الخرطوم وقعت «منفردة» على «اتفاقية دارفور» والمسلحون يتمسكون بالرفض

الاتحاد الأفريقي يمهل الحركات المسلحة حتى منتصف اليوم.. ووفد الخرطوم عاد أدراجه

TT

وقعت الحكومة السودانية من حيث المبدأ، امس على وثيقة انهاء نزاع دارفور المقدمة من الاتحاد الافريقي، وعاد وفدها في ابوجا بنيجيريا برئاسة نائب الرئيس علي عثمان طه الى الخرطوم عصر امس، بينما امهل الاتحاد الافريقي قادة الحركات المسلحة الرافضين بشدة للوثيقة، حتى ظهر اليوم للتوقيع عليها، أو رفع الجولة وإعلان فشلها وتحميلهم المسؤولية.

وأكد مفاوضون من الحركات المسلحة في اتصال مع «الشرق الأوسط»، تمسكهم بالرفض، مؤكدين ان الوثيقة لا تلبي الحد الأدني من طموحات «شعب دارفور».

وانتقد احمد حسين آدم، كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، الوساطة الافريقية قائلا انهم «فشلوا في تقديم وثيقة متوازنة». وقال ان الوقت الممنوح لهم لن يكفي لحل القضية. واضاف «سنتمسك بالرفض حتى آخر لحظة (..) اما تقديم تنازلات جوهرية من قبل الحكومة، والاتحاد الافريقي، او اننا سنرفض الوثيقة الحالية بلا ادنى شك». وقال سيف الدين هارون، المتحدث باسم حركة تحرير السودان، ان «تمديد المهلة لا يعني لنا أي شيء». وأضاف «ان اقتراح السلام الذي قدمه الاتحاد الافريقي لا يلبي مطالبنا المهمة».

وأعلن الدكتور مجذوب الخليفة رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات أبوجا، ان حكومته وقعت امس مبدئيا على وثيقة سلام دارفور. وعاد نائب الرئيس السوداني مع اعضاء الوفد الى الخرطوم عصر امس بعد زهاء ثلاثة اسابيع قضاها في ابوجا بغرض دفع المفاوضات.

وقال السمانى الوسيلة وزير الدولة بوزارة الخارجية السوداني وعضو الوفد الحكومي العائد مع طه، ان الامر قد حسم ولا مجال أو فكرة لإحداث تعديلات فى المشروع.

وذكر فى تصريحات فى مطار الخرطوم أن الاطراف اتفقت على ان يترك الباب واسعا لإجراء التعديلات اثناء التنفيذ. وشدد الوسيلة على انه «المطلوب بعد اليوم هو عمل سودانى مشترك لإنفاذ الاتفاق». وقال دبلوماسي يشارك عن كثب في المحادثات، ان طه غادر لأن اجتماعاته الاخيرة مع قادة المتمردين أعطته انطباعا بأنهم ليسوا مستعدين لإجراء محادثات حقيقية. وقال الدبلوماسي الذي وصف حالته المزاجية بأنها «محبطة» إن «اجتماعاته (طه) مع حركات التمرد امس كانت سيئة للغاية. كانت.. بصراحة.. مهينة جدا للحكومة».

ويقول وسطاء الاتحاد الافريقي ان المتمردين يصرون على ضرورة الوفاء بالكامل بمطالب معينة مثل منصب نائب رئيس لمواطني دارفور وحكومة اقليمية، وهو أمر غير ممكن تماما.

وقال المصدر الدبلوماسي «اعتقد أن الفرص ضئيلة للغاية.. لا اعتقد ان الحركات تدرك انها تضيع فرصة كبيرة.. الشيء الوحيد المتبقي لميني هو ان يدرك أن اللعبة انتهت». وكان يشير الى ميني اركوا ميناوي زعيم الفصيل الرئيسي لحركة جيش تحرير السودان المنقسمة.

وتوقع دكتور مجذوب الخليفة عدم توقيع الحركات المسلحة على وثيقة المشروع. وأضاف أنهم سيستمرون في اجتماعات منفصلة ومتصلة بالحكومة والوسطاء لتحديد رؤيتهم الواضحة حولها. واعتبر عدم قبول الحركات بالتوقيع أمرا مؤسفا إذا حدث. وقال «الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي سيتخذان في هذه الحالة العديد من الخطوات»، مؤكداً أن السلام يمثل أولويات وأحد انجازات الحكومة. ووصف وثيقة مشروع الاتحاد الأفريقي بأنها متوازنة وعادلة. وأشار لتحفظات الحكومة على ملفي الثروة والسلطة، واضاف «إذا اتفقت الأطراف خلال المهلة التي اعلن المجتمع الدولي دعمه لها على اضافة أي بند جديد سيتم ادراجه، وإذا لم يحدث اتفاق، سيرفع الاتحاد الافريقي الوثيقة إلى مجلس الأمن والسلم الافريقي». وقال رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات أبوجا ان الحكومة قدمت اقصى انواع التنازلات، مشيرا في ذلك لمطالبة الحركات بمنصب نائب الرئيس واقتراح الحكومة منصب مستشار الرئيس ثم المساعد الأول، وزاد «أن هذا المكسب لم تحصل عليه الولايات الأخرى الأكثر كثافة».

وكشف الخليفة عن تغليب بعض الجهات للأجندة الحزبية دون الأجندة الوطنية في قضية دارفور للتغطية والكيد السياسي للبلاد نتيجة الخلاف الذي ينشأ بين المركز وأحزاب المعارضة ممثلة في حزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبيإ داعياً تلك الأحزاب تغليب مصلحة البلاد بدلاً عن التأكيد على حمل السلاح إذا وافقت الحركات المسلحة على مشروع سلام دارفور.

وأكد الخليفة حرص الحكومة على مصلحة المواطنين وتحقيق الاستقرار واستتباب الأمن وعودة اللاجئين والنازحين وتوسيع فرص المشاركة السياسية للحركات ودعم التحول الديمقراطي عامة ولمؤتمر دارفور الجامع دعماً للسلام والتنمية بالبلاد. وأشار لبعض التصريحات التي تعلنها الحركات المسلحة على وثيقة المشروع في اجندة الاعلام وقيام الاتحاد الافريقي بتصويبها والتزام الحكومة بتوضيح مواقفها من القضايا المثارة.

وحسب الخليفة، فان المشروع يجد الدعم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والرؤساء والأفارقة والحكومة الأميركية.