة فيما يجري من صراعات مسلحة بتشاد هذه الايام. وعبر نافع عن أمله في ألا تؤثر الأحداث التي تشهدها تشاد هذه الايام على مجريات عملية التفاوض الجارية بين الحكومة والحركات المسلحة بدارفور بابوجا حاليا. وفي باريس، اعتبرت فرنسا ان الوضع في تشاد لا يزال «حساسا جدا»، رغم عودة الهدوء الى انجمينا، حيث فتحت المدرسة الثانوية الفرنسية أبوابها بعد أن أغلقت أول من امس.

وذكر مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، دوني سيمونو، ان «الوضع حاليا لا يزال حساسا»، مشيرا الى انه غير قادر على «تأكيد» تصريحات نجمينا ومفادها انه تم صد المتمردين الى السودان. وقال سيمونو: «أستطيع أن أبلغكم استئناف النشاطات الطبيعية في نجمينا اذ أعادت المدرسة الفرنسية فتح ابوابها صباحا». وأضاف ان «التيقظ ضروري ولا تزال التوصيات المعهودة الى الرعايا الفرنسيين والاجانب سارية». وأوضح ان «أحداث اليوم مرتبطة نوعا ما بما قد يحصل في المنطقة».

وأعاد الجيش التشادي سيطرته على نجمينا غداة الهجوم الذي شنه متمردون من الجبهة الموحدة للتغيير، الا انه لم يتسن الحصول على أي معلومات من مصدر مستقل حول الوضع العسكري داخل البلاد.

ومن جهته، دان مجلس الأمن والامين العام للامم المتحدة كوفي انان، الهجوم العسكري الذي يشنه المتمردون ضد النظام التشادي، ووجها دعوة الى تشاد والسودان المجاور للامتناع عن القيام بأعمال عسكرية أحدهما ضد الآخر.

وناقش مجلس الأمن الوضع في تشاد. وقال باسم المجلس، رئيسه لشهر ابريل (نيسان)، السفير الصيني وانغ غوانغا، ان اعضاء المجلس الخمسة عشر «يدينون أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة.. ويدعون المتمردين الى وقف أعمال العنف والمشاركة في العملية الديمقراطية».

ودعوا أيضا الحكومتين التشادية والسودانية الى احترام اتفاقات طرابلس في الثامن من فبراير (شباط) التي تعهد بموجبها البلدان بالامتناع عن دعم المتمردين في أراضي كل منهما أو القيام بأعمال عدائية ضد الآخر.

كما أدان مجلس السلم والأمن الافريقي، مساء أمس، في اجتماعه الطارئ الهجوم على تشاد. وأوضح بيان صادر عن مجلس السلم والأمن، رفض الاتحاد الافريقي بشدة إطاحة النظام بقوة السلاح. وطالب البيان الحكومة التشادية ببدء المفاوضات السلمية مع كافة الأطراف السياسية في البلاد من أجل التوصل إلى حل سلمي ونهائي وفتح الطريق للعملية الديمقراطية في البلاد. ووفقا لقرار الجزائر الصادر في يوليو (تموز) 1999، وإعلان لومي المؤرخ في يوليو 2000 حول التغيرات غير الدستورية للحكومات، يرفض الاتحاد الافريقي أي محاولة للوصول إلى السلطة عن طريق القوة.

وفي القاهرة، رفض السفير التشادي التعليق لـ«الشرق الأوسط» على هذا القرار أو تفسيره، مكتفيا بالقول: «إذا حضر الماء بطل التيمم»، في إشارة إلى تصريحات رئيسه إدريس ديبي. وعندما سئل السفير التشادي عن قرار قطع العلاقات، قال انه لا يعلم «هذه أول مرة أسمع بذلك».

وعلى الرغم من هذه الأجواء الملتهبة، قام وزير خارجية تشاد أمس بزيارة إلى مدينة الاسكندرية الساحلية، بدعوة من وزارة الخارجية المصرية، وزار مكتبة الاسكندرية في برنامج لا يعكس أبدا توتر العلاقات السودانية ـ التشادية. فى المقابل، نفى السفير هشام يوسف، مدير مكتب عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، أن يكون وزير الخارجية التشادي الذي التقى أول من أمس عمرو موسى، قد أطلعه على اعتزام بلاده اتخاذ هذه الخطوة التي اعتبرها مؤسفة وسلبية.

وقال يوسف: «الجانب التشادي لم يطلعنا على قرار بهذا الشأن، ونعرب عن أسفنا لقطع العلاقات وإغلاق الحدود. انه تطور سلبي سيعمق من الأزمة بين السودان وتشاد».

وكشف يوسف لـ «الشرق الأوسط» النقاب عن أن عواصم عربية رفض تسميتها تقوم بجهود وساطة مكثفة بين الطرفين على أمل وقف التصعيد الراهن بينهما. معربا عن أمله في أن تنجح هذه الجهود في وقف التدهور الحاصل بين الخرطوم ونجمينا.

ودعت مصر على لسان وزير خارجيتها، أحمد أبو الغيط، تشاد والسودان إلى ضرورة التعامل مع الوضع الراهن الذي طرأ على العلاقات بينهما أخيرا بحكمة، حفاظا على علاقات حسن الجوار. معربة عن قلقها إزاء التطورات السلبية التي حصلت بين البلدين أخيرا.