العراقيات يشكين من انحسار فرص العمل لهن

خبراء عزوا ذلك للوضع الأمني

TT

شكلت الدوائر الحكومية العراقية قبل عام 2003، الملاذ الآمن لشريحة النساء العراقيات، حيث كانت تحوي ما نسبته 60% أو أكثر في بعض الأحيان، وهذا الأمر لم يكن بمحض صدفة، بل تضافرت عدة عوامل ساعدت على زيادة نسبة الإناث بين العاملين في الدوائر الحكومية، منها الحروب التي وقعت بشكل كامل على كاهل الرجال، ومن ثم الحصار الاقتصادي الذي أجبر الرجال على ترك الوظائف الحكومية القليلة الأجر والبحث عن أعمال حرة تدر عليهم من الأموال ما يكفيهم لمواجهة التضخم غير الطبيعي الذي أصاب الاقتصاد العراقي آنذاك.

لكن هذا الأمر لم يستمر بعد عام 2003، فقد أصبحت شريحة النساء اقل حظا من الرجال في الحصول على عمل، خاصة في الدوائر الحكومية. وعن الأسباب التي أدت إلى هذا التغيير التقت «الشرق الأوسط»، بأحد المختصين في مجال التشغيل، الذي أكد أن «اقتصار التشغيل على الرجال حصرا ليس نوعا من أنواع التمييز، بل أن الظرف الذي يعيشه البلد ساعد على ذلك، فالنسبة الأعظم من الرجال يعملون الان في مجال الأمن، أي داخل الأجهزة الأمنية من شرطة وجيش وحرس وغيرها. كما أن عدم الاستقرار الأمني في اغلب المدن جعل المرأة تفضل البقاء في البيت على العمل والخروج والتنقل، لما يحمله ذلك من مخاطر جمة، وقد يكون من اسباب ذلك خوف الأهل على بناتهم، وهو أمر وارد في مجتمعاتنا المتمسكة بالعادات والتقاليد، التي أكثر ما تتناول المرأة ووضعها في المجتمع».

وأكد أحد الاقتصاديين العراقيين، الذي طلب هو الآخر عدم ذكر اسمه، «أن سوء التخطيط الاقتصادي للبلد هو الذي أدى إلى تهافت المواطنين لأجل الحصول على وظيفة حكومية تؤمن لهم راتبا شهريا ثابتا، وقد يكون هذا الراتب من القلة بدرجة انه لا يسد حاجتهم الفعلية، في ظل التطورات الحاصلة في مجال التضخم والدخل الحقيقي للفرد، وبدأ الكثير منهم الان، يعي أن العمل الحر اكثر فائدة من الحكومي، وهذا الأمر سيكرس بشكل اكبر حين تقوم الدولة بسن قانون الضمان الاجتماعي وتوسيعه، بحيث يشمل كل فرد يعمل داخل مشروع يضم اكثر من ثلاثة عمال، ويمكن حينها أن تتحول معادلة البطالة أو توجهات العمل بشكل اكثر فاعلية وتكون الفرص أكثر للراغبين بالعمل، كما يتطلب أيضا اهتمام المعنيين بتأمين نمو القطاعات الإنتاجية من زراعية وصناعية وتجارية، وسن قوانين قادرة على حماية هذه القطاعات وتشجيع قابليتها على المنافسة في ظل السوق الحر».

أم حوراء خريجة كلية التربية جامعة بغداد، أكدت أنها ترغب في العمل والاستفادة من الخبرات التي حصلت عليها من التعليم، لكنها وحسب قولها ملت من مرجعة دوائر الدولة، وانها لا تستطيع التحرك حالها حال الرجل، فمن غير الممكن العمل في بعض القطاعات الخطرة، من وجهة نظرها، ومنها الأمنية أو الخدمية، ولهذا يجب أن تقوم المؤسسات الحكومية بالنظر في هذه المشكلة ووضع صيغ من شأنها تأمين فرص عمل للنساء وبشكل مواز لفرص الرجال.