عرب العراق يجدون في كردستان الملاذ الآمن

إجماع على الإشادة بـ«الترحيب الشعبي».. لكن البعض يشكو «التمييز» الرسمي

TT

يقول حسن عبد الزهرة، 40 عاما، سائق سيارة للاجرة من اهالي البصرة يسكن السليمانية في كردستان العراق منذ انتفاضة عام 1991، انه الان سعيد جدا لانه يعيش بين اهله واخوانه، وجيرانه الاكراد. ويضيف عبد الزهرة انه لا يحس بفرق بين البصرة مسقط رأسه والسليمانية ويقول «المعاملة طيبة وعلاقتي بهم طيبة واكثر اصدقائي من الاكراد». ويتفق العرب الساكنون في السليمانية مع حسن على المعاملة الجيدة من قبل الناس العاديين من اهالي المدينة. وبالرغم من غلاء المعيشة في السليمانية فضل الكثير من العرب النازحين من باقي المدن العراقية ايام حكم صدام العيش في هذه المدينة بسبب الظروف الامنية المستقرة.

هذه التجربة اكدها الصحافي سيف الخياط، 28 سنة، الذي يسكن في هذه المدينة منذ عام 1988 في محلة رزكاري تازة ويقول «اشعر بالامن واجد الفارق شاسعا بين بغداد والسليمانية التي تربط اهلها علاقة جيدة بقوات الامن». واضاف ان الشعب الكردي «شعب بسيط ومحب للحياة ولكن بعض من يمثلون الاحزاب القومية الكردية، وبالاخص الاتحاد الوطني الكردستاني، يميلون الى نشر الافكار القومية العنصرية».

وتتفق الموظفة الحكومية ابتسام علي، 44 سنة، مع سيف في تمييز بعض المسؤولين حيث قالت «تلقينا معاملة جيدة من الناس العاديين كونهم اناسا بسطاء لكن هناك بعض التمييز في الدوائر الحكومية حيث من الصعوبة الحصول على وظيفة». واضافت «لقد كتب المسؤولون على طلب تعييني كلمة عربية».

لكن آسو علي، مسؤول تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني، فقد ذكر «ان هذه الادعاءات لا تتناسب مع توجهات الحزب، والذي يتابع الوضع في كردستان سيلاحظ بان حقوق الجميع محفوظة عكس مناطق وسط العراق التي يذبح فيها الكردي فقط لانه كردي .. وان الدليل على هذا هو مجيء هذه الاعداد الكبيرة من الاخوة العرب الى السليمانية للعمل، كما اطالب المواطنين العرب في السليمانية ممن حصل ضدهم اي تمييز الاتصال بالحزب وانهم مستعدون لفتح اي تحقيق باي شكوى تتقدم بهذا الخصوص».

وتقول مدرسة الاقتصاد المنزلي في مدرسة فريشتة الابتدائية نور رياض، 22 سنة، «ان اهالي السليمانية يحترمون كل الاشخاص على عكس ما موجود في مناطق اخرى الا ان حاجز اللغة لا يزال قائما في بعض الحالات وانهم متعاونون جدا وانا عربية فالمشكلة لدي هي طريقة التفاهم لان اللغة مختلفة».

والملاحظ ان معظم الاكراد من عمر نور لا يتكلمون اللغة العربية والذين كانت اعمارهم انذاك عشر سنوات بسبب انقطاع العلاقة بين كردستان والمدن العراقية الاخرى بعد انسحاب دوائر الحكومة العراقية المركزية عام 1991 حيث قامت السلطات في الاقليم بتغيير المناهج الدراسية الى اللغة الكردية. وتضيف نور «انا الان اعيش بأمان ومرتاحة جدا وان عوائل كثيرة رحلت من بغداد الى السليمانية بحثا عن الامن في هذه المدينة».

اما في الجانب الكردي فهناك ترحيب بالعرب القادمين الى هذه المدينة. جيهان جير، 38 سنة، سائق سيارة اجرة من السليمانية يقول «نحن والعرب وباقي الاقليات جزء من العراق ومن حقهم العيش في اي مكان يرغبون فيه داخل هذا البلد»، ويؤيد رأي جيهان الحاج محمد صالح، 73 سنة، وهو صاحب محل للخضار في مدينة السليمانية، حيث قال «كل عراقي من حقه العيش والتنقل في بلده لا فرق بين البصرة وبغداد والسليمانية والعراب اخوة لنا».

لكن بعض العوائل الكردية التي عاشت في المناطق العربية من العراق والتي لا يتحدث جيلها الجديد اللغة الكردية اضطرت الى النزوح من المدن ذات الغالبية العربية والتي تشهد عمليات عنف طائفية بعد ان تعرضت للاضطهاد في الاماكن التي كانوا يسكنونها. وتقول مائدة سالم، 35 سنة، وهي معلمة في مدرسة الجواهري العربية، «لقد تركنا مدينة الموصل التي كنا نعيش فيها بسبب تهديد كنا قد تلقيناه لكون زوجي من اصول كردية». اما افين محمد، 12 عاما، وهي طالبة في المرحلة المتوسطة وهي ابنة لاب كردي معدوم في زمن النظام السابق، فتقول «لقد تعرضت عائلتي لمضايقات كثيرة في منطقة الاعظمية واخيرا تلقينا تهديدا مما اضطرنا الى الرحيل للعيش مع اهل ابي في السليمانية».

ويبدو ان الوضع الجديد في العراق قد صنع عراقين، احدهما يتكلم الكردية وآخر مضطرب يتكلم العربية، والحركة الان هي باتجاه الملاذ الكردي الآمن.