البحرين: جدل وانتقادات لنشر صور «الملثمين» قبل تقديمهم للقضاء

8 متهمين في قضية إشعال الإطارات في الطرق العامة

TT

تسبب نشر صحف محلية بحرينية صورا لمتهمين في ما يعرف بقضية (الملثمين) خلال مجريات التحقيق معهم وقبل محاكمتهم أمام القضاء البحريني، بموجة من الاستياء والاعتراض بين عدد من مؤسسات المجتمع المدني وناشطين في حقوق الانسان والجمعيات السياسية على وجه الخصوص.

وقادت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، أمس حملة الاستنكار والشجب ضد ما قالت عنه إنه مبدأ النشر قبل ثبوت التهمة.

وتأتي هذه الأزمة الجديدة بين الجمعيات السياسية وبين الحكومة، في أعقاب نشر صحف محلية بحرينية أمس الأول. بيانا صادرا من النيابة العامة تضمن أسماء وصورا لثمانية متهمين في قضية تشغل البحرين حاليا، وهي ظهور شباب ملثمين يقومون بإشعال الإطارات وحاويات القمامة في بعض الطرق العامة، مما تسبب في قطعها ومضايقة المواطنين وتعطيل مصالحهم.

وقالت النيابة العامة إن وزارة الداخلية أجرت تحرياتها المكثفة حول المتهمين الثمانية، وتم عرض هذه التحريات على النيابة العامة «التي أمرت بضبطهم حال ارتكابهم لأعمال الشغب»، فيما قامت وزارة الداخلية بتكثيف دورياتها وإعداد العديد من الأكمنة، وبعد ان قامت النيابة العامة باستجوابهم وجهت لهم تهمتي التجمهر وإتلاف الممتلكات العامة، وأمرت بحبسهم خمسة عشر يوما على ذمة التحقيق.

وهاجمت «الوفاق» ما سمته إقدام جهات رسمية وصحافية على نشر صور ومعلومات في سياق بيان للنيابة العامة تخص عددا من المواطنين الذين تم اعتقالهم على خلفية ما سمي بـ«الملثمين» في عدد من الصحف المحلية يوم السبت الماضي، «وذلك خلافا لمبدأ براءة المتهم حتى إثبات الإدانة وخلافا للحق الدستوري والقانوني. وأشارت الى أن المتهمين ما زالوا موقوفين على ذمة التحقيق ولم يثبت بعد عبر المحاكمة النزيهة تورطهم في الأحداث، مما يذكر هذا العمل بالفترة المظلمة لقانون أمن الدولة التي كانت الصحافة وعبر ضغوط حكومية تنشر صور الرموز الوطنية مرفقة بسلسلة من الاتهامات يثبت بعدها أنهم أبرياء منها».

واللافت في هذه القضية هو مهاجمة الكاتبة البحرينية الليبرالية سوسن الشاعر عملية نشر الصور، وأكدت في مقال نشرته أمس في صحيفة «الوطن»، وهي الصحيفة التي نشرت الصور أيضا، رفضها لنشر صور المتهمين قبل أن تثبت إدانتهم، وألقت باللوم على النيابة العامة «لعدم حرصها على الالتزام بقاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته، مهما كانت أدلة الاتهام قوية، إلا أن (حتى) هذه شرط زمني لا بد من إعطائه الفرصة الكافية ليأخذ حقه زمناً وعملاً، وكثيرا ما برِّئ أشخاص اقتيدوا للمحاكمة».

وفي الوقت الذي أشادت الوفاق بموقف صحيفتي «الوسط» و«الوقت» لعدم نشرهما هذه المعلومات، فقد أشارت إلى أن نشر صور وأسماء المتهمين قبل إدانتهم يتنافى مع التشريعات السماوية والوضعية، ويؤثر على سير العدالة ويجير التحقيق والمحاكمات لغير صالح المتهمين، معتبرة ذلك تشهيرا على الملأ العام ومضرا بمعنويات ونفسيات وسمعة وكرامة المتهمين وأسرهم، فضلا عن إساءة ذلك وضرره على مكانتهم الاجتماعية ومستقبلهم الوظيفي وغير ذلك.

وقالت «الوفاق» إنه وحرصاً منها على المسؤولية الوطنية والإنسانية وحرصاً منها على تطبيق النظام والقانون في المنهج القضائي والصحافي، فإنها ترى أن هذه سابقه خطيرة في عهد الإصلاح «وهي من الصور والأساليب التي كانت تستخدم في إهانة وتشهير المواطنين في أيام قانون أمن الدولة»، وأدانت ما سمته بالتشهير والإساءة وعرض صور مواطنين ما زالوا قيد التحقيق، وأبدت استنكارها بشدة لهذه السابقة الخطيرة من الأساليب في التشهير والإهانات للمواطنين. كما جددت «الوفاق» التأكيد على نبذ كل أشكال العنف ورفض أساليب إشعال الحرائق في الإطارات والحاويات وغيرها، وهو الأمر الذي طالما أكدت عليه في السابق، ودعت جميع البحرينيين لعدم الانجرار إلى منزلق المواجهات الأمنية المؤدية إلى اشتعال الساحة، كما تدعو الوفاق النيابة العامة والصحافة للالتزام بالأخلاقيات والأعراف المهنية والصحافية في توجيه الإهانة والتشهير وعدم استخدامها للوسائل غير الأخلاقية للأغراض السياسية الضيقة التي تدفع البلاد لمزيد من التأزم والتدهور للأوضاع الأمنية.

وفي السياق نفسه، طالبت جمعية شباب حقوق الانسان بإطلاق جميع المعتقلين في هذه القضية وغيرها من القضايا، وأشارت إلى أنه تم اعتقال جميع من تم وضع صورهم في الصحف اليومية في أماكن مختلفة وأوقات مختلفة.

ووفقا للمعلومات الواردة للجمعية فان معظمهم تم اعتقالهم قبل أسبوعين، خلافا للمعلومات التي أصدرتها النيابة العامة، وأنه تم تجديد حبسهم منذ فترة طويلة.

وتساءلت الجمعية عن أسباب نشر صورهم في هذا الوقت بالتحديد. وقالت الجمعية إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته «ولكن مع وضع صور المعتقلين في الصحف اليومية، يشير إلى مخالفة صريحة لهذه القاعدة القانونية».