أزمة تشكيل الحكومة العراقية تنفرج بعد انسحاب الجعفري

مرشح «الائتلاف» الشيعي يتراجع بعد شهرين من تحدي الأكثرية البرلمانية التي رفضته

TT

بعد اكثر من شهرين على نشوبها انفرجت امس ازمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بتخلي المرشح لرئاستها عن كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» الشيعية ابراهيم الجعفري عن تمسكه بترشحه الذي رفضته الكتل البرلمانية الاخرى جميعها.

وحال الاعلان عن موقف الجعفري الجديد توافقت الكتل البرلمانية على تأجيل جلسة البرلمان التي كانت ستعقد بعد ظهر امس الى يوم غد لاتاحة المجال لهذه الكتل للاتفاق على مرشحيها الى المناصب السيادية الرئيسية، (رئيس الجمهورية ونائباه، ورئيس البرلمان ونائباه، ورئيس الوزراء).

واعلن عن تراجع الجعفري نائبه في حزب الدعوة جواد المالكي الذي ابلغ مؤتمرا صحافيا ان الجعفري «اختير من قبل الائتلاف وهو اليوم يعيد هذا الترشيح للائتلاف ليقرر ما يراه مناسبا، ما يعني انه ليس متمسكا بأي شكل من الاشكال بهذا المنصب».

وفي وقت لاحق اكد حسين الشهرستاني عضو كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» في مؤتمر صحافي مشترك ضم الرئيس جلال طالباني والرئيس المؤقت لمجلس النواب عدنان الباجه جي ورؤساء وممثلي الكتل البرلمانية المختلفة ان امر مرشح الائتلاف الجديد لرئاسة الوزراء سيحسم غدا قبل عقد جلسة البرلمان.

وقال الشهرستاني ان «الهيئة السياسية في الائتلاف ستتخذ قرارا حول مرشح الائتلاف ليعرض على الهيئة العامة للتصويت عليه كما حصل في المرة السابقة وهذا سيحدث قبل يوم السبت المقبل» حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

واضاف «يجب ان تكون جميع اسماء مرشحي المناصب الرئاسية العليا جاهزة يوم السبت المقبل لتعرض على مجلس النواب»، مشيرا الى ان «البحث جار حاليا في اكثر من قائمة عن اسماء مرشحيها لهذه المناصب».

واكد الشهرستاني «نحن حريصون على تشكيل حكومة وحدة وطنية من لوازمها ليس الاتفاق على المناصب الرئاسية الثلاثة بل على كل المواقع بحيث عندما نذهب الى البرلمان نضع الاسماء كاملة بدون اي تلكؤ او تريث».

من جانبه، قال الرئيس طالباني «ان شاء الله سيتم يوم السبت القادم عرض اسماء المناصب الرئاسية الثلاثة على مجلس النواب، فهناك انفراج كامل في الازمة واجواء ودية نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية».

واعتبر طارق الهاشمي الامين العام للحزب الاسلامي العراقي، والقيادي في جبهة التوافق العراقية السنية ان اعلان الجعفري استعداده لسحب ترشيحه هو «تغيير نوعي في موقف الجعفري لحلحلة الأزمة». واضاف ان «الكرة الان في ملعب الائتلاف لإخراج البلد من المأزق السياسي الذي هو فيه».

وكان المالكي قد اوضح في إعلانه موقف الجعفري الجديد انه «حرصا من الاخ الدكتور ابراهيم الجعفري على سلامة مسيرة العملية السياسية والمصلحة الوطنية العليا، وبهدف التعجيل في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنشودة للوقوف بوجه التحديات الواسعة، وايمانا منه بضرورة سلامة العلاقة مع القوى السياسية التي تتظافر جهودها لبناء العراق الجديد، ولحرصه الشديد على قوة ووحدة وتماسك الائتلاف العراقي الموحد وسلامة خطه ومسيرته، واحتراما للجماهير التي صوتت له، وللظروف المستجدة التي شهدتها الساحة السياسية قدم الدكتور الجعفري رسالة الى الائتلاف يعرب فيها عن استعداده لقبول اي قرار يتخذه اعضاء الكتلة الاكبر في البرلمان بشأن ترشيحه لرئاسة الحكومة».

وقرأ المالكي فقرات ضافية من رسالة الجعفري الى «الائتلاف» قال فيها، حسبما اوردت وكالة (اصوات العراق) المستقلة: «أيها الأخوة الأكارم، أيتها الأخوات الكريمات في الائتلاف العراقي الموحد... أتقدم لكم بالشكر الجزيل والعرفان بالجميل على اختياركم لي مرشحا لرئاسة الوزراء عبر الآلية التي تنظم عملنا في نظامنا الداخلي في التصويت والاختيار».

واضاف «إن الائتلاف العراقي الموحد يمثل عندي قيمة عليا، أحرص عليها.. وأعتقد أنه الممثل الحامي لمصالح الأمة التي اختارته، وأنا على استعداد كامل للعمل بكل السبل.. وتقديم كل التضحيات لحمايته، تحقيقا للمصلحة الإسلامية والوطنية العليا» وتابع «في هذه المرحلة.. تعلمون مستجدات الظروف التي أثيرت بوجه الائتلاف، والقوى التي تقف خلف هذه المستجدات» وزاد «لذا، وأمام هذا المشهد، أقول لكم: أنتم اخترتموني.. وأنا أعيد هذا الاختيار إليكم، لاتخاذ ما ترونه مناسبا.. وستجدوني على أتم الاستعداد، إن شاء الله، للتفاعل مع قراركم... حماية لوحدة الائتلاف، وتحصينا له».

وختم الجعفري الرسالة بقوله «سأبقى مضحيا في أي موقع من مواقع المسؤولية، خدمة لشعبنا الأبي في سبيل الله تعالى».

وكان الائتلاف العراقي الموحد الذي يملك 130 فقط من 275 من مقاعد البرلمان قد رشح الجعفري لرئاسة الوزراء في 12 فبراير (شباط) الماضي لكن الكتل الاخرى جميعها رفضت هذا الترشيح وضغطت على الائتلاف لسحب الترشيح إلا ان الجعفري تمسك طوال الشهرين الماضيين بترشحه معتبرا انه اختير من قبل الشعب ولن يتراجع الا بطلب من الشعب. وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس طالباني وممثلي الكتل البرلمانية قال الباجه جي ان الكتل النيابية العراقية اتفقت في ما بينها على تأجيل جلسة البرلمان التي كانت مقررة امس الى يوم غد لإجراء المزيد من المشاورات.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محمود عثمان النائب عن قائمة التحالف الكردستاني ان «قرار التأجيل هذا اتخذ بناء على طلب من لائحة الائتلاف»، مشيرا الى ان «الائتلاف سيقرر أمر مرشحه صباح يوم السبت المقبل».

وكان رؤساء وممثلو الكتل النيابية قد اجتمعوا في منزل الرئيس طالباني للبحث في مسألة عقد او تأجيل جلسة مجلس النواب ليوم امس. وقال الناطق باسم جبهة التوافق العراقية ظافر العاني «توصلنا مساء امس (الاربعاء) الى اتفاق شبه مبدئي حول اسماء ستة من مرشحي المناصب العليا في الاجتماع الذي عقده رؤساء الكتل النيابية» باستثناء الائتلاف العراقي الموحد. وتابع ان الاتفاق يقضي «بتولي طالباني رئاسة الجمهورية وعادل عبد المهدي (شيعي) وطارق الهاشمي (سني) منصبي نائبي الرئيس». كما ينص الاتفاق على «تولي عدنان الدليمي (سني) الذي يعتبر الاوفر حظا لمنصب رئاسة مجلس النواب والشيخ خالد العطية (شيعي) وعارف طيفور (كردي) لمنصبي نائب رئيس مجلس النواب».