تقرير: 2005 العام الأكثر دموية ضد الصحافيين منذ عقد.. والعراق الأخطر

74 صحافيا قتلوا في العراق في 3 سنوات مقابل 69 أثناء الحرب العالمية

TT

أصبح العراق أخطر مكان في العالم لممارسة العمل الصحافي، حيث يواجه الصحافيون مخاطر ومصاعب لا نظير لها، وفاقت خطورة العراق على حياة المراسلين الظروف التي كان يعمل فيها المراسلون أثناء الحرب العالمية الثانية، أو حروب جنوب شرق آسيا. وأفادت منظمة «مراسلون بلا حدود» في تقرير بمناسبة «اليوم العالمي لحرية الصحافة» ان 2005 كان العام الاكثر دموية للصحافيين في العالم، اذ شهد مقتل 63 صحافيا على الاقل في العالم ومهاجمة او تهديد 1300 صحافي. وتعد هذه النسبة الأعلى منذ عام 1995 عندما كانت «الجماعة الاسلامية المسلحة» الجزائرية تستهدف كل من لا يؤيد طروحاتها.

وتشير المنظمة الى ان العنف ضد الصحافيين اصبح الآن أمرا روتينيا في دول مثل بنغلاديش والفلبين ونيجيريا والمكسيك، من دون ان تجري معاقبة المعتدين. وتقول ايضاً ان عددا قليلاً ممن تورطوا في قتل الصحافيين تعرضوا للاعتقال او الادانة والحبس عام 2005.

وتوضح المنظمة، التي تتخذ من باريس مقرا لها، ان 27 صحافيا قتلوا عام 2005 في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، مما يجعل هذه المنطقة الأكثر خطرا على من يمارسون مهنة الصحافة. وتشير الى ان الفوضى الامنية في العراق كانت السبب الرئيسي وراء مقتل 24 صحافياً في هذا البلد، غالبيتهم لقوا حتفهم خلال أداء مهامهم. ورغم ان تقرير «مراسلون بلا حدود» يشير الى ان غالبية الصحافيين يقتلون في العراق على ايدي اعضاء المجموعات المسلحة، فانه يحمل القوات الأميركية مسؤولية مقتل 12 صحافيا وتوقيف 6 صحافيين عراقيين للاشتباه في تقديمهم مساعدات للمقاتلين. ويتطرق التقرير ايضا الى تزايد ظاهرة خطف الصحافيين في العراق، ويشير الى ان المراسلين الاجانب يعدون الهدف المفضل للخاطفين اذ تم احتجاز 7 منهم العام الماضي.

ولم يكن العنف ضد الصحافيين في العراق بارزا في عام 2005 فحسب، وانما منذ الغزو الاميركي لهذا البلد عام 2003. وفي هذا الصدد تشير مؤسسة اخرى تعنى بحرية الصحافة في العالم، هي مؤسسة «منبر الحرية» الاميركية، الى ان عدد الصحافيين الذين قتلوا في العراق منذ الاجتياح الاميركي في ربيع عام 2003، بلغ حتى الربع الاول من السنة الحالية 74 صحافياً، في حين ان المراسلين الذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية بلغ عددهم 69 صحافياً، وبلغ عدد الذين قتلوا أثناء حربي فيتنام وكمبوديا 63 صحافياً. ولم يحدد «منبر الحرية» هوية الصحافيين الذين قتلوا في العراق.

لكن العراق ليس البلد الخطير الأوحد في المنطقة. فلبنان الذي كاد ينسى حوادث الخطف والقتل منذ انتهاء حربه الأهلية عام 1990، شهد العام الماضي اغتيال جبران تويني رئيس صحيفة «النهار» اللبنانية وسمير قصير الصحافي والكاتب في الصحيفة نفسها، بعد تفجير سيارتيهما في العاصمة بيروت. كما تعرضت مي شدياق، المذيعة بتلفزيون «ال بي سي»، لمحاولة اغتيال اصيبت جراءها بجراح بليغة. وكان كل هؤلاء الصحافيين معارضين للوجود السوري في لبنان.

كذلك يشير تقرير «مراسلون بلا حدود» الى حادثة خطف وتعذيب صحافي حتى الموت في ليبيا العام الماضي. ويتعلق الامر بضيف الغزال الذي كان خطف وعذب حتى الموت في 21 مايو (ايار) 2005 في ظروف غامضة. وكان هذا الصحافي البالغ من العمر 32 سنة، قد ارسل تقارير الى الموقع الانترنتي «ليبيا اليوم» التابع للمعارضة والصادر من لندن.

وستحتفي مؤسسة «منبر الحرية» يوم غد بإضافة اسماء 59 صحافياً من مختلف أنحاء العالم الى قائمة الصحافيين، الذين قتلوا أثناء تأدية مهامهم، وتضاف اسماء هؤلاء الصحافيين في «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، الى نصب تذكاري في مدينة ارلينغتون بولاية فرجينيا (مجاورة للعاصمة واشنطن)، مخصص للصحافيين الذين قتلوا خلال تأدية مهامهم. وبذلك سيصبح عدد الصحافيين الذين يضمهم النصب 1665 صحافياً يعتبرون من «الخالدين». وسيكون اللبنانيان الراحلان جبران تويني وسمير قصير من بين من ستضاف اسماؤهم يوم غد.

وسيبدأ الحفل التأبيني في الصباح الباكر بقراءة أسماء الصحافيين الذين قتلوا أثناء تأدية مهامهم العام الماضي، ثم يتحدث ديفيد ويتين رئيس مجلس إدارة شبكة «إيه. بي. سي» التلفزيونية وتشارلز اوفربي رئيس «منبر الحرية» وآخرون، وستقرأ لائحة الصحافيين المخلدين ونبذة عن حياة كل واحد منهم. وقالت مؤسسة «منبر الحرية»، إن الصحافيين الذين سيحتفى بهم هذه السنة قتلوا في اذربيجان وبنغلاديش والبرازيل وكولومبيا والكونغو والاكوادور وهايتي والهند ولبنان والمكسيك والنيبال وباكستان والفلبين وروسيا وصربيا وسيراليون والصومال وسري لانكا وتايلاند والولايات المتحدة، ومعظم هؤلاء الصحافيين قتلوا بسبب تقاريرهم او تعليقاتهم حول الحكومة والقضايا السياسية أو الجرائم. ويشار الى ان مؤسسة «منبر الحرية»، تدافع عن «حرية الصحافة وحرية التعبير والحرية لجميع الناس»، وتعد من المؤسسات التي تحظى بمصداقية كبيرة.

يذكر ان «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، الذي يصادف يوم 3 مايو (آيار) من كل سنة، حدد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 للاحتفال بحرية الصحافة في مختلف انحاء العالم وحماية الصحافة من الاعتداءات، وتخليد أسماء الصحافيين الذين دفعوا حياتهم ثمناً للحقيقة.

ويخصص تقرير «مراسلون بلا حدود» فصلا للدور الذي احدثته الانترنت في الصحافة عالميا، ويشير الى ان بيلاروسيا وبورما وكوبا وايران وليبيا والمالديف والنيبال وكوريا الشمالية والسعودية وسورية وتونس وتركمانستان واوزبكستان وفيتنام، لا تزال تفرض رقابة على الشبكة المعلوماتية. ويشار الى انه في عام 2003، كانت الصين وفيتنام والمالديف قد سجنت اشخاصا بسبب معلومات تتعلق بالانترنت.

واذا كان عام 2005 سيئاً للصحافة فانه لم يخل من اخبار سارة، اشار اليها تقرير «مراسلون بلا حدود». فقد افاد التقرير بان الصحافة اصبحت اكثر حرية في الهند ودول بوسط أميركا وفي إقليم ايتشه الاندونيسي. وتكشف منظمة «مراسلون بلا حدود» انها ساعدت في اصلاح قوانين الصحافة في موريتانيا، وتأمل في ان تقوم بالامر ذاته في تشاد والكاميرون. ومن الاخبار السارة الاخرى انشاء السلطات في المكسيك مكتب ادعاء خاصا بالتحقيق في الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون.

كذلك، يشير تقرير «مراسلون بلا حدود» الى قضية الرسوم الدنماركية المسيئة للاسلام وكيف انها اظهرت اختلاف الناس من قارة الى اخرى في النظر الى مفهوم حرية التعبير.