صدامات دامية بين الشرطة السودانية ومواطنين احتجاجا على إنشاء سد شمال البلاد

TT

انتقل الصراع بين الحكومة السودانية والمتأثرين بقيام اكبر سد مائي على نهر النيل في شمال السودان من مرحلة المشاحنات الاعلامية الى الصدام الدامي، حيث قتل 3 اشخاص وجرح 7 وأحرقت أربع سيارات في مواجهة بين الشرطة وأهالي منطقة متأثرة بقيام الخزان.

وحذرت لجنة المتأثرين بسد مروي في منطقة «امري» من وجود احتقانات بين المواطنين بعد نشر قوة شرطية كبيرة في المنطقة في اليومين الماضيين. وقالت اللجنة ان السلطات لا تزال تعتقل5 من المواطنين بدون مبررات، وكان المتأثرون بالسد اعلنوا العام الماضي قيام حركة متمردة مسلحة ضد الخرطوم ولكن الحركة لم تستمر طويلا بعد الاعلان عنها.

وقالت مصادر موثوقة إن الشرطة استخدمت في المواجهات الغاز المسيل للدموع أولاً ثم اطلقت النار في الهواء، في محاولة منها لتفريق المواطنين، مما نتج عنه اصابة شخص بكسر في ساقه. وذكرت المصادر أن الجماهير الغاضبة اندفعت نحو مكاتب الادارة التي تحاول القيام بعمليات الاحصاء وأحرقت المكاتب وأوراقها الموجودة بالاضافة لـ 4 سيارات، وأن الشرطة انسحبت ولم تطلق النيران على المواطنين عندما زاد هياجهم.

وقالت إن أهالي أمري تجمعوا على ضفتي النيل في انتظار مفوضية الشؤون الاجتماعية والبيئية التابعة لوحدة تنفيذ السدود، والتي يتهمها المواطنون بأنها تريد ارغامهم على قبول الاحصاء. وكان الاسبوع الأول من هذا الشهر شهد مظاهرات سلمية قام بها أهالي أمري احتجاجاً على عمليات الإحصاء التي تقوم بها ادارة سد مروي، متهمين الحكومة بممارسة الظلم وتعليق الحقوق.

ويعتبر سد مروي تحت التشييد أكبر مشروع لانتاج الطاقة الكهربائية في افريقيا والعالم العربي ويقع على النيل على بعد 350 كيلومتراً شمال الخرطوم.

وتعد منطقة امري احدى المناطق الثلاث المتاثرة بقيام سد مروي، ويوافق اهلها الذين يمثلون 28% من المتأثرين على قيام السد لكن يختفلفون مع ادارة سد مروى حول الحقوق ومكان التهجير والتعويضات.

وقال عبد المطلب هاد الله نائب رئيس اللجنة في مؤتمر صحافي بدار حزب الامة القومي المعارض في الخرطوم امس ان اهل امري يرفضون اجراء الاحصاء الذي تنتقل بموجبة الصلاحيات والسلطات الادارية الى ادارة سد مروي لحين حسم وضمان تنفيذ مطالب آهل المنطقة. وتصدى اهالي امري قبل ايام لوفد من خبراء سد مروي لاجراء الاحصاء، وتطورت الامور الى ان ادت الى حرق اربع سيارات تخص ادارة السد في احياء «شبيبيك» و«قريعة»، وارسلت السلطات الى امري التي لا يوجد بها حتى مركز شرطة منذ سنوات طوال نحو الف من قوات الاحتياطي المركزي من خارج الولاية الشمالية لحفظ الأمن.

ووصف هاد الله موافقة اهل امري على اجراء الاحصاء قبل ضمان حقوقهم بانها «تحرير لشهادة الوفاة»، ويؤكد وجود حشود تقدر بخمسة الاف مواطن على ضفتي النيل الشرقية والغربية على أهبة الاستعداد لصد اي محاولة من إدارة السد لدخول امري لاجراء الاحصاء، واضاف «لا مساومة في الحقوق، ومستعدون جميعا ان نضحي بارواحنا من اجل منطقتنا».

واختارت ادارة سد مروي «وادي المقدم» لتهجير اهل امري لكن لجنة المتأثرين توكد بشدة على ان الموطن الجديد لا يوفر ارضا خصبة صالحة للزراعة والانتاج لتكفي حاجة اهل امري الذين تتمتع منطقتهم الحالية باراض زراعية خصبة تنتج الخضروات التي تسد حاجة المواطنين وتغزو الاسواق في كريمة ومن حولها.

ويقول هاد الله ان العبرة ليست في بناء منازل جميلة لتستوعب المتأثرين لكنها تكمن في توفير مصادر الرزق، ويضيف «العلة ليست في المأوى بل في مصدر الرزق». وترى لجنة المتأثرين بسد مروي في امري ان تجربة ترحيل الحماداب لا تسر وشابتها «اخطاء فادحة» يجب عدم تكرارها، ويلفت هاد الله الانتباه الى ان ادارة سد مروي لم تنفذ ما توافقت عليه اللجنة بل قرارات صادرة من رئاسة الجمهورية التفت على التوافق.

وحسب هاد الله فان ادارة سد مروي هي «ام المشاكل»، وتتعامل مع مواطن امري على انه من «الدرجة الثالثة»، ولا تكف عن استخدام سياسة «فرق تسد» بين ابناء امري لتحقيق مآربها، ويشير الى سقوط «كل الكرزايات» في وصفه لمن يتعاملون مع سد مروي في امري، وطبقا لرئيس لجنة امري فان قضية امري لا تقل اهمية عن ابيي وفي انتظار الحل العادل.