التحول من الليبرالية إلى اليمين .. صحافياً

برت هيوم بدأ مساعد كاتب رأي وأصبح صوت «فوكس» .. قناة المحافظين بواشنطن

TT

كان عصرا مختلفا وادارة مختلفة.. وبرت هيوم مختلف تماما ايضاً. قبل ستة وثلاثين عاما، وكصحافي مساعد لكاتب الرأي جاك أندرسون، اعطي هيوم معلومات تفيد بأن ابن سبيرو أغنيو ترك زوجته وانتقل مع مصفف شعر. لاحق هيوم ابن نائب الرئيس في بالتيمور، وكتب قصة تشير الى أن راندي اغنيو كان يعيش على طريقة «الهيبي». ورغم ان هيوم عبر عن تحفظات شديدة بشأن القصة التي رأت زوجته انها تجلب العار، فانه أقنع نفسه بأن الأمر يمكن ان يكون قصة كبرى.والآن، باعتباره كبير المديرين التنفيذيين في قناة «فوكس نيوز» والشخص الذي اجرى المقابلة الوحيدة مع نائب الرئيس ديك تشيني بعد حادثة اصابة هذا الاخير زميلا له خلال رحلة صيد، فان هيوم، سافر الى اماكن بعيدة منذ ايامه الأولى كمحقق عنيد. وقد تحول من صحافي تحقيقات الى نجم تلفزيوني، ومن ناقد من الخارج الى عضو في مؤسسة واشنطن، ومن ليبرالي عادي الى محافظ متشدد. أصبح ناقدا قاسيا لمهنته التي اختارها. وقد عانى من مأساة عائلية غيرت نظرته الى الحياة.

ويعرف عن هيوم انه يتحدث بتأن ويطرح آراءه بالمنطق اكثر من العاطفة. وفي شبكة كانت مليئة بشخصيات متألقة أعطى برنامجه المسائي عنوانا غير مثير للاهتمام هو «تقرير خاص». ويقول هيوم، 62 عاما،: «كنت أحاول تطوير برنامج لا يدور حول شخصي».

ويقول فريد بارنس، وهو صديق قديم ومشارك منتظم في البرنامج، إن هيوم رفض، اساسا، المشهد الاجتماعي لمؤسسة واشنطن السياسية. ويضيف بارنس عن هيوم:«انه لا يذهب الى مركز كينيدي، ولا يريد تناول العشاء مع اعضاء الحكومة أو اللقاء بآخرين من الوسط الصحافي. هذا غير مألوف بالنسبة لشخص في القمة بواشنطن».

وعلى الرغم من الثقة بالنفس، فان هيوم يبتعد عن الدعاية الذاتية. وفي اليوم الذي قدم للعالم اول تقرير عن حادث اطلاق تشيني النار على زميل له اثناء رحلة صيد، رفض صحافي الاخبار السابق في شبكة «أيه بي سي» دعوة من برنامج «صباح الخير يا اميركا» قائلا انه ليس لديه الوقت إلا للظهور على برامج الصباح التي تقدمها «فوكس نيوز».وجرت السخرية على نطاق واسع من اختيار تشيني لهيوم على الرغم من ان معظم الصحافيين اعترفوا بأن المقابلة كانت شاملة. وأصبح هيوم، شأن الشبكة التي يعمل فيها، قطبا مضيئا في عالم الاستقطاب الاعلامي.

وهيوم ليس صاخبا متحزبا بالصيغة التي يبدو عليها بعض مقدمي برامج «فوكس نيوز» الكبار. وبفضل خلفيته في مجال التحقيقات واسلوبه المتواضع ودوره الاداري فإنه يمثل مجموعة متنوعة: محافظون يثقون بالأخبار لا بالخطابات الطنانة، لكنها أخبار تمر عبر عدسات مختلفة وتترشح عبر طائفة مختلفة من الافتراضات.

في السادس من ابريل (نيسان) الحالي عندما كانت كل شبكات الأخبار مهتمة بما اثير عن تفويض الرئيس بوش، المساعد السابق في البيت البيض، لويس ليبي لتسريب معلومات سرية حول العراق، بدأ هيوم برنامجه باعتذار من قبل عضو مجلس النواب الديمقراطية سينثيا ماكيني على شجار جسدي مع ضابط شرطة في الكونغرس حدث قبل اسبوع. وكانت قضية تسريب المعلومات السرية وعلاقة بوش المفترضة بها، الخبر الثالث.

لم تكن اول وظيفة شغلها هيوم في حياته المهنية جذابة. كان ذلك عام 1965 وكان قد تزوج زوجته الأولى كلير ستونر، وهو في سنته الأخيرة في جامعة فيرجينيا، حيث بالكاد افلح في التخرج حسب روايته. وكابن لمندوب مبيعات من واشنطن كان يسوق مبتكراته، دخل هيوم كلية «سانت البانز» ولم تكن لديه صلات اعلامية واسعة. ولذلك عندما اعطته وكالة توظيف وظيفة براتب خمسة آلاف دولار سنويا كصحافي لدى «هارتفاورد تايمز» في كونكتيكوت تلقف هيوم الفرصة.

وقع في حب الصحيفة التي كانت تواجه مصاعب مالية قبل ان يتحول الى «يونايتد برس انترناشينال». وبعد عام، انضم الى «بالتيمور ايفننغ صن»، وساعده ذلك في الدراسة في مركز الصحافة بواشنطن، حيث اصبح صديقا لرالف نادر، الزعيم السياسي الاميركي اللبناني الاصل.واشار الرجل المدافع عن حقوق المستهلكين انه كان ينقب عن الفساد في اتحاد العاملين بالمناجم. وبسبب ذلك كتب مقالة اقنعت أندرسون بتكليفه الصحافي الشاب لمساعدته. ويقول هيوم: «كنت في سعادة غامرة».وبعد الانتقال الى البيت الأبيض عام 1989، كان هيوم يدخل بين حين وآخر في جدال مع بيتر جينينغز حول كيفية معالجة القصص الاخبارية. ويقول تشارلي غيبسون الذي عمل على نحو وثيق مع هيوم قبل ان يصبح مقدما مشاركا في برنامج «صباح الخير يا أميركا» انه «كانت لديه وبيتر بعض المصادمات حول تغطية أحداث البيت الأبيض. كنت ارى برت يجادل بيتر عندما يشعر انه يتخذ موقفا على يسار الوسط او موقفا خاطئا». ويقول هيوم انه بدأ يشعر بأنه «على خلاف مع الميول والاتجاهات الطبيعية لشبكة أي بي سي نيوز».

وعندما تولى بيل كلينتون الرئاسة، فانه وجد هيوم «الشخص الأكثر سحرا من بين من التقيتهم». لكن في يوم 14 يونيو (حزيران) 1993 شعر بغضب الرئيس الجديد. كان كلينتون قد رشح للتو روث بيدر غينزبيرغ لرئاسة المحكمة العليا، وقال هيو للرئيس ان تفكيره بترشيح آخرين واختيار آخر «قد يخلق انطباعا عن تردد في عملية اتخاذ القرار.

انني أتساءل، سيدي، ما اذا كان بالامكان التدقيق في الأمر والابتعاد عن اية فكرة قد تواجهنا في هذا الشأن». وحدق كلينتون بهيوم، وقال: «كيف يمكنك ان توجه مثل هذا السؤال بعد أن اصبح التصريح الذي قدمته (روث بيدر غينزبيرغ) خلفي». ثم أنهى المؤتمر الصحافي على نحو مفاجئ.لكن سرعان ما وجد كلينتون وسيلة لاجراء تصحيحات. فبعد ان علم بأن هيوم كان قد عاد للتو من شهر العسل في هاواي مع زوجته الجديدة كيم، وهي من مخرجي «أيه بي سي»، قال كلينتون، الذي واجه اول ستة اشهر من ولايته بطريقة فيها فظاظة مع الصحافة، مازح: «انني احسدك لأنك قضيت شهر عسل بينما لم استطع أنا القيام بذلك». وعبر برنامجه «تقرير خاص» بات هيوم يجتذب جمهورا واسعا وصل الى 1.2 مليون مشاهد.

وحالياً، يواصل هيوم، الذي عرف بصرامته في اداء المهمات، نشاطاته الصحافية ويبدو انه يقبل حقيقة انه يتوجه الى جمهور معظمه من أنصار الحزبين. وهول يقول: «هل سأكون قادرا على اجتذاب قراء موالين لصحيفة «نيويورك تايمز» الى مشاهدة فوكس نيوز؟ ربما، لكن ذلك يمكن ان يكون عملا جادا وصعبا. فنحن متضادون في نواح معينة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ(«الشرق الأوسط»)