صبية عراقيون يفككون سيارات الموت ليبيعوها في «سوق الخردة»

يتابعون أخبار التفجيرات الانتحارية تمهيدا للانقضاض على ما تخلفه

TT

لم يكن (مصطفى) سوى احد افراد مجموعته الذين لم تتجاوز اعمارهم الاربعة عشر عاما وقفوا ينتظرون مغادرة قوات الشرطة وسيارات الاسعاف والقوات الاميركية التي احاطت بالمنطقة التي حصل فيها تفجير السيارة المفخخة. وما ان فض (المولد) كما قال مصطفى لـ«الشرق الأوسط» حتى هرع والصبية الصغار الى مكان السيارة والسيارات التي تضررت ليقيموا حولها وليمة سموها «رزق الأحياء على الموتى».

يقول مصطفى إن عمله الذي أتقنه منذ سنتين هو متابعة الأخبار ومعرفة مواقع الانفجارات للسيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي تخلف «خردة السيارات» ليقوم ومجموعته المتألفة من خمسة صبيان بتفكيك ما تبقى من هذه السيارات بعد الانفجار ويذهبون بحصادهم الى سوق الخردة او شارع الشيخ عمر لبيعها لأصحاب محلات التصليح. وأشار علي، وهو من افراد نفس المجموعة، ان هذا العمل لا يقتصر عليهم وحدهم، بل ان هناك محلات توفد صبيانها لتلك الاماكن للاستفادة من بقايا السيارات التي «تصدر الموت للناس».

وفي شارع الشيخ عمر كشف أحد أصحاب المحلات عن أن كثرة السيارات والعبوات الناسفة قد ملأت محلاتهم بأدوات لم يطلها التفجير، وأصبح الصبية الذين يعملون لديهم يتنافسون للذهاب الى أماكن السيارات المتفجرة قبل رفعها من قبل قوات الشرطة او الجيش والتي نادرا ما تقوم برفعها من الاماكن البعيدة عن بغداد والتي ليست في الشوارع الرئيسية منها. وقال نادر، وهو لم يتجاوز العشر سنوات من العمر، انه قام بتفكيك عشر سيارات مع زملاء له في المهنة، وانه قد جنى مبلغا لا بأس به من صاحب المحل الذي يعمل لديه، مشيرا الى انه شعر ولمرات عديدة بحرقة في يديه من جراء العمل في السيارات التي حملت المتفجرات وانفجرت.

وأشار أحد الأطباء المتخصصين بالأمراض الجلدية الى ان المتفجرات قد تؤدي الى أمراض جلدية خطيرة، وان هذه المواد المتفجرة قد تسبب أمراضا أخرى خطيرة، وخصوصا ان المواد الكيماوية التي تحملها بعد الانفجار هي الاكثر خطورة من قبله، مؤكدا ان الكثير من الحالات قد وصلت الى المستشفيات العراقية والى العيادات بشكل خاص كانت من نتائج قربهم او تعرضهم للانفجارات التي تحصل في الشوارع العراقية. وذكر لنا الطبيب المختص ان احدى هذه الحالات والتي ما زالت تعالج من قبله هي لصبي عمل في هذه المهنة التي ذكرناها، موضحا ان يديه قد شوهت بالكامل وانه يعمل على علاجها من التقرحات التي أصابتها. وقبل ان نخرج من جراح هذا الموضوع انفجرت سيارة مفخخة في احد الشوارع ببغداد، وما ان فض الاشتباك الذي حصل عقبه حتى تجمع أكثر من عشرة أطفال حول السيارة المفخخة وهم يحملون عددهم التي يرومون من خلالها تفكيك ما تبقى من سيارة الموت، دون علم منهم انها ستحمل الأمراض لهم كما حملت الموت لغيرهم!