القوات الأميركية تقتفي آثار «القاعدة» في القرن الأفريقي عبر الحفارات والمعاول

TT

لا يحفل الاميركيون كثيراً بالأوضاع المتدهورة في الصومال وباستثناء ما نشرته بعض الصحف الاميركية أخيراً خاصة صحيفة «واشنطن بوست» حول الجفاف الذي زاد معاناة هذا البلد، فإن لا أحد يتذكر هنا بلداً يفترض أنه جزء من العالم العربي، الذي يعد منطقة تحظى باهتمام استثنائي من طرف الادارة الاميركية الحالية. لكن الصومال عادت الى الواجهة بعد أن اعلن الجيش الاميركي أن «متعاقدين» يشاركون في مشاريع تنموية وخدمات في السودان واليمن ودول أخرى في القرن الافريقي، لكن الصومال استثنيت من ذلك، وهي معلومات يكشف عنها الجانب الاميركي النقاب لاول مرة. وقال مسؤول عسكري إن القوات الاميركية المتمركزة في جيبوتي تتبع سياسة غير عادية في محاربة الارهاب في المنطقة، واعتبر المسؤول أن مشاركة الاميركيين في مشاريع صغيرة أصبحت هي الطريقة المثلى «لمحاربة الارهاب».

ومنذ اجتياح قوات التحالف العراق في أبريل (نيسان) عام 2003، وعلى الرغم من أن فرنسا عارضت تلك الخطوة، فإن قوات اميركية توجد حالياً في جيبوتي لمراقبة البحر الاحمر، وتشكيل قاعدة خلفية في ما يسمى «الحرب ضد الارهاب» بموافقة وتعاون باريس، حيث ما تزال جيبوتي البلد الوحيد الذي يخضع للنفوذ الفرنسي في شرق افريقيا. وقال كيرتيس براون هيل قائد سلاح الجو في قاعدة «السيلية» في قطر في تصريحات وزعها البنتاغون الليلة قبل الماضية في واشنطن، «سلاحنا هو الحفارات والمعاول لبناء المدارس والمستشفيات وتدريب حراس الحدود».

وقال الجيش الاميركي إن هدف هذه الوحدات الصغيرة التي تعمل الآن في كل من اثيوبيا واريتريا وكينيا واوغندا والسودان واليمن هو «تحسين ظروف عيش السكان في أفقر مناطق العالم».

ويرى براون هيل أن القوات الاميركية «تقاتل من أجل عدم اندلاع الحروب هناك (في القرن الافريقي ) من دون أن تطلق رصاصة واحدة»، مشيراً الى ان هذه القوات تتقفى أثر تنظيم «القاعدة» والجماعات المتعاطفة معها، وكانت المنطقة قد اصبحت في دائرة اهتمام الاميركيين حين اتضح ان بعض عناصر «القاعدة» انتقلوا الى الصومال، ويتردد أن «القاعدة» هي التي جندت بعض العناصر المحلية لمهاجمة الاميركيين. وعلى الرغم من أن اليمن أشار أكثر من مرة الى «تعاون بين صنعاء وواشنطن» لمكافحة الارهاب، فإن هذه هي المرة الاولى التي تشير فيها المصادر الرسمية الاميركية الى تعاون بين القوات الاميركية والسودان، في إنجاز مشاريع تنموية صغيرة تهدف على المدى البعيد لمحاربة الارهاب، ولا يعرف ما إذا كانت هذه المشاريع في شمال أو جنوب البلاد، حيث لم يحدد براون هيل المناطق التي تنفذ فيها المشاريع في الدول الست.

ويبدو ان استثناء الصومال من هذه المشاريع مرده الى تدهور الأوضاع الأمنية هناك وعدم وجود حكومة مركزية قادرة، على بسط هيمنتها على البلاد التي مزقتها الحروب الاهلية منذ سقوط نظام سياد بري في آواخر الثمانينات، حيث سيطرت بعدها الميليشيات ومزقت البلاد.

وكانت الولايات المتحدة قد جربت التدخل في الصومال في عهد الرئيس بيل كلينتون عام 1992 لكنها سرعان ما انسحبت من هناك بعد مقتل جنود اميركيين والتمثيل بجثثهم في شوارع مقديشو.

وقال الجيش الاميركي إن الصومال يعد المكان الوحيد في العالم، الذي لا تحكمه حكومة، مشيراً الى أن «أمراء الحرب» هم الذين يحكمون البلاد، وبعضهم يتبع نظاماً مماثلاً لنظام طالبان السابق في افغانستان. وفي هذا السياق أوضح براون هيل، إن عمل القوات الاميركية في القرن الافريقي يمنح الناس الارادة والثقة ليقولوا لأمرا الحرب: «ليس هنا وليس الآن نحن نرى مستقبلاً مشرقاً وليس مستقبلاً مظلماً تحت هيمنة أمراء الحرب».