«الأسبوع الثقافي السعودي» يجذب اهتمام النخبة الثقافية في سراييفو

يضم محاضرات ومعرضاً عن الحج.. وينظم العام المقبل في روسيا

TT

انطلقت في سراييفو أمس فعاليات «الأسبوع الثقافي السعودي» بمركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي، وسط حضور اعلامي وجماهيري كبير حيث توافد عدد كبير من المثقفين والاكاديميين والطلبة وأفراد الشعب البوسني لمشاهدة المعرض والاستماع لمحاضرات يلقيها اساتذة من السعودية.

وأشار مدير المركز عبد العزيز العقيلي، في كلمة الافتتاح، إلى الصرح الكبير الذي أقامه مركز خادم الحرمين الشريفين في البوسنة ليمثل جسر تواصل بين الثقافات والحضارات والعرقيات، ومن منطلق اسلامي. وقال: «صار الانسان أكثر رغبة في التعرف على أخيه الانسان، وصارت الرغبة ملحة لكل أمة في معرفة سير الامم الأخرى والوقوف على ما تتميز به». واضاف ان «ما يجمع الانسانية من قيم خيِّرة يمكن أن يكون منطلقا بتعميق التعارف، فهناك صفات انسانية متجذرة في الفطرة يمكن أن تكون بقوتها ومتانتها جسرا للتآلف الانساني على الخير، وقنطرة للعبور بها نحو المحبة والاخاء وصدق النصيحة». وأعرب عن أمله في «زرع بذرة التواصل والتناصح والعطاء، فتنمو وتتسامق وتتعانق وتورق وتمتد جذورها في الاعماق كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء».

من جانبه، افاد السفير السعودي لدى البوسنة، فهد الزيد، بأن الإعداد للاسبوع الثقافي بدأ منذ العام الماضي بالتعاون مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، لكن تم تأجيله لظروف «وها هو يقام اليوم في موعده». وأشار إلى «وصول وفد كبير من السعودية للاشراف على الاسبوع الثقافي وإلقاء محاضرات» خلاله. واكد ايضا وصول بعض الملصقات والصور واللوحات التي تؤرخ للحج وعمليات الإعمار، إضافة لمجسمين من الفضة للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة و«سيقوم مختصون بشرح مختلف المواضيع؛ بما فيها معرض الحج للحضور».

وأكد السفير الزيد توفر كامل متطلبات نجاح الاسبوع الثقافي سواء من حيث الاعداد أو الاقبال. وأوضح أن وزارة التعليم العالي السعودية «تبنت مشكورة إقامة مثل هذه النشاطات في المركز وستكون هناك نشاطات أخرى بإذن الله في المركز». واعتبر ان من «شأن هذه النشاطات تمتين العلاقات وربط أواصر الاخوة والمودة بين الشعبين (السعودي والبوسني)، وتعريف الشعب البوسني الشقيق ما يتعلق بالاسلام والحج». وحول اقامة المعرض في دول أخرى في المنطقة، قال السفير ان «المعرض زار دولا أخرى وسيواصل مسيرته حسب ما هو مرسوم له وسيظل اسبوعا في البوسنة، وستكون هناك معارض اخرى ونشاطات موازية». بدوره، ذكر الدكتور أسامة بن فضل البار، عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى بمكة المكرمة لـ«الشرق الاوسط»، ان الاسبوع الثقافي يشتمل على معرض يوضح الجهود التي بذلت لإعمار الحرمين الشريفين وتيسير أداء الحجيج لمناسك الحجاج والعمرة بسهولة وأمان. وستكون هناك نشاطات ثقافية مصاحبة مثل محاضرة للدكتور عبد الوهاب بن ابراهيم أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء، عن «الاسلام دين الاخاء والسلام»، ومحاضرة للدكتور حبيب بن مصطفى زين العابدين رئيس الادارة المركزية للمشروعات التطويرية عن «إعمار المشاعر المقدسة: جهود متواصلة لخدمة ضيوف الرحمان»، ومحاضرة للدكتور أسامة بن فضل البار عن «توسعة الحرمين الشريفين: إعجاز وتحد»، ومحاضرة للدكتور عدنان محمد فايز الحارثي عميد شؤون المكتبات بجامعة أم القرى عن «الحضارة الاسلامية والغرب: عطاء وتواصل»، ومحاضرة للدكتورة وفاء بنت عبد الله المزروع عن «العلاقات التاريخية بين المملكة والمسلمين البوشناق».

واوضح الدكتور البار ان «المعرض يهدف إلى إعادة الصورة الناصحة للاسلام، ونقض الصورة التي ربطت بين الاسلام والإرهاب في الغرب». وعن زيارة البوسنة، أفاد بأن «البوسنة تمثل تلاقي الحضارات، والشعب البوشناقي المسلم هو شعب أوروبي مائة في المائة من الاليريين عرقا وقد حافظ على إسلامه طيلة القرون الماضية ولا زال متمسكا بهويته ويواصل الدور الحضاري المناط به في هذه المنطقة من أوروبا».

وعن اصداء المعرض التي لفتت انتباه وسائل الإعلام والشعب البوسني، قال ان الزوار بدأوا يتوافدون على المعرض و«أتوقع أن يكون له صدى أكبر وعلى كافة المستويات الاعلامية والثقافية والاكاديمية والشعبية».

وأشار الدكتور البار الى وجود نية للقيام بزيارات الى دول أخرى، وقال: «نفكر في إقامة هذا المعرض في روسيا العام القادم». وعن تأثير أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 على صورة الاسلام قال: «لا شك ان أحداث 11 سبتمبر أثرت سلبا على الصورة الايجابية للاسلام وما نراه من تشويهات مغرضة من خلال إلصاق التهم بالمسلمين». واعتبر ان المعرض والاسبوع الثقافي يأتيان كجزء من حملة مركزة تهدف لتقديم الصورة الصحيحة للاسلام. وحول ما إذا كان هناك برنامج ثقافي يتجاوز الزيارات والمعارض السنوية والاسابيع الثقافية الآنية، قال: «هناك العديد من الجهات التي تعمل على هذا الأمر، ونحن الآن في مركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي، وهو مركز يعمل على مدار السنة ويقوم بدور جيد تعليميا وثقافيا، وهناك فرع في موستار، والعديد من المؤسسات التي تقوم بهذا الدور؛ منها المؤسسات الخيرية والهيئات الاغاثية والبنك الاسلامي للتنمية».

من ناحيته، عبر الدكتور عبد الوهاب بن ابراهيم أبو سليمان عن ارتياحه للجهود الاسلامية المبذولة في البوسنة، وقال إننا نطمح أن يكون الوضع مستقبلا افضل. ودعا الدكتور أبو سليمان المسلمين إلى التبرع لصالح إعادة بناء جامع «الفرهادية» التاريخي في مدينة بنيالوكا البوسنية. يشار الى ان هذا المسجد التاريخي كان قد شيد عام 1579 وهدمه الصرب في 7 مايو (ايار) 1993، وتتكلف إعادة بنائه بين 5 و6 ملايين يورو. وقال الدكتور ابو سليمان: «هناك أهل خير لو سمعوا بمعاناة المسلمين وعجزهم عن إعادة بناء جامع الفرهادية لسارعوا لمساعدتهم».

أما رئيس العلماء في البوسنة والهرسك، الدكتور مصطفى تسيريتش، فعبر عن سعادته بالاسبوع الثقافي السعودي والمعرض المصاحب له في سراييفو. وقال: «هذا ليس غريبا عن المملكة العربية السعودية. وليست هذه المرة الاولى التي نتشرف فيها باستقبال إخوة لنا من المملكة في سراييفو. والأسبوع الثقافي والمعرض المصاحب له من افضل المعارض التي عرفتها مدينتنا في تاريخها الطويل». واضاف: «نحن سعداء جدا، ونعتز بأن المملكة العربية السعودية لم تنسنا ونطلب من العالم الاسلامي ألا ينسانا. في كل مرة يصلنا وفد اسلامي نشعر بالفرح والتواصل ونتلمس جذورنا الروحية من منابعها الاصلية».