بوتين يحث الروس على الإنجاب ويتجنب انتقاد واشنطن

اعترف في خطابه السنوي بتفوق «الذئب الأميركي الشاطر» بـ25 مرة .. وحدد أولويات الدولة

TT

في خطابه السنوي للأمة والذي تأجل إلقاؤه أكثر من مرة، حث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس مواطنيه على زيادة المواليد، وتجنب توجيه انتقاد لاذع للولايات المتحدة. وحدد في المقابل اولويات الدولة في مختلف المجالات وحذر من نزعة توسع «فضاء النزاعات وخطورة انتشارها في مناطق المصالح الحيوية للدولة الروسية». وتوقف عند اخطار الارهاب الدولي الذي قال «انه يستمد مصادره من النزاعات المحلية التي يقوم بعضها على اساس اثني»، مشيرا الى وجود قوى تريد توريط روسيا في مثل هذه المشاكل.

كما تحدث عن اهمية اضطلاع الدول المتقدمة التي تملك الاسلحة النووية واكثر آليات الضغط السياسي والعسكرية فعالية، بأعباء مواجهة مثل هذه الاخطار وتأمين الاستقرار الاستراتيجي، مؤكدا اهمية تحديث اسلحة القوات المسلحة الروسية. واشار في هذا الصدد الى ان ما تنفقه روسيا على قضايا الدفاع يقل بمقدار الضعف تقريبا، عما تنفقه الدول النووية الاخرى مثل فرنسا وبريطانيا، فيما تبدو بعيدة عن المقارنة مع ما تنفقه الولايات المتحدة التي تزيد ميزانيتها العسكرية عن ميزانية روسيا بنحو 25 مرة. وعمد بوتين على وصف البيت الاميركي بـ«القلعة» مغدقا على الاميركيين المديح حيث وصفهم بالـ«شطَار». واستشهد بالمثل الروسي القائل: «الرفيق الذئب يعرف ما يأكله»، مضيفا: «كل يا صديقي ولا تلتفت الى احد».

وكشف الرئيس الروسي عن مدى تدهور اوضاع القوات المسلحة يوم توليه رئاسة الحكومة في 1999 مشيرا الى لقائه مع رئيس الاركان آنذاك الذي شدد له على ضرورة توفير 65 الفا من الجنود لمواجهة الموقف المتدهور في شمال القوقاز في الوقت الذي لا يوجد فيه لدى روسيا سوى 55 الفا من الجنود المنتشرين في مختلف ارجاء الدولة الروسية، بينما لا يستطيع الجيش الروسي اجراء اية مناورة عسكرية مكتفيا باجرائها على الخرائط.

وشدد بوتين على حاجة روسيا الى قوات مسلحة قادرة على الرد على تحديات العصر الحديث، وذلك بعد يوم من الذكرى الـ61 لانزال القوات السوفياتية الهزيمة بألمانيا النازية. وأردف قائلا: «يجب ألا نكرر أخطاء الاتحاد السوفياتي وأخطاء الحرب الباردة، يجب ألا نضحي بمصالح التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتطوير مؤسستنا العسكرية. هذا طريق مسدود». ومضى يقول: «يجب أن تكون مبادئنا العسكرية ومبادئ السياسة الخارجية لدينا قادرة على الاجابة على أكثر الاسئلة أهمية وهو: كيف يمكننا محاربة ليس الارهاب فحسب بل أيضا الاسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية وأسلحة الدمار الشامل».

وتناول الرئيس الروسي علاقات بلاده مع بلدان منظومة الكومنولث بعيدا وعلى غير ما كان متوقعا عن انتقاد الدول التي طالبت بالخروج من الكومنولث مثل جورجيا واوكرانيا، واكتفى بالاشادة بما حققته المنظمة والتنظيمات الاقليمية الاخرى، وإن اعترف بضرورة اعادة بناء هذه المنظومة.

وعن ارتباط بلاده بمنظمة التجارة العالمية قال ان مفاوضات الانضمام يجب الا تشمل محاولات الضغط على روسيا، في اشارة الى محاولات ربط الانضمام بقضايا مثل حقوق الانسان والديمقراطية. غير ان الرئيس بوتين توقف بالمزيد من التفاصيل عندما وصفه بأهم القضايا التي تواجه روسيا وهي «الحب والمرأة والاسرة» على حد قوله في اشارة الى «المشكلة الديموغرافية» التي تهدد بانقراض الجنس الروسي من منظور انخفاض تعداد سكان روسيا المتواصل والذي بلغ في العام الماضي وحده ما يقرب من سبعمائة مليون نسمة. وطالب بضرورة حفز المواليد ومكافأة الاسرة المعيلة محددا المكافآت التي يجب ان يزيد حجمها مع كل طفل جديد وتخصيص الامتيازات في السكن والصحة والتعليم. واذ اعلن بوتين عن مكافأة مقدارها ربع مليون روبل عن كل مولود جديد فضلا عن الاعانات الشهرية التي تزيد بمقدار زيادة عدد الاطفال، فانه وجه بصرف المعونات الى كل اسرة تأخذ على عاتقها تبني الايتام واطفال الملاجئ.

ولم يغفل، مثلما ظل يفعل خلال الاعوام الماضية، الاشارة الى تفشي مشكلة الفساد في الجهاز الاداري وبين صفوف قوات الأمن والدفاع. كما اكد ضرورة الاستمرار في تنفيذ ما سبق واشار اليه حول مضاعفة نسبة النمو والدخل القومي في السنوات العشر المقبلة.

وعن علاقات بلاده الخارجية قال بوتين ان روسيا جادة في تطوير علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة والهند والصين الى جانب بلدان حوض المحيط الهادئ واميركا اللاتينية وافريقيا دون الاشارة الى اي منها بالاسم مكتفيا بالقول بضرورة توسيع اطر التعاون معها من اجل تحقيق الاستقرار العالمي والاقليمي وزيادة حجم الاستثمارات والتجارة الخارجية والعلاقات الانسانية. وشدد على اهمية دور الامم المتحدة التي «يصعب تحقيق التفاهم المتبادل والسلام بدونها»، مشيرا الى انها تظل الاداة اللازمة لصياغة لوائح وقواعد السلوك في المجتمع الدولي في مواجهة تحديات العصر.