القذافي يقود وساطة لاحتواء الأزمة بين السودان وتشاد.. ومصر تطالب بضبط النفس

نجامينا تتهم الخرطوم بإعادة تنظيم «المتمردين» والسفارة التشادية في الخرطوم لا علم لها بقطع العلاقات

TT

كشفت مصادر سودانية عن وساطة يقودها الرئيس الليبي معمر القذافي لاحتواء التوتر بين السودان وتشاد، كما كشفت ان نجامينا رفضت استقبال مبعوث من الرئيس السوداني عمر البشير حاول السفر الى هناك لاحتواء الازمة، واتهم وزير الخارجية التشادي احمد علامي امس الخرطوم «باعادة تنظيم جيش جديد» من المتمردين لمهاجمة تشاد، بعد فشل هجوم شنته الجبهة الموحدة للتغيير الخميس على نجامينا.

وقال القائم بأعمال السفارة التشادية في الخرطوم «كبارو حسين ال سولاي» ان حكومته لم تبلغه بقطع العلاقات بين البلدين وان سفارته ستبقى مفتوحة في الخرطوم. وقال أل سولاي «اننا نعمل بشكل طبيعي في السفارة ولم نتلق اي طلب من الحكومة التشادية لاغلاقها». واضاف ان السفير التشادي عاد الى تشاد «لتمضية اجازة قبل نشوب الأزمة، وقال انه لا علاقة لوجوده في تشاد بالأحداث «القائمة»، نافيا ان تكون السلطات السودانية اتصلت به او طلبت منه مغادرة البلاد.

لكن مسؤولا في وزارة الخارجية التشادية قال لـ«الشرق الاوسط» في اتصال هاتفي امس ان بعثة بلاده الدبلوماسية فى الخرطوم اغلقت ابواب السفارة اعتبارا من يوم اول من امس، وان افراد البعثة الان في انتظار طائرة لتقلهم الى نجامينا ، ولكنه لم يحدد موعدا قاطعا. وكان الرئيس التشادي ادريس دبي قرر الجمعة قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والسودان بسبب ما اعتبره دعم السودان اللوجستي للمعارضة التشادية فى هجومها الخميس الماضي على العاصمة التشادية نجامينا . وقال المسؤول التشادي الذي طلب عدم ذكر اسمه ان الاوضاع مستقرة حتى امس فى العاصمة نجامينا «وانه ليس هناك ما يعكر صفو حياة الناس فى المدينة». وفي الخرطوم كشف وزير الخارجية السوداني الدكتور لام اكول فى تصريحات صحافية امس ان نظيره الليبي علي التريكي سيصل البلاد في اي لحظة في مساع ليبية لاحتواء التوتر بين الخرطوم ونجامينا » وذلك بالعمل على تنفيذ اتفاق طرابلس الذى تم توقيعه الشهر الماضى لاحتواء الازمة بين الجارتين»، وقال ان الاتصالات مستمرة فى سبيل تنفيذ اتفاق طرابلس.

وعكس اكول حرص بلاده على تنفيذ اتفاق طرابلس، واستدرك «ولكن تشاد تخرق الاتفاق». وكشف اكول ان الحكومة السودانية حاولت فى الايام الماضية ارسال مبعوث رئاسى لنجامينا حول التوترات بين البلدين ولكن تشاد قابلت الخطوة السودانية بالرفض. وشدد اكول «ولن نحاول مرة ثانية».

وحسب اكول فان مجلس الامن والسلم الافريقى، ومجلس الامن الدولى رفضا شكوى مقدمة من تشاد ضد السودان حول الاحداث الاخيرة فى نجامينا ، وكرر حرص السودان على علاقات جيدة مع نجامينا .

من ناحيته، قال جمال محمد ابراهيم الناطق باسم الخارجية السودانية ان الحكومة السودانية لا ترغب فى تصعيد الاوضاع مع تشاد، وأضاف «لسنا مع الوضع التصعيدي». من ناحيته، شدد مستشار الرئيس السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل على ان الخرطوم لن تقدم على قطع علاقاتها بنجامينا أو ترد على خطوة طرد سفيرها بأخرى مماثلة، وأضاف الحكومة تؤمن بمتانة العلاقات بين الشعبين لذا تحرص على الدفع بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ومضى ان ما حدث بتشاد شأن داخلي وعلى النظام هناك ان لا يلجأ لشماعة السودان والقوى الخارجية بل يعمل على مجابهة مشاكله وان يهتم بمواطنيه. من جهته قال وزير الخارجية التشادي احمد علامي في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية ان «هناك تحضيرات جارية من الجانب الآخر من الحدود. السودانيون يعيدون تنظيم جيش جديد (...) السودانيون يستعدون لتنفيذ مذبحة جديدة». وأضاف ان «المجموعة الآتية من السودان التي تم التصدي لها (الخميس عند أبواب نجامينا) توزعت على مختلف انحاء البلاد وهؤلاء العناصر يسعون الى العودة الى السودان بأي ثمن».

وقال وزير الخارجية ان عدد متمردي الجبهة الموحدة للتغيير الهاربين حاليا «لا يتعدى المئتين». وأضاف علامي «نبحث عنهم وعملية التمشيط مستمرة لكن لم يعد هناك من قوة فاعلة تهدد الأراضي، محذرا في الوقت ذاته من «إمكانية ان يمارس هؤلاء العناصر بعض المضايقات».

الى ذلك دعا وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط السودان وتشاد امس الى «ضبط النفس» معربا عن «قلق بلاده الشديد للتدهور الحالي في العلاقات السودانية ـ التشادية». وناشد ابو الغيط في تصريحات للصحافيين «الدولتين الجارتين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لمنع المزيد من التدهور في العلاقات بينهما».

كما دعا وزير الخارجية المصري الجانبين الى «الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق طرابلس الأخير وتفعيل الآليات المتفق عليها للتعامل مع شكاوى كل طرف». وكان الاتفاق وقع في الثامن من فبراير (شباط) بين الخرطوم ونجامينا تحت رعاية ليبيا وتعهدت فيه كل من الدولتين بعدم ايواء متمردين من الدولة الاخرى على اراضيها ومنع اي نشاط معاد ضد اي منهما.

الى ذلك اعلن المفوض الاعلى للاجئين انطونيو غوتيريس في جنيف امس ان الرئيس التشادي ادريس ديبي تعهد بعدم طرد 200 الف لاجئ من دارفور الى تشاد كما كان هدد سابقا. وذكر بيان صادر عن غوتيريس انه تشاور هاتفيا مع الرئيس ديبي في «اطار الجهود المشتركة لتأمين حماية اللاجئين السودانيين من اقليم دارفور الذين استقروا في تشاد».

وتابع غوتيريس «يسرني الإعلان عن تأكيد (ديبي) أنه لن يتم إبعاد اللاجئين وأن تشاد ستحترم المبادئ الدولية» في ما يتعلق باستضافة اللاجئين. وكان الرئيس ديبي هدد بعد هجوم لمتمردين تشاديين استهدف عاصمة بلاده نجامينا، بطرد 200 ألف لاجئ سوداني من دارفور من مخيماتهم في شرق تشاد في نهاية يونيو (حزيران) إذا لم يجد المجتمع الدولي ملجأ آخر لهم.

وحذر مسؤولون في الأمم المتحدة أمس من أن إغلاق تشاد لحدودها مع السودان بعد هجمات المتمردين تهدد إمدادات الغذاء لنحو 400 ألف نازح يعيشون في معسكرات في إقليم دارفور السوداني الذي يمزقه العنف.