إجازة بناء مسجد شرق برلين رغم معارضة اليمين المتطرف

نازيون هددوا بقطع رأس العمدة وحرق المسجد

TT

تسبب مشروع بناء مسجد جديد في شرق العاصمة برلين بموجة احتجاجات كبيرة ساهم اليمينيون المتطرفون والنازيون الجدد بدور أساسي فيها. ووصفت مجلة «دير شبيغل» الاعتراضات على بناء المسجد بأنها مزيج من العداء للأجانب والتحريض ضد الأديان والتخوف من الإسلام. وأجاز المجلس البلدي في حي بانكوف الشرقي ببرلين بناء المسجد رغم حركة المعارضة الواسعة التي أبداها اليمينيون ضد المسجد. وذكر توماس جوتسكة، عضو المجلس البلدي والمسؤول عن شؤون البناء، انه لا يوجد أي سبب لرفض إجازة البناء، حسب الفقرة 34 من قانون البناء الألماني.

ووزع الحزب القومي الألماني منشورات تحريضية تحذر المواطنين الألمان من تحول المسجد إلى «مستوطنة عربية» تمهد لأحداث شغب مماثلة لتلك التي شهدتها فرنسا في الأشهر الأخيرة. ويحذر المنشور من أجواء تشبه «أجواء العراق» في حي هاينرسدورف في حالة بناء المسجد فيه. ويصف المنشور المنطقة المخصصة لبناء المسجد بـ«الجميلة» رغم معرفة الجميع بأنها منطقة مرآب قديمة ومهملة بالقرب من الطريق السريعة المؤدية إلى برلين.

واستخدمت «المبادرة الشعبية» ضد بناء المسجد، التي شكلها الحزب القومي، مبدأ تخويف المواطنين الشرقيين بالبطالة المبتلين بها. وروجوا بين سكان الحي (600 نسمة) ان بناء المسجد سيجتذب المزيد من المسلمين العاطلين، ويؤدي إلى خفض قيمة البيوت والأراضي والإيجارات وإلى انتشار الجريمة والمخدرات بين الشباب. وكانت الطائفة الأحمدية قد تقدمت بمشروع بناء المسجد إلى المجلس البلدي المحلي قبل بضعة أشهر. وذكر شيخ الطائفة ببرلين الإمام عبد الباسط طارق، ان المسجد، الذي يفترض أن يبنى على مساحة 4800 متر مربع، سيفتح أبوابه لكل المسلمين وليس إلى أبناء الطائفة الذين يقدر عددهم بنحو 200 فرد في غرب وشرق برلين. وتقدر دائرة حماية الدستور(الأمن العام) عدد أفراد الطائفة الأحمدية في ألمانيا بنحو 30 ألفا، وتصنفها في خانة الطوائف المحافظة وليس في خانة الطوائف المتشددة أو الإرهابية. وتقدر الدائرة أن الطائفة الأحمدية بنت نحو 100 مسجد في ألمانيا منذ عام 1989.

وكشف ينز هولجر كيرشنر، رئيس بلدية المنطقة أن أحد النازيين هدده بقطع رأسه بسبب الموافقة على بناء المسجد. كما تلقى كيرشنر مكالمة هاتفية من امرأة مجهولة هددت بحرق المسجد. وتظاهر نحو 200 عضو من الحزب القومي في المنطقة المخصصة لبناء المسجد احتجاجا ورفعوا شعار «لا مسجد والحزب القومي موجود». وذكر الخطيب أمــام الصحافة «لن نستسلم نحن في شرق ألمانيا للأجانب كما يجري في الغرب». وذكّر الخطيب بفشل الحروب العثمانية ضد أوروبا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وأكد «اننا سننتصر هذه المرة أيضا». وردد الحضور في نهاية هتاف «محمد وعلي ومصطفى ارجعوا إلى أنقرة». وجمع النازيون 200 توقيع ضد البناء كما أنشأوا صفحة الكترونية خاصة للترويج ضد المسجد.

ووزع كيرشنر بيانا إلى الموطنين، بعد انتــهاء عطلة عيــد الفصح، يتحدث فيه عن حق المواطن دستوريــا في البنــاء. وجــاء في البيــان أن من حق الجاليــة المســلمة بناء المساجد كمـا هو حق المسيحييــن ببنــاء الكنــائس. إلا أن نبــرة «الاحتجاج طغت على صوت العقل»، حســب اعترافـه.

وكانت الأحزاب اليسارية قد بادرت إلى الدعوة إلى ندوة حضرها نحو 1500 من سكان الحي لمناقشة موضوع بناء المسجد بهدوء. إلا أن تظاهرة يمينية حاشدة هددت باقتحام الندوة دفعت رجال الشرطة لتفريق المجتمعين. كما هدد نحو 100 نازي باقتحام مجلس البلدية أثناء اجتماع المجلس لمناقشة موضوع المسجد جرى مطلع مارس (آذار) الماضي. وعبر فرانك ايميرش، من الحزب الليبرالي، عن دهشته من طريقة تزوير الحقائق التي يمارسها «بعض المحتجين» ضد بناء المسجد.

وفي حين وقف ممثلو الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخضر وحزب اليسار الجديد إلى جانب بناء المسجد، ضم الديمقراطيون المسيحيون أصواتهم إلى أصوات اليمين المتطرف. وقال اولريش آيشنر إن الناس يريدون معرفة لماذا يتم بناء مسجد في حي لا يسكنه أي مسلم.

وفي تطور لافت نقلت صحيفة «برلينر تسايتونج» عن بلدية حي بانكوف، أن بناء المسجد سيتم تحت حماية الشرطة. وسيتولى رجال الشرطة تفحص أسماء عمال البناء وتفتيشهم كل مرة، كما سيمنعون «الغرباء» من الوصول إلى مكان البناء.

ورفع رجال الشرطة خلال فترة أعياد الفصح لافتة نصبها مجهولون في موقع البناء المفترض تقول «ان المسجد سيحترق يوميا». وسيقع على ممثلي الطائفة الأحمدية، رغم إجازة البناء، التفكير أكثر من مرة قبل أن ترتفع المئذنة في حي هاينرسدورف.