العنف الطائفي في مصر بدأ من الخانكة وتأزم في الكشح

TT

بدأت أحداث العنف الطائفي في مصر عام 1972 بحادثة الخانكة وحادثة الزاوية الحمراء الشهيرة التي اندلعت بين المسلمين والأقباط بسبب قيام جمعية الكتاب المقدس ببدء الصلاة بمقر الجمعية، وهو ما اعتبره المسلمون محاولة لفرض كنيسة بهذه المنطقة، وتابعت بعد حادث الخانكة أحداث متعددة في أعوام 75 و 76 و 77 حتى الثمانينات، حيث اضطر السادات في عام 1977 إلى الاعتراف بوجود أزمة طائفية في أعقاب إحراق إحدى الكنائس بقرية محافظة الفيوم، لتشهد العلاقة توترا عنيفا بين الكنيسة والدولة والتي اصدر على أثرها السادات قرارا عام 81 بوضع البابا شنودة الثالث رهن الإقامة الجبرية.

وعلى حد وصف الباحث القبطي الدكتور هاني لبيب فان حقبة التسعينات شهدت مرحلة اخطر في مسألة العنف الطائفي، حيث انتهج بعض المتطرفين الإسلاميين مبدأ العنف بالتعدي المباشر على دور العبادة، حيث اقتحموا بعض الكنائس وقتلوا أقباطا في صلواتهم في وقت أطلقت فيه الجماعات المتطرفة مبدأ الاستحلال لمحلات الذهب المملوكة للأقباط والتعدي على الكنائس والعديد من الأقباط في محافظات مختلفة.

وكانت أحداث قرية الكشح بمحافظة سوهاج هي الأشهر في تاريخ العنف الطائفي في مصر والتي انفجرت مرتين، الأولى عام 1999 والثانية عام 2000 والتي سقط فيها 21 قتيلا بينهم مسلم واحد وعشرون قبطيا، والتي كانت حلقة فارقة في مسلسل العنف الديني، وانطلقت بعدها أحداث متفرقة غير انها كانت في مجملها فردية، وتعد محافظة المنيا بصعيد مصر هي اكثر المحافظات المصرية التي شهدت أزمات عنف طائفية خلال السنوات الأخيرة وسقط فيها عدد محدود من القتلى، وكان من اشهر احداث العنف بالمنيا حادثة منقطين وبني واللمس ومغاغة وسمالوط، إضافة إلى أحداث طائفية أخرى في البحر الأحمر بسبب سور أحد الأديرة الذي وقع وأرادت الكنيسة بناءه بدون الرجوع للجهات الأمنية كما هو متبع. وعلى الرغم من وجود أزمات أخرى كانت سببا فيها الصحافة مثل أحداث جريدة النبأ والراهب المشلوح لدير المحرق، الا ان معظم الأحداث حسبما يؤكد المراقبون كانت بسبب تشدد المطران في بعض الكنائس، فضلا عن ان بعض هذه الأزمات جاءت بسبب إسلام بعض المسيحيين، غير ان قضية وفاء قسطنين زوجة أحد الرهبان بمحافظة البحيرة وإسلامها كانت من اكبر الأزمات الطائفية التي اندلعت في مصر وتظاهر على أثرها المسيحيون في مختلف المحافظات المصرية.

ورغم ان محافظة الإسكندرية من المحافظات الهادئة نسبيا إلا أنها شهدت في نهاية العام الماضي أزمة عنيفة بكنيسة مارجرجس بمنطقة محرم بك على اثر توزيع الكنيسة CD يحوي مسرحية بعنوان «كنت أعمى والآن أبصرت» ويحكي قصة مسيحي اسلم ثم عاد للمسيحية باعتبارها الأفضل بالنسبة له، وهو ما اعتبره المسلمون إساءة مباشرة للإسلام خاصة انه عرض بمقر الكنيسة ووزع بها فخرج على أثرها المسلمون في مظاهرة عارمة أحاطت بمقر الكنيسة ووقعت فيها أحداث عنف وإصابات وإلقاء حجارة وسقطت فيها راهبة تدعى سارة رشدي بطعنة شاب مسلم يدعى محمد السيد احمد والقي القبض على اكثر من مائة متظاهر في الأحداث التي استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع.

في وقت اتهمت فيه أطراف قبطية وإسلامية الأجهزة الأمنية بالتراخي في التعامل مع هذه الأحداث، مما أدى إلى اتساعها وسط محاولات من هنا وهناك لاحتوائها، غير ان التعامل من دون فتح قنوات حوار إيجابية يقف دائما عائلا ضد تنقية الأجواء بين المسلمين والأقباط، ولم تكن حادثة العديسات والأقصر التي سقط فيها قتيل مسيحي بسبب أزمة بناء الكنائس ببعيد، حيث تعد مشكلة بناء الكنائس هي الأزمة الأكبر في تاريخ العنف الطائفي، ولم يكن قرار الرئيس المصري حسني مبارك بمنح المحافظين سلطة القرارات ببناء الكنائس والتي كانت خاضعة لقرارات رئاسية من قبل وكانت حلا للازمة حيث يطالب الأقباط بإصدار قانون لتوحيد بناء دور العبادة للأقباط مثل المسلمين.