بلير: علينا توجيه رسالة واضحة وموحدة لطهران

روسيا ترفض المشاركة في عمل عسكري ضد إيران

TT

وسط جو من الانقسام الدولي مع فشل اجتماع موسكو، أول من أمس، في التوصل الى اتفاق على كيفية التعامل مع ايران، صرح رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس بأن الوقت قد حان «لتوجيه رسالة واضحة وموحدة، فالوقت ليس لتوجيه رسالة ضعف» الى ايران، وان «لم يكن الغزو العسكري مطروحاً». وجاء تصريح بلير في وقت اعلن فيه دبلوماسي اوروبي ان مسؤولين من الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) اجتمعوا مساء أمس مع مسؤولين ايرانيين. وأضاف لـ«رويترز» انه يعقد بطلب من ايران لكنه لا يتوقع تحقيق «انفراج». ورأى رئيس الوزراء البريطاني في جلسة المساءلة الاسبوعية أمام مجلس العموم ان الرئيس الاميركي جورج بوش معه «كل الحق» في عدم استبعاد اي خيار، بما فيها خيار استخدام القوة ضد ايران لمنعها من التسلح النووي. واوضح انه «في الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس الايراني عن ازالة اسرائيل من الخارطة ويتطوع شبان للقيام بعمليات انتحارية ضد اهداف اميركية وبريطانية واسرائيلية بموافقة ضمنية من النظام الايراني، ان لم يكن بتحريض منه، فإنني لا اعتقد انه الوقت المناسب لتوجيه رسائل ضعف». وقال بلير «اعتقد ان الوقت قد حان لان يرسل العالم رسالة وضوح ووحدة للنظام الايراني». واضاف ان هذه الرسالة يجب ان تدفع طهران الى احترام واجباتها في الشأن النووي، وان على ايران ايضا ان «تتوقف عن تمويل الانشطة الارهابية في العالم أجمع والعودة الى التزاماتها الدولية». ومن جهته، صرح الرئيس الإيراني، محمود احمدي نجاد، بأنه يتعين على الدول المنتجة للنفط، ولا سيما بلدان منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تقديم النفط بـ«أسعار مخفضة» الى الدول الفقيرة. وقال الرئيس الإيراني ان «الدول المنتجة للنفط ولا سيما الدول اعضاء «أوبك» يمكن ان تحدد حصة نفطية بأسعار تفضيلية للمستهلكين الفقراء». وأضاف لوكالة الأنباء الطلابية الإيرانية: «نقترح لذلك انشاء صندوق تضع فيه الدول المنتجة جزءاً من فائض نفطها لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها الدول الفقيرة بسبب ارتفاع أسعار النفط».

واعتبر احمدي نجاد انه «على الرغم من زيادة الأسعار في السنوات الماضية، فان النفط لم يصل بعد الى سعره الحقيقي». وجاء تصريح الرئيس الإيراني في وقت سجلت فيه أسعار الخام مستويات تاريخية مساء أول من أمس حيث ارتفع سعر برميل النفط الخفيف تسليم مايو (أيار) الى 71.60 دولار في سوق نيويورك، مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ دخوله البورصة عام 1983.

وتأتي هذه التصريحات في حين لم تتمكن الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) من التوصل الى اتفاق على العقوبات بعد اجتماع خصص لدراسة الموضوع النووي الايراني أول من أمس في موسكو.

وطالبت واشنطن موسكو وجميع الدول بوقف كل تعاون نووي مع إيران، بما فيه ما يتعلق بمفاعل بوشهر الذي يبنيه الروس في إيران. وقال المسؤول الثالث في وزارة الخارجية الأميركية، نيكولاس بيرنز، في موسكو أمس «نعتقد انه من المهم ان توقف كل الدول تعاونها مع ايران في المجال النووي، حتى في ما يتعلق بالمشاريع النووية المدنية مثل مفاعل بوشهر». وتخشى واشنطن من أن تستخدم طهران مفاعل «بوشهر» لأغراض عسكرية. وعلى صعيد آخر ، قال بيرنز لوكالة «انترفاكس الروسية» ان الحل الدبلوماسي للأزمة الايرانية «ما زال ممكنا». إلا انه قال ان «حوالي كل دولة تفكر في فرض عقوبات من نوع أو آخر على ايران، وهذا تطور جديد». وشرح ان غالبية الدول التي ضمن مجموعة الثماني الصناعية أو تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن تدعم عقوبات محتملة ضد ايران، من دون تسميتها. وأضاف لوكالة «اسوشييتد برس» امس ان نقاشاً دار حول احتمال فرض عقوبات على ايران، الا ان الموضوع ما زال يحتاج الى مزيد من المحادثات. وتابع ان الدبلوماسيين من الدول الست الممثلة في اجتماع أول من أمس اتفقوا على «الحاجة الى رد قوي لانتهاكات ايران لمسؤولياتها الدولية».

على صعيد آخر، اعلنت روسيا انها لن تشارك في أي ضربة عسكرية محتملة ضد ايران. وجاء ذلك على لسان رئيس اركان الجيش الروسي الجنرال يوري بالوئيفسكي أمس، والذي أضاف للصحافيين: ان روسيا لن تشارك، على الاقل طالما انا رئيس اركان، بقواتها المسلحة الى جانب اي طرف»، مضيفاً «تماما كما حدث في افغانستان»، في اشارة الى العملية التي نفذتها قوات التحالف بقيادة اميركية ضد حركة طالبان خريف عام 2001. وعلق على ان «اي حل عسكري للمشكلة الايرانية سيكون خطأ سياسياً وعسكرياً». ووسط شكوك في الغرب بأن طهران تسعى لامتلاك اسلحة نووية تحدت ايران الاسبوع الماضي مطالب الامم المتحدة، وأعلنت انها قامت بتخصيب اليورانيوم الى المستوى المستخدم في محطات الكهرباء. وتدعي ايران انها تريد فقط التكنولوجيا النووية لانتاج الطاقة وليس لأغراض عسكرية. وطلب مجلس الامن الدولي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ترفع تقريراً بحلول 28 ابريل (نيسان) بشأن التزام ايران بطلب المجلس بأن توقف طهران تخصيب اليورانيوم وان ترد على اسئلة الوكالة بشأن برنامجها النووي.

وأكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عدم توصل ممثلي الدول الثماني الكبار في اجتماعهم في موسكو أول من امس الى اي اتفاق حول المسألة الايرانية. وكرر لافروف مطالبة بلاده لطهران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم، معترفاً بعدم توصل ممثلي الترويكا الاوروبية وروسيا والصين والولايات المتحدة في اجتماعهم الذي استغرق ثلاث ساعات اول من امس الى اي اتفاق او قرار بهذا الشأن. وقال الوزير الروسي: «كل المشاركين في لقاء (الثلاثاء) اتفقوا على انه يجب مطالبة ايران باجراءات بناءة طارئة رداً على قرارات مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وتابع ان «هذا القرار ينص على ضرورة حصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية على رد حول الانشطة النووية السابقة لايران وكذلك دعوة لطهران لوقف الاعمال المرتبطة بالتخصيب». وافاد أن المباحثات ستتواصل على مختلف المستويات حول البرنامج النووي الايراني، مشيراً الى ان الموقف الايجابي من جانب طهران يمكن ان يفتح الطريق امام استئناف المباحثات حول هذا البرنامج بما يكفل احترام حق ايران وبقية اعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نشاطها النووي السلمي. وأفادت وكالة «اسوشييتد برس» امس ان الولايات المتحدة تفكر في العودة الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية للضغط مجدداً على ايران، بسبب عدم موافقة روسيا والصين على اتخاذ موقف متشدد ضد طهران في مجلس الأمن. وقال دبلوماسيون في فيينا طلبوا عدم الكشف عن هويتهم ان البعثة الاميركية الى الوكالة الدولية اتصلت ببعثات أخرى خلال الايام الماضية لمناقشة احتمال عقد جلسة خاصة حول ايران لمجلس امناء الوكالة. وعلى الرغم من ان الاميركيين لم يقرروا بعد المطالبة مثل هذا الاجتماع، الا ان النقاش بحد ذاته مهم اذ يظهر احتمال تغيير في السياسة الاميركية بعدما طالبت واشنطن تكراراً باحالة الملف النووي الايراني الى المجلس الأمن الذي يتمتع بصلاحيات اكثر من الوكالة الدولية. إلا ان فشل الدول الدائمة العضوية في التوصل الى استراتيجية منسقة في التعامل بالاجماع مع ايران قد يدفع الاميركيين الى اتخاذ مسار مختلف. ووصل وفد ايراني الى موسكو أمس، يضم نائب وزير الخارجية عباس ارغشي ومجموعة من مساعدي المسؤول الايراني المكلف الملف النووي علي لاريجاني. ونفى الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي أمس مشاركة لاريجاني في الوفد. وأضاف الناطق باسم الخارجية لوكالة الصحافة الفرنسية ان «الزيارة تأتي بناء على دعوة من وزير الخارجية الروسي. وهناك احتمال بان يلتقي الوفد الايراني دبلوماسيين اوروبيين» موجودين في موسكو للمشاركة في اجتماع قمة الثماني.