محاكمة عضو لجنة «إيباك» الموالية لإسرائيل في واشنطن الشهر المقبل

كان يتفاخر بوجود 6 آلاف اسم معه ومحاكمته تثير قلق جماعات الضغط

TT

لأكثر من عقدين من الزمن، ظل ستفن روزين يدور في اروقة القنوات الحكومية الاميركية والإسرائيلية، بحثا عن معلومات يمكنه تقديمها الى الهيئة التي يعمل بها، اللوبي الموالي لاسرائيل المعروفة بلجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية «إيباك». وكان يمزح خلال تناوله الطعام في مطعم بقوله: انه يشعر بالراحة لعدم وجود قانون اسرار للدولة الذي يجعل عمله جريمة.

إلا ان مزاحه تحول الى حقيقة فقد وضعه مكتب المباحث الفيدرالي وزميل له تحت المراقبة ـ وبدأ الاستماع الى مكالماته الهاتفية ومراقبة اجتماعاتهما، بما في ذلك تلك التي كانا يعقدونها مع مسؤول في البنتاغون. وفي العام الماضي طردتهما «إيباك» بعدما وجهت اليهم تهم تلقي ونقل معلومات دفاعية قومية في ما يعتبر انتهاكا لقانون التجسس.

الا ان القضية عكرت الاجواء الرسمية في واشنطن. بعدما كشفت عن نوعية نشاط جماعات الضغط التي ساهم روزين في خلقه ـ مزيج من جمع المعلومات الاستخبارية والترويج بالنيابة عن مصالح محدودة. واصبح اعضاء جماعات اللوبي الذين يقدمون معلومات حساسة يسألون كم من الوقت المتبقي امامهم لاداء عملهم اذا ما ادين روزين. كما ان القضية اغضبت بعض الصحافيين الذين يشعرون بالقلق من ان الامر قد يؤدي الى فتور العلاقات المتوترة مع مصادر الأمن القومي في اعقاب التحقيقات حول تسريبات وكالة الاستخبارات المركزية.

وقال جوناثان ترلي وهو استاذ للقانون في جامعة جورج واشنطن «هذه قضية مميزة بها العديد من الجوانب لم يتم تحديدها بعد. تأثيرها يمكن ان ينعكس على اي شخص يشارك في جماعات اللوبي او اجراء ابحاث او كتابة تقارير حول الأمن القومي».

وتجدر الاشارة الى ان روزين البالغ من العمر 63 سنة، هو شخصية ذكية، يتميز بسلوكيات الشخص الخشن، واتصالاته ليس لها مثيل في الولايات المتحدة او الشرق الاوسط. ويصفه المساعدون بأنه فظ وغامض ـ وقد تزوج وطلق 6 مرات ـ وقالوا انه يحظى باحترام كبير واحتقار في العالم الذي يسيطر عليه. وقد رفض روزين اجراء أية احاديث صحافية.

وقد جذبت قضية روزين انتباها متزايدا بسبب علاقاته الشخصية العديدة، فقد تفاخر بوجود 6 الاف اسم لديه في دليل الاسماء الخاص به. وعندما كان يعمل في مركز ابحاث راند في اوائل الثمانينات، كانت كوندوليزا رايس واحدة من الباحثات في الادارة التي يرأسها.

وقد ادى توجيه التهم اليه الى تشويه سمعة «إيباك»، التي يعمل بها لاكثر من 23 سنة. وكان روزين من العناصر الاساسية التي ساهمت في تحويل «آيباك» الى واحدة من اكثر جماعات الضغط فاعلية في واشنطن. وتلعب المؤسسة التي تضم مائة الف عضو دورا رئيسيا في تقديم مساعدات تصل الى ملياري دولار سنويا لاسرائيل.

وفي «إيباك» ساهم روزين في ما اصبح يعرف باسم الترويج وسط الاجهزة التنفيذية، وهو نوع من الضغط لم يكن منتشرا عندما بدأه في منتصف الثمانينات، ولكنه اصبح الآن عملية روتينية وسط نشاطات جماعات الضغط في الكونغرس. وقبل روزين، كانت «إيباك» تؤمن ان الوسيلة لتغيير السياسة الخارجية الاميركية تأتي عن طريق اقناع اعضاء مجلس الشيوخ بتوقيع خطاب. الا ان وجهة نظره هو انه يمكنه التأثير على الامور بالتعامل مع البيروقراطيين في الفرع التنفيذي للحكومة الذين يعدون مثل هذه السياسات.

وروزين عالم في الشؤون الخارجية، وهو من مواليد مدينة نيويورك، وقد اشتهر روزين بسبب اهتمامه بالتأثير على الحكومة من الداخل. وقال لأصدقائه انه انضم الى «ايباك» بعدما عمل كأستاذ جامعي ومحلل في مركز ابحاث لانه شعر بالملل من دراسة النظم واراد تغييرها.

وباعتباره مديرا للسياسة الخارجية في «ايباك»، كان يرأس قسما يقدم للمنظمة، التي تصل ميزانيتها الى 47 مليون دولار سنويا ويعمل بها 200 شخص، التحاليل بخصوص الشرق الاوسط . ولتحقيق التقدم في هذا المجال، كان يتبادل المعلومات والشائعات مع الاكاديميين والصحافيين والعاملين في الحكومة الاسرائيلية ووزارة الخارجية والبنتاغون والبيت الابيض.

ولم يهتم روزين بالتعامل مع كبار المسؤولين في الحكومة. بل كان يركز بدلا من ذلك على العاملين في تطوير السياسات وترك مهمة التعامل مع كبار المسؤولين في الحكومة من امثال وزير الخارجية الى شخصيات اخرى في المنظمة، كما اوضح دنيس روس المسؤول عن سياسة الشرق الاوسط في عهدي الرئيس بوش وبيل كلينتون. واضاف «انه كان رجلا ذكيا. ويعرف الموضوعات التي يتعامل معها معرفة جيدة، وكان شخصا مطلعا على شؤون اسرائيل ويعرف ما يقلقها».

بمرور السنوات كان لروزين دور في كتابة عدة سياسات تفضلها اسرائيل، بما في ذلك التعاون الاستراتيجي بين اسرائيل والولايات المتحدة ونظام عقوبات ضد ايران، عدوة تل ابيب. واصبح اسم روزين نتيجة هذه النجاحات موازيا للجنة «ايباك»، كما ان عمله النشط لتطوير العلاقات الاميركية الاسرائيلية ساهم في النمو السريع للمجموعة. ويقول مالكوم هونلين، المدير التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الاميركية الرئيسية، ان روزين من الشخصيات المهمة التي تجد احتراما وتقديرا. ويضيف جيرالد تشارنوف، عضو اللجنة التنفيذية للجنة «ايباك» قائلا ان روزين من أذكى الذين تعامل معهم وسط موظفي المنظمات. وفي نفس الوقت يعتبر روزين مشاكسا او شخص يصعب العمل معه ويعمل بسرية الى درجة اقرب الى عمل الجاسوسية. يقول مارتن انديك، السفير الاميركي السابق لدى اسرائيل، ان روزين شخصية زئبقية وحاذق وذكي في جوانب كثيرة وناقم الى حد ما. وأضاف انديك قائلا ان روزين عاطفي الى حد يجعل الآخرين ينظرون اليه كشخص مربك.