طوابير أمام مشرحة بغداد.. وسنة وشيعة يبكون قتلاهم

شرطي: نجلب جثتين أو ثلاثا يوميا من قسمنا

TT

بغداد ـ ا.ف.ب: يحتشد حوالى مائة شخص غالبيتهم من الرجال امام مدخل مشرحة بغداد الرئيسية شمال العاصمة العراقية بحثا عن اقرباء لهم راحوا ضحية العنف الطائفي اليومي وعمليات الخطف التي تطال السنة والشيعة على حد سواء.

ويقول رجل وبدا عليه الحزن الشديد «جئت لأتسلم جثة جاري الذي خطف قبل ثلاثة ايام ووجد مقتولا امس، وقد اخترقت ثلاث رصاصات جسده الذي بدت عليه علامات تعذيب بالكهرباء». ويقاطعه احد اصدقاء الضحية قائلا «يدعى علي حسن الدوري وعمره 36 عاما، وهو أب لولدين. قتل لأنه سني يقطن في مدينة الصدر الشيعية. انها عملية قتل على خلفية طائفية».

ويضع بعض أقرباء الضحايا ـ ليتمكنوا من دخول المشرحة ـ مناديل على انوفهم للتخفيف من روائح الجثث والمواد الكيماوية. وقد احضرت بعض العائلات توابيت خشبية لدفن الموتى بأسرع وقت.

وجلست امرأة مسنة ترتدي عباءة سوداء خلف حائط صغير ساعية وهي تنتظر زوجها الذي دخل المشرحة للبحث عن جثة ابن اخيه.

وتقول بينما تحاول حبس دموعها «اتى من سامراء (المدينة السنية الواقعة على بعد 125 كلم شمال العاصمة العراقية) لبيع الخضار في بغداد. واختطف مع اثنين من اصحابه وجدت جثتاهما وقد اخترقتا بطلقات نارية».

وتتكرر عمليات الخطف والقتل بشكل دوري، خصوصا منذ الاعتداء على مرقد الامامين الشيعيين علي الهادي وحسن العسكري في مدينة سامراء في 22 فبراير (شباط). فقد تم العثور على 45 جثة مصابة بالرصاص اول من امس في بغداد وجنوبها. وقد قتل هؤلاء على ما يبدو في حوادث ذات طابع طائفي.

وترسل الجثث التي تبقى اسابيع في المشرحة من دون ان يتقدم احد لتسلمها لتدفن في مقابر في النجف او كربلاء على نفقة متبرعين يقدمون أموالا لهذه الغاية، بيد ان المشرحة تحتفظ بصور الضحايا. وتدخل سيارة تابعة للشرطة العراقية الى ساحة المشرحة الداخلية محملة بجثة وجدت صباحا مرمية في حي الحبيبية الشيعي شرق بغداد.

ويقول شرطي، فضل عدم الكشف عن هويته «نجلب جثتين او ثلاثا يوميا من قسمنا» في وقت ينقل جثة الضحية الجديدة من السيارة لتوضع قرب عشرات الجثث الاخرى. وفي الوقت عينه يخترق موكب من ستة اشخاص الساحة الداخلية حاملين تابوتا على اكتافهم على وقع ترداد شهادة ان «لا اله الا الله».

وتوضع التوابيت بعد ذلك في شاحنة صغيرة. ويتمسك رجل يجلس على سطح سيارة تغادر المشرحة بتابوت ثبت عليه. ويدخل رجل وقور يرتدي اللباس التقليدي اتى مع ابنه لتسلم جثة نصف متحللة لنسيب له عثر عليها في نهر دجلة، بعد ان التهمتها الاسماك جزئيا وذلك بعد ثمانية أيام على اختفائه.

ويقول «منذ أسبوع ندور على المستشفيات والمشرحات واقسام الشرطة لنتعرف على جثة رفعت ابراهيم. تعرفنا عليها اليوم (امس) بواسطة صورة لها». ووسط حشد الاشخاض الذين أتوا لتسلم جثث اقرباء لهم سقطوا ضحايا العنف يقول محمد قاسم ،32 عاما، الذي يرتدي قميصا يحمل ألوان المنتخب الفرنسي لكرة القدم واسم النجم الرياضي زين الدين زيدان «جئت لأتسلم جثة جاري العجوز الذي ليست لديه عائلة وتوفي وحيدا في منزله».

بيد ان الفرصة لن تتاح له للقيام بذلك، اذ تقتحم 15 آلية تحمل 70 جنديا من القوات الخاصة العراقية ومستشارين اميركيين، المكان وهم في حالة عصبية واضحة ويخلون المشرحة من الحشد. وقد جاءوا ليتسلموا جثث 14 من رفاقهم اغتيلوا بينما كانوا في مأذونيات من الخدمة العسكرية.