«عرض قوة» شعبي لعون و«حزب الله» وحلفائهما يكمل الفرز السياسي على الساحة اللبنانية

مئات الآلاف تظاهروا ضد «الورقة الإصلاحية»... وقوى «14 آذار» تأسف لـ«تسييس التحرك المطلبي»

TT

قدم فريق «الاقلية النيابية» في لبنان عرض قوة شعبياً في وسط مدينة بيروت في تحد سياسي لفريق الاكثرية النيابية والحكومية وان يكن عنوانه الرئيسي مطلبياً ـ نقابياً، فقد نزل مئات الالاف من مناصري «حزب الله» والتيار الوطني الحر المؤيد للعماد ميشال عون وحركة «امل» والحزب الشيوعي اللبناني، بالاضافة الى مناصري بعض الاحزاب اليسارية وحزب الطاشناق الارمني للمشاركة في مظاهرة دعت اليها «هيئة التنسيق النقابية» احتجاجاً على بعض عناوين «الورقة الاصلاحية» التي تنوي الحكومة التقدم بها الى «مؤتمر بيروت» للدول المانحة.

وفي اتجاه معاكس للتوقعات التي كانت تشير الى تحرك غير كبير، تدفق عشرات الالاف من المشاركين الى منطقة البربير عند مدخل بيروت الجنوبي ما دفع المنظمين الى اطلاق المظاهرة قبل موعدها المقرر بنحو نصف ساعة، وساروا باتجاه ساحة رياض الصلح في وسط بيروت على مقربة من السراي الحكومي ومكاتب منظمة «الاسكوا» التابعة للأمم المتحدة حاملين الاعلام اللبنانية والشعارات التي تصف الورقة الاصلاحية بـ «الورقة التخريبية» وتلك التي تهاجم سياسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

وبدت واضحة «اللمسة الخاصة لحزب الله» الذي كان المنظم الرئيسي لمسار المظاهرة والتيار العوني، على المتظاهرين الذين ارتدوا الوان التيارين الاصفر والبرتقالي ورفعوا صور الامين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله والعماد ميشال عون.

وساهم التحرك «المطلبي» في اكمال الفرز السياسي على الساحة السياسية اللبنانية باجتماع القوى التي تمثل الاقلية النيابية مع القوى غير المتمثلة في البرلمان في مواجهة الاكثرية النيابية المتمثلة بقوى «14 آذار» التي هاجمت التحرك و«تسييس التحركات المطلبية».

وتجمع المتظاهرون في الساحة نفسها التي تجمع فيها انصار «حزب الله» والقوى المتحالفة معه في 8 مارس (آذار) 2005 تحت شعار «الشكر لسورية»، غير ان ضيفا جديدا حلّ على هذه الساحة هو تيار عون. وقدرت وكالة الانباء الرسمية (الوكالة الوطنية للانباء)عدد المشاركين بـ«مئات الآلاف»، فيما قدر وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت عددهم بـ40 الفاً. اما وبالرغم من الشحن السياسي والاعلامي الذي سبق الحدث لم تسجل حوادث أمنية خلال مسار التظاهرة التي واكبتها قوى الجيش اللبناني والقوى الأمنية الاخرى بشكل مكثف.

وخلافاً للتسييس الذي رافق انطلاقة المظاهرة، انتهى التجمع بكلمة وحيدة القيت باسم «هيئة التنسيق النقابية» عدد فيها الناطق باسم الهيئة حنا غريب عناوين الاعتراض على «الورقة الاصلاحية» والسياسات الحكومية.

ومن جانبه قال وزير الداخلية، احمد فتفتت في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة قبل انطلاق المتظاهرين ان المظاهرة «ليست نقابية بل سياسية». وقال: «بعض الاعلاميين يذكرون ما سمي المظاهرة المليونية قبل اغتيال الرئيس (رفيق) الحريري، ونأمل الا تكون مظاهرة اليوم في التوجه السياسي نفسه. هناك مطالب اقتصادية طرحت وتمت تلبيتها مباشرة، وقد قال الرئيس السنيورة ان المواضيع الاساسية نستطيع ان نوقف البحث فيها، ورغم هذا كان هناك اصرار مع شعارات سياسية واضحة، سمعنا شعارات من العماد عون عن اسقاط الحكومة وسمعنا اهم من هذا، شعارات وعناوين في صحيفة «البعث» عن اسقاط الحكومة اللبنانية. وسئل: هل هناك تخوف من اسقاط الحكومة؟ فأجاب: «عندما يريد احدهم اسقاط حكومة يجب ان يكون عنده بدائل، حتى الآن لا ارى بديلاً جدياً... فليعطونا مشروعاً جدياً لنبحث فيه ونحن مستعدون».واكد ان «الاطراف السياسية الكبيرة المشاركة لا نية لديها للوقوع تحت الاستفزاز» وقال: «بالمقابل وردنا انطباع من اطراف كبيرة، وبالتحديد من حزب الله، انها تبذل الجهود لتهدئة الاوضاع وضبط الامور». واشار الى ان «التقارير الأمنية واضحة» لكنه رفض ان يسمى «الاطراف بشكل محدد حفاظاً على المصادر الأمنية ولعدم اثارة الاستفزازات قبل المظاهرة».

واعلن رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ان الحركة في الشارع هي «بداية لتحرك شعبي» واسع بعدما تبين ان الحكومة جامدة وليس لديها التجاوب السليم مع المطالب الشعبية ومع آمال الشعب اللبناني، آملاً ان «يفهموا (المظاهرة) بمعناها الصحيح ويبادروا الى التحرك لمعالجة الاوضاع السيئة التي تغرق فيها البلاد».

وتمنى في حديث الى تلفزيون «المنار» التابع لـ«حزب الله» ان «لا يحاولوا غش الناس بالقول انها اوامر غريبة تنفذ على الارض اللبنانية». وعن وصف المظاهرة بانها «استعراض لريف دمشق في شوارع بيروت»، قال عون: «لقد فقدوا ضوابط الحديث السياسي لان لا شيء عندهم ليردوا به على مطالب الشعب اللبناني.