إسرائيل تتوقع هجوما إرهابيا يهوديا لتدمير قبة الصخرة والمسجد الأقصى

تنشر سيناريو للهجوم المحتمل وتعبر عن قلقها من إمكان فرض إدارة دولية فيه

TT

في الوقت الذي يتزايد فيه عدد المجموعات اليهودية التي تزور الحرم القدسي الشريف بشكل يثير قلق المسلمين الفلسطينيين، نشرت مصادر أمنية اسرائيلية سيناريوهات متوقعة لهجوم ارهابي يهودي على الحرم يستهدف تدمير قبة الصخرة المشرفة أو المسجد الأقصى المبارك أو كليهما معا. وحسب هذه السيناريوهات، فإن اليمين المتطرف في اسرائيل، يئس من امكان التأثير بشكل ديمقراطي على الحكومة لمنعها من تنفيذ انسحاب آخر من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبسبب الحراسة المشددة جدا على رئيس الحكومة، لم يعد يفكر باغتياله. ولذلك قرر أن يلجأ الى تدمير المسجد الأقصى قبيل تنفيذ خطة الانسحاب المقررة للسنة القادمة، كوسيلة أخيرة لمواصلة الاحتلال.

واتضح من هذه السيناريوهات ان قوات الشرطة والجيش والمخابرات الاسرائيلية استطاعت من خلال تحقيقاتها مع مجموعات من الارهابيين اليهود والعناصر المتطرفة الأخرى جمع معلومات تفيد بأن الخطر على الحرم القدسي الشريف اكبر مما كان يعتقد، لأن هناك مجموعات يهودية تعمل بسرية بالغة لتنفيذ أهدافها الارهابية وهي تتألف من ضباط سابقين في الجيش اكتسبوا خبرة كبيرة في استعمال الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وفي اعداد العبوات الناسفة وفي مراقبة حركة قوات الأمن التي تحرس الحرم القدسي وتعرف كيف تلتف على اجراءات الحراسة هذه. وكانت دائرة الأوقاف الاسلامية في القدس أبلغت عن زيادة عدد الزيارات التي تقوم بها مجموعات يهودية من اسرائيل ومن المستوطنات اليهودية الاستعمارية في الضفة الغربية ومن الخارج، الى الحرم القدسي في الأسابيع الأخيرة. وقالت ان الملاحظ ان الشرطة الاسرائيلية لم تعد تمنع دخول هؤلاء اليهود، بل انها ترسل رجال شرطة لمرافقتهم في هذه الزيارات. وهم يصلون الى كل مكان في باحات الحرم، يرافقهم مرشدون سياحيون من اليهود المتدينين الذين يشرحون لهم عن قدسية المكان لدى اليهود ويدعون ان الصخرة المشرفة كانت قد بنيت على ركام الهيكل اليهودي الثاني، الذي يعتبر أقدس أقداس اليهود. وتثير هذه الزيارات قلق المسلمين الفلسطينيين، فأصدرت دائرة الأوقاف بيانا استنكرت فيه محاولات اليهود المتطرفين وتراخي الشرطة الاسرائيلية وسماحها لهم بدخول الحرم. وأصدرت الحركة الاسلامية في اسرائيل بيانا مماثلا ناشدت فيه الأمتين، العربية والإسلامية، وكل شعوب العالم أن يهبوا لمنع اعتداء ارهابي يهودي كبير على الحرم.

من جهة أخرى، اهتمت قوات الأمن الاسرائيلية بأن تنشر تخوفاتها حول الموضوع، فقال ممثلون عنها لصحيفة «يديعوت أحرونوت» (ملحق اليوم الأخير من عيد الفصح الذي صادف أمس) انها واعية لخطر الهجوم الارهابي على الحرم القدسي الشريف، لكنها تؤكد في المقام نفسه انها تعمل كل ما في وسعها لمنع الهجوم. وكشفت بعض الاجراءات الأمنية التي تتخذها لمنع تنفيذ هجوم كهذا، ومنها: نشر ألوف رجال الشرطة بشكل علني وبشكل سري في جميع أنحاء البلدة القديمة من القدس لمراقبة كل حركة غريبة، نشر كاميرات تصوير فيديو تعمل وتراقب الحركة في جميع زقاقات القدس القديمة بشكل متواصل طيلة 24 ساعة في اليوم وتبث الصور حية الى غرفة مراقبة دائمة في قيادة الشرطة والمخابرات، مد شريط الكتروني بطول مترين حول الحرم القدسي وفوق الأسوار وعلى اسطح جميع العمارات المحيطة بالحرم المقدسي بحيث تتمكن الشرطة من الوصول الى أي مكان يمس فيه التيار خلال ثلاث ـ خمس دقائق.

ولكن هذا النشر لم يأت للطمأنة فحسب، بل ليقول أيضا ان اغلاق الحرم القدسي بشكل محكم مئة بالمئة هو أمر غير ممكن، لأن الحديث يجري عن مكان عظيم ضخم، مبني بشكل معقد ومزدحم بالسكان وتوجد له تسعة مداخل كبيرة رحبة (أحدها فقط متاح لليهود والأجانب هو باب المغاربة، والبقية مفتوحة فقط للمسلمين). ويعني ذلك ان الأمن الاسرائيلي لا يستبعد أن تنجح مجموعة من الارهابيين اليهود في تنفيذ مأربها في هذه المنطقة المقدسة للمسلمين ولسائر الفلسطينيين.

وحسب النشر في الصحيفة المذكورة، فإن الجماعات الارهابية التي تفكر في اعتداء كهذا كثيرة وتعد بالمئات، إن لم يكن أكثر. ولكن يكفي أن يتفق خمسة اشخاص منهم على خطة هجومية بالروح التي تعلموها في الجيش الاسرائيلي حتى يصبح الهجوم الارهابي على الأقصى واقعا. وللتأكيد على ذلك، وضعوا سيناريو خياليا لكنه مستمد من الواقع، فتخيلوا نوعية أولئك الخمسة، فإذا بهم مستوطنون متطرفون ممن قرروا عمل شيء كبير لإفشال خطة رئيس الحكومة ايهود اولمرت للانسحاب الجزئي من الضفة الغربية وازالة المستعمرات من هناك. فحضروا الى القدس صبيتين وثلاثة شبان، أربعة منهم خريجو الجيش الاسرائيلي الذين عادوا الى الدين وتركوا الجيش. الصبيتان تسللتا الى الحرم القدسي بلباس نسائي اسلامي. والشبان تسللوا بعد أن اندسوا في مجموعة زوار أجانب. درسوا الأوضاع والتقطوا الصور ثم عادوا عدة مرات بطرق مختلفة، واستقروا فيها. وبعد عدة أسابيع من المراجعات، تمكنوا من اطلاق صاروخ من طراز «لاو» على الصخرة المشرفة، من فوق بناية عالية في الحي الاسلامي كان اليهود قد اشتروها من عائلة عربية وحولوها منذ سنة 1986 الى فنيدق للزوار اليهود والأجانب. ويؤكد الصحافيان اللذان أعدا هذا التقرير ان قوات الأمن الاسرائيلية أجرت دراسة مستفيضة حول الموضوع، راجعت خلالها ملفات العصابات الارهابية اليهودية التي كانت ضبطت في نهاية السبعينات وفي سنة 1984 وفي السنتين الأخيرتين فتبين انها خططت بمعظمها ليس فقط لإطلاق صاروخ ، بل نسف الصخرة بواسطة عبوة زنتها 500 كيلوغرام، بحيث لا تقوم لها قائمة بعد ذلك.

وأعرب قادة أجهزة الأمن عن خشيتهم من رد الفعل على نجاح مثل هذه العملية، إذ ان العالم الاسلامي سيلتهب وستشتعل انتفاضات كبيرة في اسرائيل نفسها (المواطنون العرب فيها واليهود العقلاء وأنصار السلام)، وفي الضفة الغربية وفي الأردن ومصر، وستلتهب أوروبا والولايات المتحدة بالمظاهرات العالمية، وستضطر اسرائيل الى الرضوخ للضغوط الدولية وتقبل وصول قوات مراقبة دولية تسيطر على الحرم وتتولى ادارته، باعتبار أن اسرائيل أثبتت فشلها في ادارته وحمايته. وهذا هو الأمر الذي كان اقترحه الرئيس الأميركي السابق، بيل كلنتون، ورفضته اسرائيل في مفاوضات «كامب ديفيد».