تضارب حول إغلاق موقع «الساحات» الأصولي

«اتصالات»: لم يغلق بل هناك خلل فني

TT

فوجئ رواد الانترنت، أمس، بإغلاق موقع «الساحات» الأصولي على شبكة الإنترنت، وعدم تمكنهم من تصفح الموقع التابع لشبكة «فارس نت»، والشهير بموضوعاته حول الارهاب والاصولية، وقيادة الحملات التشهيرية ضد بعض الاعلاميين والكتّاب والروائيين والشخصيات العامة، ويدار من الامارات العربية المتحدة.

من جهته، قال عبد الله هاشم، مساعد مدير عام وحدة الاعمال الالكترونية (e-company)، التابعة لشركة «اتصالات» الاماراتية، لـ«الشرق الأوسط»، ان موقع الساحات لم يتم إغلاقه، بل ان هناك خللا فنيا من المصدر نفسه، متوقعا أن يتم إصلاح هذا الخلل خلال اليومين المقبلين.

وأوضح هاشم، ان الموقع المذكور يصدر من خارج دولة الامارات العربية المتحدة، وانه يخضع لإشراف أشخاص من داخل الدولة. لكن بعض التقديرات ترجح أن يكون الإغلاق تم بشكل رسمي من قبل جهات رسمية في دولة الامارات، بسبب تزايد انتقادات جهات شتى خارجية واقليمية لهذا الموقع الأصولي.

ويعتبر موقع «الساحات»، أحد المواقع الأصولية التي أثارت جدلا طويلا منذ انطلاقته أواخر التسعينات، بسبب اعتباره منبرا إعلاميا لـ«القاعدة»، من خلال تحميل مواد التنظيم الدعائية، ومقاطع الفيديو للعمليات الارهابية، واختطاف الرهائن ونقل مشاهد قتلهم، والاصدارت التابعة له، مثل مجلة «صوت الجهاد» الناطقة باسم «القاعدة» في السعودية.

وبحسب بيان صادر من وزارة الداخلية السعودية، فإن أحد الاشخاص المشهورين بالكتابة في موقع «الساحات»، باسم «أخو من طاع الله»، كان عضوا فاعلا في تنظيم «القاعدة» في السعودية، وكان يحرر مجلة «صوت الجهاد» بأسماء مستعارة متعددة، الى أن ألقي القبض عليه في مايو (ايار) الماضي. وذكر بيان الداخلية السعودي أن عبد العزيز بن رشيد الطويلعي العنزي، هو عضو في «القاعدة»، وكان يكتب بأسماء مستعارة في الإنترنت، منها «أخو من طاع الله».

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط»، ان القبض على الطويلعي وكشف هويته الإنترنتية المستعارة، قد وجه ضربة مهمة للنشاط الإعلامي لـ«القاعدة» على الإنترنت، خصوصا وانه كان يحرر معظم مواد مجلة «صوت الجهاد»، الناطقة باسم التنظيم الارهابي. ونبه بعض المراقبين إلى ان حادثة «أخو من طاع الله»، ليست هي المرة الأولى التي يشارك فيها أعضاء من «القاعدة»، أو قريبون منها، في منتديات الإنترنت الأصولية. وأشاروا إلى أن المواد الإعلامية والبيانات الإخبارية التابعة لـ«القاعدة» في السعودية، والتي دأب بعض الأعضاء في منتدى الساحة العربية على نشرها وبثها بأسماء مثل «متحرك»، و«منافح» الذي كان يشك أن فارس آل شويل وغيره يكتب به، وأحيانا يكتب بالاسم أكثر من عضو، يضاف إلى ذلك اسم زعيم «القاعدة» الأول، يوسف العييري، المشهور بأنه كان ناشطا على ساحات الإنترنت.

وعلى ذات الصعيد، رأى الدكتور عبد الرحمن الشاعر، عميد مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أن المواقع الإلكترونية التي تختص بعملية تقويض أمن الدول وتبث الفكر التكفيري، من مصادر التحريض الحيوية، لسهولة الوصول إليها. مشيرا إلى أن غياب المفهوم لدى المتلقي أحد العوامل الخطرة التي يستغلها كتّاب تلك المواقع للوصول إليه بسهولة. وشدد الشاعر على ضرورة الضرب بيد من حديد والتعامل بحزم مع كتّاب المواقع التي يثبت أنها ترمي لإحداث القلاقل، وقال: «ان خطورة من يكتبون في تلك المواقع التي تسعى لتقويض الأمن وبث الفكر التكفيري، لا تقل عن خطورة من يقومون بتنفيذ العمليات الإرهابية». وأوضح أن إغلاق موقع «الساحات»، وغيره من المواقع التي تمثل قلقا أمنيا في البلاد، سينعكس إيجابا على الوضع الأمني في الداخل السعودي. وكانت عدة محاولات جرت من قبل لإغلاق الموقع، بسبب ما اعتبره البعض تحريضا وتشجيعا على التطرف يبثه الموقع في نفوس رواده.

وحسب رأي بعض المتابعين، كان آخر حجب للموقع عن مستخدمي الانترنت في السعودية قبل عدة أسابيع، بسبب مقالة تحريضية من الاسلامي السعودي محسن العواجي، ضد وزير العمل غازي القصيبي، متهما إياه بالتآمر على الاسلام. لكن سرعان ما عاد الموقع من جديد. غير أن إغلاق موقع «الساحات» هذه المرة قد يختلف عن المرات السابقة، كونه أغلق من مصدره الاصلي، نظرا لأن مرتادي الموقع من الامارات لم يتمكنوا من الدخول اليه أيضا. ووفقا لبعض الملاحظين، فإن قرار الإغلاق نابع من بلد المصدر الامارات.

وهنا يؤكد منصور العتيبي، مدير المركز الإعلامي في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود أنباء لديه حول ما إذا كانت المدينة قد حجبت الموقع عن المتلقي السعودي.

وعن الفرق بين حجب المواقع أو إغلاقها، أوضح العتيبي أن عملية إغلاق الموقع تختص بصاحب الموقع نفسه، أو الجهات المستضيفة للموقع، تحت أي اعتبارات كانت، في حين أن عملية حجب الموقع تكون عبر الجهة المختصة بمراقبة مواقع الإنترنت في البلاد، والمتمثلة بـ«مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية». وتركز اللجنة الأمنية في عملية مراقبة المواقع الإلكترونية، وفقا للعتيبي، على المواقع التي تدعو لتقويض الأمن، إلى جانب المواقع التي تمس الدين الإسلامي والرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وغيرها من المواقع التي تضطلع بتعليم السحر والقمار. وبحسب معلومات، فإن عدد الاعضاء المسجلين في قائمة الساحات بلغ مائة الف عضو، عدد الفاعلين منهم بالمشاركة والكتابة يقدر بنحو عشرين الفا. كما انه وبسبب الضغط على الموقع وكثرة الراغبين بالاشتراك به تم إغلاق التسجيل، ولا يقبل العضو إلا بتزكية من أعضاء مشهود لهم بالمشاركة، أو شراء اسم مستخدم، وهو ما أكده أحد الاعضاء الذي ذكر لـ«الشرق الأوسط»، انه شهد عملية بيع «اسم مستخدم» في الساحات بمبلغ أربعة آلاف ريال سعودي. وتشير المعلومات الى ان صاحب الموقع، وهو شاب إماراتي، يدعى طارق فارس، كان قد تلقى في وقت سابق عرضا بمبلغ أربعة ملايين ريال سعودي لبيع الموقع.

يذكر أن المعارك الكلامية بين منتدى «الساحات» الاصولي، وبعض المنتديات السعودية الموصوفة بالليبرالية، خاضت سجالات، أشهرها كانت مع منتدى «دار الندوة» السعودي، والذي توقف عن رواده في وقت سابق، واشتدت المعارك حتى هدأت بعد احتجاب موقع «دار الندوة»، الذي كان يطلق عليه في موقع الساحات «دار كفار قريش»، بينما كان اعضاء «دار الندوة» يصفون «الساحات» بوكر الارهاب. وكان مصدر في مؤسسة الإمارات للاتصالات، نفى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن تكون المؤسسة قد أقدمت على إغلاق موقع «الساحات الأصولي»، بعد تعطل الموقع لعدة ساعات حينها، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن أي توقف فيه قد يكون ناشئا عن مستضيف الموقع الخارجي، ما يعني أن التوقف لم يحصل من قبل المصدر.