مصر: أزهريون ينتقدون المفتي لمطالبته بالتصفية الجسدية للمتطرفين

TT

انتقد علماء أزهريون موقف الدكتور علي جمعة مفتي مصر من مرتكبي أعمال إرهابية مؤكدين أن تصفية المتطرفين جسدياً التي دعا إليها جمعة لا تحل قضية الإرهاب بل تؤدي إلى زيادة أعمال العنف والإرهاب وتحول المجتمع إلى ساحة للأخذ بالثأر.وشدد العلماء على ضرورة اتباع الدولة منهجا حكيما في القضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره ومواجهة الفكر المتطرف بفكر مستنير.وقال الدكتور عبد العظيم المطعني عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر لـ«الشرق الأوسط» إن علاج مشكلة الإرهاب ليس في قتل من يرتكب العمل الإرهابي وإنما في التفكير والبحث في الدوافع التي دفعته لارتكاب الفعل الشنيع والعمل على إصلاحها.ووصف المطعني مرتكبي أعمال الإرهاب بأنهم «مرضى عقليون»، يجب على السلطات الحاكمة إلقاء القبض عليهم والتحفظ عليهم حتى يتم علاجهم ومعرفة دوافعهم وتصحيح فكرهم، مؤكداً أن الحل ليس في القتل كما قال مفتي مصر لأن القتل هو «علاج للإرهاب بالإرهاب والعنف بالعنف»، وانه في حالة قتل إرهابي واحد سيخلف وراءه عدداً من الإرهابيين وبالتالي يزداد الإرهاب في المجتمع.وأضاف إن الذين ارتكبوا أعمالا إرهابية يجب أن يلقى عليهم القبض ويحاكموا على أفعالهم ويطبق فيهم الحدود (القصاص العادل) أما من يعلن توبته ويكف عن هذه الأفعال الإجرامية فيجب معاملته معاملة المرضى النفسيين يعني «التحفظ عليه حتى يعود إنساناً سوياً» وبعد التأكد من توبته يتم العفو عنه وذلك مصداقاً لقول الله تعالي: «إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم».

وقال الدكتور المطعني إن الإمام علي بن أبي طالب لم يقتل أحدا من الذين ارتكبوا أفعالا عدوانية في الدولة الإسلامية وإنما قال «هم أخوة لنا قد بغوا علينا»، وكان دائما يعامل من تآمروا عليه باللين والرحمة ولم يتجاوز التهديد إلى الانتقام وإنما الشيء الوحيد الذي كان يحرص عليه هو رد الهجوم.

وأكد الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة ضرورة مواجهة الفكر المتطرف بالفكر الإسلامي الصحيح، مشيراً إلى أن هناك دوافع عديدة للإرهاب والعدوان وليس كلها دوافع دينية أو معتقدات دينية خالصة فهناك البطالة والفقر والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بالإنسان لارتكابه أفعالا عدوانية تعبيراً عن العصب.

ووصف الدكتور أسامة السيد عبد السميع أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر الحكم بقتل مرتكب الأعمال الإرهابية بأنه «حل فاشل يضاعف مشكلة الإرهاب في المجتمع»، مؤكداً على ضرورة مواجهة الفكر بالفكر والحوار ومقارعة الحجة بالحجة، موضحاً أن من يرتكب أعمالا إرهابية لديه فكر وأهداف، مشيراً إلى أنه يضحي بنفسه من أجل هذه الأهداف، مشيراً إلى أهمية الحوار في هذا الصدد.وقال: إذا وجدنا أن هدف الأعمال العدوانية هو البغي والفساد في الأرض والعدوان على المجتمع وإرهابه فإنه في هذه الحالة يجب أن ينفذ فيه حكم الله كما نص عليه القرآن «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم». وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بمفتي مصر الدكتور علي جمعه للحصول على رد منه أو تعليق على تصريحات منتقدي موقفه من الإرهابيين، إلا أنه كان غير موجود في مكتبه بدار الإفتاء بحي الدراسة جنوب القاهرة.

كما تبين أنه جعل جميع هواتفه الخاصة خارج دار الإفتاء سرية.

واتصلنا بمدير مكتبه اشرف محمود على هاتفه الجوال الذي أبلغنا باستحالة لقاء المفتي أو الحديث إليه هاتفيا الآن نظرا لوجوده في اجتماع يصعب الخروج منه ووعدنا بالرد غدا (اليوم).