«وثيقة سلام دارفور»: المسلحون طالبوا بتعديلات جذرية والخرطوم مستعدة للتوقيع

الاتحاد الأفريقي تسلم مقترحات الحركات المسلحة ويدرس الخطوة التالية

TT

أعلنت الحكومة رسمياً امس قبولها بمشروع «اتفاق السلام» لإنهاء النزاع فى دارفور المقدم من الوساطة الافريقية، وجددت استعدادها للتوقيع عليها والالتزام الجاد بتطبيقها، فيما قدم مسلحو دارفور مساء امس رؤيتهم الى الوسطاء، مطالبين بإدخال تعديلات جذرية ومهمة، وأكدوا انهم مستعدون للتوقيع على «الوثيقة» أيضا اذا تم تضمين هذه التعديلات. وينتظر الطرفان حتى ساعة متأخرة من مساء امس ردا من الاتحاد الافريقي بشأن استمرار المفاوضات الجارية في ابوجا بنيجيريا وتمديدها لأسبوع أو تأجيلها الى وقت لاحق، فيما تضاءلت احتمالات توقيع اتفاق سلام في آخر يوم من عمر الجولة امس.

وتنحصر نقاط الخلاف بين الطرفين فى ان الحركات المسلحة تطالب بمنصب نائب رئيس للجمهورية، فيما اكتفى المشروع بمنحهم منصب مساعد رئيس للجمهورية، كما تطالب بان تكون دارفور «اقليما واحدا» بدلا عن ثلاث ولايات الآن، بينما حدد المشروع مجلس تنسيق لولايات دارفور برئاسة مساعد الرئيس المقترح. وترفض الحركات المسلحة دمج قواتها فى الجيش السوداني في الفترة الانتقالية، غير ان المشروع يتحدث عن تسريح وتذويب في الجيش السوداني، وفي المقابل طالب المشروع بتحجيم ميليشيات الجنجويد.

وقال احمد حسين آدم، كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة في اتصال مع «الشرق الاوسط»، إن وفدا مشتركا من قادة الحركات المسلحة في دارفور اجتمع مساء امس مع الوسطاء الافارقة وقدم رؤية الحركات في الوثيقة التي وصفها بأنها تلبي رؤية طرف واحد فقط، وهي الحكومة. وقال «طالبنا بتعديلات جذرية»، مشيرا الى انهم تسلموا النسخة العربية من الوثيقة امس، وهي مكونة من 85 صفحة، وقال «من الصعب علينا مراجعة النصوص في المدة القصيرة الممنوحة لنا ومقارنتها بالنص الذي تسلمناه قبل ايام باللغة الانجليزية». وتابع «اوضحنا لهم ان الوثيقة خلت من عناصر مهمة مثل الاحكام العامة لموضوع تقاسم السلطة، ولم تتضمن الآجال الزمنية للتنفيذ، كما خلت من الضمانات الدولية او الاقليمية وآليات التنفيذ». وأبان أن «القرار الآن في يد الاتحاد الافريقي في تقديم ورقة متوازنة تلبي مطالب الطرفين لا طرفا واحدا». وأكد انه لا يعلم ما اذا كان الاتحاد الافريقي سيرفع الجلسة او يمددها، لكنه اشار الى احتمال عقد جلسة ليلية اخرى لاتخاذ خطوات أخرى.

من جهته، قال الدكتور مجذوب الخليفة رئيس وفد الحكومة لمفاوضات أبوجا فى تصريحات امس، ان قرار الموافقة على الوثيقة يأتي اتساقاً مع موقف الحكومة الذي نقل للاتحاد الافريقي رسمياً والمتضمن القبول بوثيقة السلام باعتبارها تمثل اساساً صالحاً للاتفاق مع إبداء بعض التحفظات.

وذكر أن وفد الحكومة وفي تجاوب حقيقي مع بيان مجلس السلام والأمن الافريقي في الثامن والعشرين من ابريل (نيسان) الماضي والذي اعلن المجتمع الدولى تجاوبه معه. وأكد أن أي ملاحظات تبرز في مراحل التطبيق يمكن معالجتها بالتراضي بين الجميع، وأن مناخ السلام والمشاركة سيجعل ثمار السلام في متناول أهل السودان جميعاً.

ويجد المشروع الاتحاد الافريقي دعماً من الامم المتحدة ومجلس السلم والأمن الافريقي والمجتمع الدولي عبر عدد من الرسائل تلقاها الدكتور سالم احمد سالم تدعم رؤية الاتحاد لحل الأزمة. وقال مجلس السلم والأمن في بيان له عقب اجتماع عقده بأديس أبابا، ان الوثيقة تعتبر ثمرة جهد لوساطة الاتحاد الافريقي بمساعدة الشركاء الدوليين. واعتبر المجلس الوثيقة شاملة وعملية ومؤهلة لوضع حد للأزمة. وقال ان الوقت حان لتبدي الاطراف قبولها بالوثيقة قبل نهاية الفترة المحددة لنهاية الجولة، ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتقديم العون السياسي اللازم للأطراف حتى تمضي لتوقيع الاتفاق.

ووصل يان برونك مبعوث الامين العام للامم المتحدة في السودان الى أبوجا بصحبة «11» قائداً ميدانياً لمني أركوني يتقدمهم حقار القائد العام لجيش الحركة وعيسى بحر الدين رئيس مجلس التحرير الثوري. وأبلغ برونك الشركاء فى ابوجا دعمه للوثيقة، مشيراً الى ان الامم المتحدة قلقة إزاء تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية بدارفور.

وأعطى مشروع اتفاق السلام في دارفور الذي طرحه وسطاء الاتحاد الافريقي علي أطراف التفاوض الاسبوع الماضي المسلحين في الاقليم، منصب مساعد رئيس الجمهورية، و3 من الوزارات فى الحكومة المركزية، و3 وزراء دولة ومجلس تنسيق يضم الولايات الثلاث فى دارفور يرأسه مساعد رئيس الجمهورية.

وقضى المشروع المكون من 85 صفحة تحوي مقدمة تمهيدية و4 فصول، بدمج قوات الحركات المسلحة في الجيش السوداني وفق ترتيبات محددة، كما قضى بتحييد ميليشيات الجنجويد المرعبة في دارفور والمتهمة بارتكاب الفظائع في الاقليم.

ويحوي الفصل الاول مشروع اتفاق حول تقاسم السلطة، والفصل الثاني مشروع اتفاق حول تقاسم الثروة، والثالث مشروع اتفاق نهائي لوقف اطلاق النار والترتيبات الأمنية، اما الرابع فعن الحوار الداخلي لأبناء دارفور.

تحوي مقدمة الاتفاق الذي سمي «اتفاق سلام دارفور» إدانة من الاطراف المعنية «حكومة السودان» و«حركة تحرير السودان» و«حركة العدل والمساواة» لكافة انواع العنف ضد المدنيين وانتهاكات حقوق الانسان والتعهد بالالتزام بالقانون والمعاهدات الدولية حول احترام حقوق الانسان، وتؤكد المقدمة الحاجة لاتفاق سلام شامل في اقليم دارفور يجلب الأمن والسلام والاستقرار لسكان الاقليم.

وفي محور تقاسم السلطة يدعو الاتفاق الى تمثيل اهل دارفور في مستويات الحكم كافة في السودان وفي الخدمة المدنية والقضاء والقوات المسلحة وقوات الشرطة والأمن والمخابرات مع الأخذ في الاعتبار الكفاءة والمؤهلات لهذه المناصب.

اما مؤسسات الحكم الفيدرالي فتتكون من مجلس تشريعي فيدرالي ومجلس تنفيذي وهيئة قضائية ومفوضيات قد يحددها الدستور، وان تكون هناك مؤسسات حكم على مستوى الولاية التي ستطور مستويات حكم محلية وانتخابات على ضوء دستور اية ولاية.وينص مشروع الاتفاق على ان تشكل حكومة الوحدة الوطنية فور التوقيع على الاتفاق سلطة انتقالية لإدارة دارفور تسمى «سلطة دارفور الانتقالية» تمثل فيها حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة.

وتتكون سلطة دارفور من مساعد لرئيس الجمهورية وولاة ولايات دارفور الثلاث ورؤساء مفوضيات الاعمار واعادة التوطين ورئيس صندوق الاعمار والتنمية ومفوضية اراضي دارفور ومفوضية أمن دارفور.

وحول مستقبل وضع ولايات دارفور ينص مشروع الاتفاق على اجراء استفتاء لأهالي ولايات دارفور الثلاث حول إنشاء اقليم لدارفور مكون من ثلاث ولايات او الابقاء على ثلاث ولايات دون اقليم، اما عن حدود دارفور فينص الاتفاق علي ان تكون حدوده هي ذاتها عند استقلال السودان في 1/1/1956 دون المساس باتفاق السلام الشامل.

على مستوى رئاسة الجمهورية ينص مشروع الاتفاق علي تعيين مساعد لرئيس الجمهورية من مرشحين تقدمهم حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة لرئيس الجمهورية ويقوم بمهام محددة في الاتفاق، اما على مستوى الجهاز التنفيذي الفيدرالي والى حين اجراء الانتخابات، يمنح أهالي دارفور ومن بينهم ممثلون لحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان، ثلاثة مناصب وزراء اتحاديين وثلاثة مناصب وزراء دولة، وترشح الحركات ايضا من يتولى احد مناصب رؤساء لجان المجلس الوطني.

وفيما يتعلق بتقاسم الثروة ينص مشروع الاتفاق على التقسيم العادل للثروة لتحقيق التنمية المتوازنة، وينص الاتفاق على تشكيل لجنة تقييم مشتركة وإنشاء صندوق خاص لتنمية واعمار مناطق دارفور ووقف اطلاق النار الشامل.وينص الاتفاق على الالتزام باتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع في نجامينا في ابريل 2004 واتفاق اديس ابابا في مايو(أيار) 2004 وإعلان المبادئ حول دارفور الذي وقع في ابوجا، واتخاذ تدابير بتحييد ميليشيات الجنجويد، تماشيا مع قرارات مجلس الأمن حول هذا الصدد وقمة الاتحاد الافريقي واتفاق نجامينا ويتحدث الاتفاق ايضا عن حماية النازحين وقوافل المساعدات الانسانية وحماية النساء والأطفال وإعادة نشر القوات والسيطرة على السلاح.

* نص اتفاقية السلام حول دارفور على الإنترنت السياسة.. وليس الدين أو العرق وراء نزاع دارفور