طهران تهدد بـ«عواقب نهائية» وموسكو ترفض وقف التعاون معها

واشنطن تلوح باستخدام مبدأ حق الدفاع عن النفس في تبرير العمل العسكري

TT

في رد على التصريحات الاميركية الشديدة اللهجة ضد البرنامج النووي الايراني ورفض واشنطن استبعاد خيار العمل العسكري ضد طهران، اعلن رئيس اركان الجيش الايراني الجنرال عبد الرحيم موسوي، ان بلاده «ستتصدى بقوة للمعتدين» عليها وبعواقب «نهائية». وتزامنت التصريحات الايرانية مع اعلان روسيا رفضها طلبا اميركيا بوقف تعاونها النووي مع ايران، بعد فشل جولة جديدة من المحادثات بين الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) في موسكو مساء أول من أمس.

وقال موسوي في تصريحات ادلى بها لدى استقباله الملحقين العسكريين للسفارات الاجنبية في طهران ونقلتها وكالة «مهر» الايرانية: «لسنا من دعاة الحرب لكننا سنتصدى بقوة للمعتدين أيا كانت هويتهم وموقعهم». واكد ان عواقب اي عدوان على بلاده ستكون «نهائية» بالنسبة للمعتدين الذين «لن ينسوها».

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس رفضت اول من أمس استبعاد التدخل العسكري في الازمة النووية مع ايران، مشيرة الى ان ذلك يمكن ان يتم تحت مبدأ حق الدفاع عن النفس. وأضافت رايس في كلمة ألقتها امام «مجلس العلاقات الخارجية في شيكاغو»، ان جميع الوسائل متاحة للولايات المتحدة في التعامل مع ايران. وصرحت بأن «حق الدفاع عن النفس لا يتطلب قرارا من مجلس الأمن الدولي»، مشيرة الى «ان من المهم القول ان الرئيس جورج بوش لم يستبعد اي خيار. ونحن مستعدون لاستخدام التدابير السياسية والاقتصادية وسواها المتوافرة لنا لاقناع ايران» بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم الذي يتيح لها حيازة السلاح النووي. ولكنها اردفت قائلة: «اعتقد اننا نستطيع التوصل الى نتائج من خلال الدبلوماسية ولدينا خيارات نستطيع تفعيلها بعد ان نستنتج ان الدبلوماسية قد اخفقت». وحرصت رايس على القول ايضا، ان ايران ليست العراق وان «طرق التعاطي مع الموضوع الايراني قوية». واعتبرت ايضا ان حالة ايران «شديدة الاختلاف» عن حالة كوريا الشمالية، لان الايرانيين، كما قالت ما زالوا «جزءاً من المجموعة الدولية».

وعلى رغم التصريحات الاميركية الشديدة اللهجة، استبعد وزير الدفاع الايراني مصطفى محمد نجار امس ان تقوم واشنطن بعمل عسكري ضد بلاده. واعتبر اثناء زيارة الى باذربيجان ان الحديث عن امكانية استخدام الولايات المتحدة القوة لوقف البرنامج النووي لطهران «مجرد تهديد أجوف». وقال: «الولايات المتحدة تهدد ايران منذ 27 عاماً وهذا ليس جديداً علينا. ولذلك نحن لا نخشى ابداً التهديدات الاميركية».وأضاف وزير الدفاع الايراني: «نحن مستعدون لحسم كل القضايا من خلال التفاوض، لكن اذا واجهنا شيئا سنكون مستعدين للتعامل معه». ولفت الا انه من الممكن ان يلعب الرئيس الاذربيجاني إلهام علييف دور الوسيط بين طهران وواشنطن اثناء زيارته البيت الابيض الاسبوع المقبل. وشرح نجار: «اثناء زيارته واشنطن، يستطيع الرئيس الاذربيحاني شرح الموقف للاميركيين».

ومع الفشل المستمر للتوصل الى اتفاق بين الدول الدائمة العضوية في التعامل مع القضية، لم يستبعد مساعد وزيرة الخارحية الاميركية نيكولاس بيرنز مساء أول من أمس تحركاً اميركياً منفرداً للتصدي للبرنامج النووي الايراني، مشيراً الى انه سيكون من الافضل التحرك بالاتفاق مع دول اخرى. وقال بيرنز خلال مؤتمر صحافي في موسكو: «سنتصرف لمنع ايران من امتلاك قدرات على صعيد الاسلحة النووية». واضاف: «نعتقد ان افضل وسيلة لاحراز تقدم هي العمل مع دول اخرى وقد كرسنا الكثير من الوقت لذلك». وتابع: «واشنطن عرضت وجهة نظرها بوضوح وانه ليس من مصلحة اي كان ان تمتلك ايران اسلحة نووية»، مؤكداً «سنفعل ما يتوجب علينا لمنع ذلك».

وتزامن ذلك مع اعلان وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) تنظيمها مناورات يشارك فيها اعضاء في الكونغرس الاميركي ومسؤولون كبار في الادارة الاميركية سيتحتم عليهم التجاوب مع سيناريو عسكري يتمحور حول ايران في يوليو (تموز) المقبل.

وافاد الناطق باسم «البنتاغون» امس ان هذه المناورات ستتيح للمسؤولين السياسيين والعسكريين اختبار الخيارات التي قد يواجهونها في حال اندلاع ازمة حقيقية. وليس من المتوقع ان تتضمن المناورات معارك وهمية بمشاركة جنود.

وسيطلب من مجموعات تضم 15 الى 20 شخصا التجاوب مع سلسلة احداث وفق سيناريو وهمي يستمر نصف يوم في كلية الدفاع الوطني التابعة لـ«البنتاغون».

واوضح ديفيد توماس الناطق باسم الكلية ان «الفكرة تقضي باعداد المشاركين لتعقيدات القرارات الواجب اتخاذها لصياغة سياسة ما». وذكر ان المركز لم يضع السيناريو بعد لهذه المناورات ويعمل حالياً على اعداد سيناريو اخر حول الصين من المقرر تطبيقه الشهر المقبل.

وعلى صعيد آخر، رفضت روسيا أمس طلبا اميركيا لوقف تعاونها النووي مع ايران، معتبرة ان الامم المتحدة الطرف الدولي الوحيد الذي له الحق باعطاء مثل هذه الطلبات. ويأتي الرفض الروسي في وقت فشل اجتماع اوروبي ـ ايراني اول من أمس في موسكو للتوصل الى اتفاق لحل الأزمة المتعلقة بالملف النووي الايراني. وصرح الناطق باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين امس، أن «مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجهة المخولة الوحيدة لاتخاذ قرارات ملزمة بشأن وقف التعاون مع أي بلد»، مضيفاً: «مجلس الأمن لم يتخذ اية قرارات حول وقف التعاون النووي مع ايران». وجاءت تصريحات كامينين رداً على المسؤول الثالث في الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز الذي طالب جميع الدول بوقف تعاونها النووي مع ايران، مشيراً الى مفاعلات بوشهر الايرانية التي تساهم روسيا ببنائها. وتابع: «كل دولة لها حق اختيار الدول التي تريد التعاون معها وطريقة التعاون». وعلق كامينين لوكالة «ريا نوفوستي» الروسية أمس، ان بناء مفاعل بوشهر يتطابق مع جميع الاتفاقات الدولية وتحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ومن جهته، صرح المسؤول في القطاع النووي الروسي سيرغي كيريينكو أمس في بشكيك ان محطة بوشهر النووية التي تبنيها روسيا في ايران «لا تهدد نظام منع الانتشار النووي»، رافضاً بذلك ضمناً طلباً اميركياً بالتخلي عن هذا المركز. وقال المسؤول الروسي خلال زيارة لقرغيزستان «نحن مقتعنون بامكان التوصل الى حل (للمشكلة الايرانية) بالطرق الدبلوماسية».

وبعد فشل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا في الاتفاق حتى الآن على عمل مشترك في التعامل مع الملف النووي الايراني، التقى ممثلون عن الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) بمسؤولين ايرانيين في موسكو مساء أول من أمس بحضور مسؤولين ايرانيين. الا ان هذا الاجتماع، كغيره من الاجتماعات السابقة، لم يحرز تقدماً بحسب وزارة الخارجية البريطانية. وقال ناطق باسم الخارجية لـ«الشرق الاوسط» امس: «التقينا مع شركائنا الاوروبيين مع الايرانيين بحضور الجانب الروسي الا ان اللقاء لم يحرز تقدماً». وأضاف: «حرصنا على لقاء الاوروبيين والاستماع اليهم، بناء على طلب ايراني ـ روسي، الا انهم لم يقدموا جديداً»، لافتاً الى ان «الخطوة المقبلة تعتمد على التقرير الذي سيقدمه (المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الدولية محمد) البرادعي الى مجلس الأمن».