البطريرك صفير: الدولة في لبنان تبدو سائبة.. والرئاسة الأولى تكاد تفقد هيبتها

انتقد في رسالة الفصح الاتجاه إلى فرض ضرائب بدلا من تدارك الهدر والإنفاق غير المجدي

TT

لاحظ البطريرك الماروني نصر الله صفير، ان انقسام الدولة اللبنانية على نفسها استتبع «انقسام اللبنانيين معها على ذواتهم.. ويفرضون عليهم ضرائب لا طاقة لهم بها بدلا من ان يتداركوا الهدر والإنفاق غير المجدي».

ورأى، في رسالة الفصح التي وجهها الى اللبنانيين امس «ان الدولة تبدو كأنها سائبة تشغر فيها الوظائف، فلا مجال لملئها لما بين اهل الحكم من تجاذب وسوء تفاهم. والمواقع الكبرى فيها أصبحت مثار جدل، فالرئاسة الاولى تكاد تفقد بريقها وهيبتها... ويكتسب موقع مزيدا من القوة على حساب موقع آخر. وهذا يخلخل ركائز الدولة ويزيدها ضعفا». ودعا الشباب في الجامعات الى «التعاون والتساند لإخراج الوطن من محنته».

وقد تناول البطريرك صفير، في رسالة الفصح، مجمل القضايا المثارة في لبنان بما فيها هجرة الشباب وأوضاع الفلسطينيين وقضية مرسوم التجنيس. وقال: «في هذه الأيام التي كلما لاح لنا فيها انفراج، بدا كأنه يتبدد بسرعة، ليعود الجو مدلهما ينذر بشر مستطير. وقد تراكمت علينا المشاكل من داخل وخارج. فالدولة منقسمة على ذاتها، فانقسم اللبنانيون معها على ذواتهم. وإذا بهم كتلتان متقابلتان متواجهتان، اذا نادت احداهما بأمر، نادت الثانية بعكسه. والناس حيارى كادوا يكفرون بمن أولوهم قيادتهم الى المرفأ الأمين، فاذا بهم يقودونهم الى الهلكة والضياع والفقر واليأس...والشبان، ومعظمهم حصلوا علوما وشهادات جامعية، يبحثون عن عمل فلا يجدونه، فيضطرون الى الهجرة. وغالبا ما تكون بعيدة، فلا تعقبها عودة. والدولة تبدو كأنها سائبة، تشغر فيها الوظائف فلا مجال لملئها، لما بين اهل الحكم من تجاذب وسوء تفاهم. والمواقع الكبرى فيها أصبحت مثار جدل، فالرئاسة الاولى تكاد تفقد بريقها وهيبتها لكثرة ما دار حولها من جدل يضر بها، ولا يزيدها ألقا واحتراما». واعتبر البطريرك صفير ان «الذين عولوا من الاصدقاء على ما تقتضيه الحالة من اللبنانيين من روية وحكمة، كادوا يستسلمون الى اليأس والقنوط، فيتخلون عن نصرة لبنان ومساعدته، بحجة ان المساعدة لا تجدي ولا تنفع ما دام القوم لا يساعدون نفوسهم. فضلا عن ان الشباب، خصوصا في الجامعات، لا يعطون عن نفوسهم صورة مشرقة، ما داموا يقتتلون نصرة لحزب ينتمون اليه، فيما كانت الأزمة تقضي بأن يتعاونوا ويتساندوا لإخراج وطنهم من محنته. هذا على الصعيد الداخلي. وهو يشجع الطامعين من الخارج على الاستقواء على الدولة، فتتزايد المطامع والمطالب، فإذا بالمقيمين على الاراضي اللبنانية يطالبون بمساواتهم، من حيث الحقوق، باللبنانيين الاصليين، فيما هؤلاء يهاجرون. فضلا عن المجنسين الذين لم تعمد الدولة حتى اليوم الى الفصل في قضيتهم، ومساحة الوطن الصغير أصبحت تضيق بساكنيها».

وختم البطريرك رسالته قائلا: «اذا كان ابناء الوطن لا يفضلون مصلحته على مصلحتهم الخاصة، وإذا كانوا، على ما قيل، يتطلعون لا الى ما بإمكانهم ان يعطوا وطنهم، بل الى ما يأخذون منه، فالحالة تكون قد أصبحت يائسة. لكننا نحن بنو إيمان ورجاء ولا يمكننا ان نستسلم الى اليأس. وقديما قيل: ساعد نفسك تساعدك السماء. وهي على استعداد لمساعدتنا، اذا حزمنا أمرنا وعرفنا كيف نساعد نفوسنا ليساعدنا الله والناس من أصدقاء لبنان، وهم كثر، والحمد لله، في العالم».