سكان بعقوبة بكل أطيافهم يتعايشون مع العنف المتصاعد

الأسبوعان الماضيان كانا الأكثر دموية في المدينة

TT

بعقوبة (العراق) ـ أ.ف.ب: «سوق بعقوبة.. شر لا بد منه»، عبارة اطلقتها احدى النساء المسنات وهي تهرع مذعورة بعد وقوع اطلاق نار داخل سوق بعقوبة عصر اول من امس، ادى الى مقتل شخص على أيدي مسلحين في هذه المدينة التي يسكنها سنة وشيعة وأكراد وتشهد باستمرار عمليات عنف تستهدف المدنيين وقوات الأمن العراقية والأميركية.

ولا يكاد يمر يوم من دون ان يقع عدد من المدنيين بنيران مسلحين في مناطق بعقوبة المختلفة، حتى طال اخيراً العنف سوقها الكبير والمزدحم بالناس. وما يثير الغرابة هو انه على الرغم من انتشار دوريات الشرطة في هذا السوق، فسرعان ما تسمع اصوات اطلاق النار ويتكرر مشهد الناس وهم يتراكضون يميناً ويساراً مسرعين وقد انتابهم الخوف والهلع الشديدان. وحين تسأل عن الأحداث اليومية، يرد عليك احدهم أن شخصاً ما قتل في احد المحلات أو بالقرب منها ثم تأتي دوريات الشرطة مطلقة العيارات النارية في الهواء لتنقل الجثة الى الطب العدلي وينتهي دورها وينقضي اليوم كباقي الايام الدامية.

وما يثير التساؤل هو: هل بدأت الجماعات المسلحة بتغيير خططها؟ ام ان هناك جماعات تريد خلق وضع أمني مربك لدى المواطن اولاً وقوى الأمن ثانياً. واذا وجهت سؤالاً للمواطن أجابك وحدد لك تلك المناطق والتي تعتبر خطرة ولا بد من تجنبها والحذر منها، ومن هذه المناطق سوق المدينة الذي يعده الاهالي «شرا لاً بد منه»؛ فقد قتل احد المدنيين عصر أول من أمس على يد مسلحين في سوق بعقوبة، وهو صاحب محل مرطبات وتم اغتياله داخل محله.

وشرح العميد غسان الباوي، قائد شرطة محافظة ديالى التي مركزها بعقوبة، أن «هذه الأعمال تقوم بها جماعات مسلحة بقصد إرباك معنويات المواطنين من خلال قيامها بعمليات اغتيال مدنيين أبرياء داخل السوق». وأضاف: «هذه الجماعات تريد زعزعة ثقة المواطن بقوات الأمن وبقدرتها في حمايته من الهجمات». وتابع الباوي: «مشكلتنا هي اننا أمام عدو يريد قتل أكبر عدد من الناس سواء بعمليات الاغتيال أو بوضع العبوات الناسفة في الأزقة والشوارع الضيقة». ولفت الى ان «قوات الشرطة تقوم تقريباً في كل يوم بتسيير الدوريات الخاصة برفع العبوات الناسفة من الطرقات».

وبحسب مصدر في مركز العمليات التابع للشرطة، فان «الاسبوعين الاخيرين كانا الأشد عنفاً ودموية، فقد انفجر ما يقارب الاربعين عبوة في مختلف ارجاء المدينة مستهدفة دوريات قوات الأمن العراقية والقوات المتعددة الجنسية». وأضاف ان «العبوات التي تمت معالجتها من قبل خبراء المتفجرات بلغت 30 عبوة، أما العبوات المنفجرة فقد ادت الى مقتل 12 شخصاً وإصابة 13 آخرين».

ويؤكد المصدر أن «الاغتيالات التي نفذت في المدينة بلغت 42 عملية، راح ضحيتها 37 من المدنيين ورجال أمن وأكثر من 19 جريحاً».

وعادة لا تلقي قوات الأمن القبض على أي من المسلحين لا قبل وقوع الاعتداء ولا بعده. وعزا بعض المواطنين السبب في ذلك الى عدم وجود مراقبة ومتابعة من قبل الاجهزة الامنية بهذا الخصوص. وقال محمد عباس، وعمره 40 عاماً، وهو صاحب محل في سوق بعقوبة ان «كل ما تفعله الشرطة هو الوقوف في اماكن معينة ثم الانسحاب من السوق، وبعد وقوع الحادث تأتي الشرطة وتطلق العيارات النارية في الهواء وتربك كل من في الشارع من رجال ونساء وأطفال ثم يرفعون الجثة ويذهبون وتغلق المحلات أبوابها».

أما أحمد ياسين، وعمره 30 عاماً، فيؤكد انه «لو كانت هناك متابعة ومراقبة من قبل الاجهزة الامنية، لكان بالإمكان السيطرة على الوضع والقبض على من يقوم بهذه الأعمال». وشهدت بعقوبة كبرى مدن محافظة ديالى منذ الخميس سلسلة من الهجمات المنسقة استهدفت نقاطاً للسيطرة، وأسفرت عن مقتل 16 شخصاً بينهم ستة جنود عراقيين. كما قتل 25 مسلحاً واعتقل 51 آخرون. وبدأت الهجمات بعد ظهر الخميس الماضي في جنوب بعقوبة عندما تعرض مركز شرطة ناحية بهرز وخمسة حواجز تفتيش للشرطة والجيش لهجمات متزامنة استخدمت فيها قذائف الهاون والأسلحة الخفيفة، بحسب ما أفاد بيان للجيش الاميركي.

وأوضح البيان أن «نحو مائة متمرد شنوا هجوماً على احد مقار الجيش العراقي في منطقة دلي عباس»، مؤكداً ان «الجنود العراقيين ردوا على المتمردين، مما ادى الى مقتل اربعة منهم، فيما قتل ستة جنود عراقيين وأصيب ثمانية آخرون بجروح متفرقة». وأدت العملية الى مقتل مدنيين وجرح اربعة آخرين.

وأعلنت السلطات المحلية في ديالى اول أمس، انتهاء فرض حظر التجول الذي استمر يومين في المحافظة بعد عودة الهدوء، إثر اشتباكات عنيفة بين مسلحين وقوات الأمن العراقية. وقال مصدر امني عراقي ان «حظر التجول رفع منذ صباح السبت في مدينة بعقوبة وعادت الحياة الى طبيعتها».