5 حقائق.. لتصحيح مفاهيم مغلوطة عن الإقليم السوداني

TT

بعد مضي ثلاث سنوات على بدء نزاع دارفور، وقتل عشرات الألوف وانتقال ما يقرب من 2.5 مليون شخص من مناطق سكناهم وبيوتهم، مع عدم وجود أي أفق لانتهاء النزاع، هذه هي خمس حقائق تقف في وجه كل التصورات المغلوطة حول دارفور.

1ـ معظم سكان الإقليم مسلمون سافرت الى دارفور في بدايات النزاع. وقد شاهدت عددا كبيرا من المساجد التي حطمت في نواح عديدة من الاقليم. الأكثر غرابة أن الذين يقومون بالهجوم على هذه المساجد هم من المسلمين أيضا. وغالبية سكان دارفور مسلمون بل هم أكثر سكان البلاد التزاما بالدين.

وتروي عاملة صحية ماليزية تعمل في نيالا بولاية جنوب دارفور انها كانت تنوي القيام بوساطة بين الاطراف باعتبارها «مسلمة» ايضا. ولكنها اكتشفت ان «هذه الحرب لا علاقة لها بالدين».

2 ـ الجميع بشرتهم سوداء على الرغم من ان الحرب وضعت تحت إطار أنها ما بين العرب والأفارقة السود لكن تبدو بشرة الجميع في دارفور سوداء على الأقل بمقاييس أميركا. فالاختلاف الرئيسي هو بين المزارعين والرعاة. قال محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفة الأيام المستقلة السودانية «يكرر الأميركيون السود الذين جاءوا إلى دارفور دائما: أين العرب إذن؟ ولماذا كل هؤلاء الناس يبدون سودا. الشيء الأساسي هو أن القبائل قد تزوجت من بعضها البعض دائما في دارفور. ولبعض الرجال هناك زوجة تسمى عربية وأخرى تسمى أفريقية. بدأت القبائل تنعت نفسها بهذه الطريقة قبل عدة عقود لأسباب سياسية. ومن يعرف في دارفور أصول سكانها؟» 3 ـ كل ذلك يتعلق بالسياسة على الرغم من أن المحللين قد ركزوا على الجوانب الاثنية والعرقية للنزاع في دارفور لكن معركة، تدور منذ فترة طويلة ما بين الرئيس السوداني عمر حسن بشير ورجل الدين الراديكالي حسن الترابي، قد تكون أكثر أهمية. فالبروفسور الكاريزمي ورئيس البرلمان السابق حسن الترابي كان واحدا من أقوى المنافسين السياسيين ذوي النفوذ الكبير في السودان. وفي الفترة الأخيرة اتهم خبراء حقوق الانسان في الأمم المتحدة الترابي بدعم إحدى المجموعات المتمردة الأساسية في دارفور وهذه هي حركة العدالة والمساواة وفيها يحتل بعض تلامذته السابقين دورا قياديا.

وقال غازي سليمان، المحامي السوداني في مجال حقوق الانسان، ان «دارفور هي ببساطة ميدان المعركة في صراع السلطة للهيمنة على الخرطوم. وهذا هو السبب الذي جعل الحكومة توجه ضربة شديدة. فقد رأوا يد الترابي وهم يريدون البقاء مسيطرين على السودان بأي ثمن».

4 ـ هذا الصراع دولي لعبت الصين وتشاد دورا أساسيا في نزاع دارفور. ففي عام 1990 جاء ادريس دبي الى السلطة في تشاد عبر الشروع بهجوم عسكري مفاجئ وسريع من دارفور للاطاحة بنظام الرئيس حسين حبري. وينتمي دبي الى قبيلة الزغاوة المعروفة التي تشكل واحدة من الجماعات المتمردة في دارفور التي تحاول قلب نظام الحكم. ولهذا فانه عندما اندلع النزاع تعين على دبي ان يقرر ما اذا كان سيدعم السودان أو قبيلته. واختار قبيلته في نهاية المطاف.

وفي غضون ذلك فان السودان يعتبر رابع اكبر مصدر للصين بالنفط المستورد، وتتميز تلك العلاقة بمنافع. وقالت الصين، التي تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، انها ستقف الى جانب السودان ضد المساعي الأميركية الرامية الى فرض عقوبات على البلد وفي المعركة من اجل ارغام السودان على استبدال قوات حفظ السلام من الاتحاد الفريقي بوجود اكبر للأمم المتحدة. وقد شيدت الصين طرقا واسعة ومصانع في الخرطوم، بل وشيدت «قاعة مؤتمر الصداقة» التي تعتبر اكبر قاعة اجتماعات عامة في المدينة.

5 ـ وصفة «الإبادة الجماعية» جعلت الوضع أسوأ رسمت كثير من حكومات العالم خطا في توصيف دارفور باعتبارها ابادة جماعية. وسمى البعض النزاع قضية تطهير اثني، وقال آخرون ان الحكومة مضت شوطا أبعد في محاولة انهاء تمرد. ولكن في سبتمبر 2004 اشار كولن باول وزير الخارجية الاميركي في حينه، الى النزاع باعتباره «ابادة جماعية». وبدلا من اثارة فعل دولي أكبر فان ذلك التوصيف لا يبدو الا معززا لمتمردي السودان. وهم يعتقدون انهم ليسوا بحاجة الى التفاوض مع الحكومة ويرون انهم سيحصلون على الدعم الأميركي عندما يشنون الهجمات. وقد توقفت محادثات السلام مرات، ويعود جزء من ذلك الى أن الجماعات المتمردة ابتعدت عن عملية المفاوضات. واستخدمت حكومة السودان وصفة الإبادة الجماعية من أجل تسويق نفسها في الشرق الأوسط باعتبارها ضحية أخرى من ضحايا سياسات أميركا المناهضة للعرب والمسلمين.