البصرة: جهات منظمة تتحرى مذاهب المواطنين مع تصاعد أعمال القتل والاختطاف

البعض يتهم إيران وآخرون يدرجون ما يجري ضمن خطة لتقسيم العراق طائفيا

TT

يسود الحزن والوجوم بين سكان البصرة جنوب العراق وثاني اكبر المدن، بعد اتساع أعمال الخطف والقتل بين المواطنين الأبرياء من أبناء طائفة المسلمين السنة. ولم تعرف البصرة، وهي أول حاضرة بناها المسلمون خارج الجزيرة العربية عام 14 هجرية التفرقة بين القوميات والأديان والمعتقدات منذ ذلك التاريخ، وقد ساد بين نسيج سكانها المحبة والآلفة والتسامح، الذي نتج عنه بزوغ مدرسة حضارية وفكرية عرفت باسمها، وما زالت معارف أعلامها، الذين كان من بينهم العربي والأعجمي والمسلم، تدرس لطلبة العلوم الإسلامية واللغوية والنحوية في كل بقاع العالم.

وإذا كان المسلمون السنة في البصرة اكثر خوفا وقلقا على حياتهم، بعد موجة التصفية الطائفية، فان الشيعة لا يقلون عنهم توجسا وريبة وألما من هذا الأخطبوط المنظم الذي دخل مدينتهم الآمنه، واخذ يتحرى عن مذاهب الناس ويتقصى مشاربهم، في الوقت الذي لا تعرف كل عائلة مذهب أو طائفة جيرانها، إلا عند مقتل أو اختطاف أحد أبنائها أو هروب العائلة بأكملها إلى جهة مجهولة في ارض الله الواسعة من موت محقق. ويستدل أهل البصرة على ان المجهولين الذين يتولون عمليات الخطف والقتل، تقودهم جهات منظمة في اكثر من حادث، ومنها ان الخاطفين الذين قتلوا أحد عشر موظفا في شركة الفيحاء للبناء الجاهز أخيرا، قد افرجوا عن أحد المختطفين بحجة عدم ورود اسمه ضمن القوائم بالرغم من انه (سني)، ليروي ما تعرض له المختطفون من تعذيب قبل قتلهم وبقصد إثارة الرعب بين أبناء الطائفة، وهذا ما اكده أيضا الطب العدلي، من ان الضحايا الأحد عشر تعرضوا إلى ضرب مبرح وكسور وثقوب في الأجساد بآلات حادة قبل إطلاق النار على رؤوسهم، أو كما أفاد العاملون في شركة الأثير للهواتف الجوالة، بان مسلحين حضروا إلى مكتب الشركة قبل يومين سائلين عن مواقع عمل أربعة من المهندسين العاملين في الشركة 8وردت أسماؤهم في القوائم التي كانوا يحملونها.

ويرى عدد من أساتذة الجامعة، طلبوا من «الشرق الأوسط»، عدم ذكر أسمائهم، ان التصعيد الطائفي الذي تشهده المحافظة «هو جزء من اللعبة السياسية ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة، وتكمن اهدافه في عدة محاور، منها تهجير العوائل السنية من المحافظات الشيعية والعوائل الشيعية من المحافظات السنية، وكذلك الحال بالنسبة إلى مناطق بغداد استعدادا لتقسيم العراق طائفيا، وهذا من ضمن أهداف إسرائيل المعروفة، إضافة إلى أهداف مذهبية إيرانية لاحكام سيطرتها على المناطق الغنية والمقدسة لدى أبناء الطائفة الشيعية، بدليل ان الذي يجري ليس تعصبا دينيا أو طائفيا، لعدم تعرض أبناء الأديان الأخرى إلى العنف كالصابئة مثلا».

ويرى أحد اساتذة التاريخ «أن الإيرانيين وراء كل الذي يجري في البصرة لاسباب منها أحقاد عنصرية تاريخية، فمن البصرة انطلقت الجيوش الإسلامية التي أسقطت إمبراطوريتهم الفارسية وجعلتهم اتباعا للخلافة العربية الإسلامية، وقد ظهر هذا الحقد جليا خلال الحرب العراقية الإيرانية 1988 – 1980 حيث حاولوا بكل ما استطاعوا احتلال البصرة، وعند عدم تمكنهم من ذلك اخذوا يصبون جام غضبهم على المدينة بواسطة قذائف المدفعية كلما فشلوا في معركة على حدود المدن العراقية حتى الشمالية منها».

وعبر آخرون عن وجهة نظر مختلفة بالقول، ان العنف الطائفي دخل إلى البصرة أخيرا، إذ وصفها المراقبون إلى وقت قريب بالمدينة الأكثر هدوءا، وعزوا ذلك إلى الخبرة التي تمتلكها القوات البريطانية في تعاملها مع المجتمع العراقي دون غيرها من القوات الأخرى المتعددة الجنسيات، إلا إن هذه القوات لاذت بالصمت إزاء تصاعد أعمال العنف بالمدينة، وبات جل اهتمامها المحافظة على أرواح جنودها الذين تزايدت أعداد قتلاهم، ونحت باللائمة على قوا ت الشرطة العراقية، التي تقول عن بعضهم انهم من اتباع الميليشيات المسلحة للأحزاب، ولهم ارتباطات مشبوهة، في الوقت الذي قامت فيه هذه القوات بقبول المتطوعين الى سلك الشرطة واشرفت على تدريبهم، الذي اعتبروه اكبر إنجاز تحققة القوات البريطانية بالمحافظة.