الجزائر: سكان القبائل منقسمون حول هوية خاطفي ثري أطلق بفدية

TT

يتداول الشارع القبائلي بشرق العاصمة الجزائرية، موضوعا مثيرا حول شخص يتحدر من عائلة ثرية جدا، تعرض للخطف يوم الأربعاء الماضي ثم أطلق سراحه بعد ثلاثة أيام مقابل دفع فدية قيمتها بالدينار الجزائري تعادل مليوني دولار. لكن هوية الخاطفين طالبي الفدية ظلت محل جدل بين أوساط سكان «أزفون» (170 كل شمال شرقي العاصمة) حيث تقطن الأسرة، فبينما يتهم البعض «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» بالوقوف وراء العملية، تتجه أنظار قطاع من السكان بالمنطقة إلى «أطراف تسعى لتحميل المسلحين المسؤولية حتى تدفع سكان المنطقة للتحالف مع قوات الأمن لطردهم من القبائل».

وكان مجهولون قد اختطفوا مزيان، أحد أبناء أسرة حداد التي تملك مؤسسة الأشغال العمومية والطرق والبناء الأشهر والأغنى في الجزائر، عندما كان عائدا إلى منزله على متن سيارته، حيث اعترض طريقه عدد كبير من الأشخاص وتوجهوا به إلى مكان غير معروف وسط غابات الجهة الساحلية التي كانت في ثمانينات القرن الماضي قبلة للسياح قبل أن يعشش فيها الإرهاب. ولما لاحظت الأسرة أن عودة مزيان إلى البيت طالت، أبلغت قوات الأمن التي فتحت تحقيقا في الموضوع أفضى إلى تأكيد اختطافه من قبل أشخاص مسلحين، بناء على شهادات أشخاص من المنطقة تابعوا أطوار الكمين الذي وقع فيه مزيان، لكنهم عجزوا عن تأكيد ما إذا كان الخاطفون من اللصوص أم من الجماعة السلفية، تدرك أن الأسرة ستدفع فدية مهما كانت قيمتها مقابل الإفراج عنه، بحكم ثرائها.

وبعد ثلاثة أيام من الحادثة، تلقى شقيق مزيان ومدير المؤسسة العائلية اتصالات هاتفية من الخاطفين تشترط 25 مليار سنتيم بالعملة المحلية (مليونا دولار) نظير اطلاق سراح الرهينة، وتم إبلاغ مصالح الأمن بمطالب الخاطفين. وطلب المحققون من شقيق مزيان عدم الإذعان لشروطهم بدعوى أن ذلك سيشجعهم على تكرار نفس العمل مع كل أثرياء المنطقة، لكن حرص والدة الرهينة على الحفاظ على حياة ابنها دفع نجلها الأكبر إلى الرد إيجابيا على الشرط في مكالمة هاتفية أخرى تم الاتفاق على موعدها سلفا. وحدد الطرفان موعدا لتسلم المبلغ في أحد أرياف أزفون دون علم قوات الأمن وتمت «الصفقة» بنجاح وفي سرية وأطلق سراح مزيان ليلة السبت الماضي.

وقال قريب للعائلة لـ«الشرق الأوسط» ان الذي دفع الفدية عاجز عن تحديد هوية الخاطفين، وأن رجال الأمن حاولوا عبثا أن يأخذوا منه ما يؤكد هويتهم.

وفي غياب معلومات رسمية دقيقة عن هوية الخاطفين، قالت مصادر من المنطقة ان سكانها منقسمون بين من يتهم الجماعة السلفية ويدعو إلى التعاون مع قوات الأمن لإخراجها بالقوة من المنطقة، ويدعم هؤلاء موقفهم بأمثلة عن تبني التنظيم المسلح عمليات اختطاف سابقة في بومرداس خاصة (45 كلم شرق)، وإن كانت قيمة الفدية المعلنة ليست بالحجم الذي بلغته في حالة مزيان حداد، وبين آخرين يرون أن القصة لا تعدو أن تكون محاولة من أطراف بالمنطقة معادية للإسلاميين تحالفت مع لصوص لإلصاق التهمة بـ«الجماعة السلفية». لكن من عادة «السلفية» نشر بيانات تكذيب في حال نسبت اليها امور تعتبرها غير صحيحة، وعادة ما تبرر الاختطاف وطلب الفدية بكون الرهينة تنتمي إلى جهة تعاديها أو أن المبلغ المطلوب ضروري «لاستمرار الجهاد».

وقد جاء في تحريات أمنية عن مرحلة ما بعد انحسار ظاهرة الإرهاب، أجرتها المديرية العامة للأمن الوطني، أن المناطق التي عرفت اندحار الإرهاب تشكلت فيها عصابات تحترف السطو على البيوت وتقيم الكمائن في الطرق لسلب أموال الأشخاص. وذكر المدير العام للأمن الوطني علي تونسي لصحافيين قبل أشهر، أن مصالحه اكتشفت إرهابيين «تائبين» (تخلوا عن العمل المسلح) ضمن عصابات منظمة تحترف السطو على مقار البنوك ومكاتب البريد.