إعلانات عن اصطدام حقيقي بين سيارتين.. كي تبيع «السلامة والقدرة على التحمل»

إعلان تجاري يخرق الممنوعات ويثير جدلا لتعريض حياة ممثلين لخطر الموت

TT

رجلان في سيارة تسير على الطريق يتبادلان أطراف الحديث، عندما تظهر فجأة سيارة نصف نقل حمراء.. السيارة في مواجهة الشاحنة.. وفجأة يصدر صوت مكابح السيارة وينطلق أزيز إطارات السيارة وتتحطم المعادن وينكسر الزجاج ويتبعثر. ويطير الرجلان من مقعديهما مثل أكياس القمح، ووجهاهما مدفونان في الوسائد الهوائية. هذه الحادثة العنيفة ليست جزءا من فيلم أو برنامج للشرطة. بل هي واحدة من اعلانين أثارا جدلا كبيرا اعدتهما شركة فولكس فاغن في اميركا لسيارة «جيتا سيدان»، وجرى تسجيلهما من دون خدع تصويرية وبأشخاص عاديين. وذكرت شركة السيارات الألمانية انها «تبيع السلامة» وقدرة سياراتها على التحمل، ويتبع حادث التصادم لقطات لراكبين يسيران في طريقهما، يترنحان بلا إصابات. وسواء أعجبك الإعلانان أم لا (فولكس فاغن ذكرت انها تلقت ردود فعل حادة من المؤيدين والمعارضين) فإن الإعلانين يمثلان مجالا جديدا في إعلانات السيارات. فبعد ابتعاد شركات السيارات عن إعلان صفات السلامة في السيارات لعدة عقود من الزمن، بدأت الشركات الاهتمام بالسلامة في الثمانينات مع انتشار سيارات «الفان» العائلية واختبارات الاصطدام الحكومية، كما أوضح كليرنس ديتلو المدير التنفيذي لمركز سلامة السيارات في واشنطن. وانتقلت الإعلانات من مقارنات ثابتة على الشاشة، الى صور واضحة في التسعينات، مع استخدام سيارات بلا سائقين او اصطدام السيارات بالجدران في اختبارات تصادم. الا أن خبراء السلامة والاعلانات، لم يتذكروا ان شركة سيارات ذهبت الى هذا المدى، بحيث تظهر أشخاصا يتعرضون لحادث بهذا العنف، مثلما فعلت شركة فولكس فاغن. بل ان شركة بي.ام.دبليو رفضت عرض إعلان قبل خمس سنوات لأن اللقطات، التي تعرض بالعرض البطيء، حادث تصادم تستخدم فيه دمية سائق «مخيفة»، طبقا لما ذكرته لوديا كابلان من وكالة مندلسون زين في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، التي قادت الحملة.

وذكرت كرين ماردرسيان مديرة التسويق في فولكس فاغن اميركا أن الإعلانين، وهما من إعداد وكالة كريسبين بورتر اند بوغسكي في ميامي بولاية فلوريدا، لم تستخدم فيهما أية خدع تصويرية، وتم تصويرهما مرة واحدة باستخدام ممثلين متخصصين في المشاهد الخطرة وسيارة جيتا حقيقية غير مجهزة بوسائل سلامة اضافية. كما نفذت الشركة الحادثين طبقا للسرعة التي تستخدمها ادارة سلامة الطرق السريعة الأميركية في اختبارات الحوادث 32 ميلا في الساعة في حوادث التصادم بين سياراتين وجها لوجه، و18 ميلا في الساعة في حوادث التصادم من الجانب.

وقالت ماردروسيان انها سمعت الشكاوى من استخدام «قيم صدامية» للبيع، بخصوص رد الفعل غير اللطيف على أن ضحايا الحوادث ربما يشاهدون مثل هذه الاعلانات. الا انها اوضحت ان ذلك يتجاهل الهدف الاساسي: «نحاول لفت انتباه الناس، ولكن ليس من اجل الصدمة». فالاعلانات ترتبط بحصول سيارة جيتا على اربعة نجوم في اختبارات التصادم من الامام، وخمسة نجوم في اختبارات التصادم من الخلف.

واضافت «نحاول توضيح ان مثل هذه الانواع من الحوادث تحدث كثيرا. ونظهر الاضرار التي يمكن ان تحدث لسيارتك، وحقيقة انه يمكنك الخروج من مثل هذا الحادث والسير امر مهم». وأشاد خبراء السلامة بمجهود شركة فولكس واغن، وقالوا انها رفعت من الوعي العام حول سلامة السيارات من خلال اعلانات مثيرة للانتباه ولا تنسى. ويقول آدريان لوند رئيس معهد التأمين للطرق السريعة، ان الاعلانات اذا نجحت في توعية الناس بالمخاطر عندما المعرضين لها عندما يدخلون سياراتهم، فإن هذا شيء جيد، وعلق قائلا ان هذه رسالة افضل من إبلاغ الناس بأن قوة الاستريو 400 واط. سرعة السيارة من الميزات التي يتم التركيز عليها في الاعلانات التجارية. فولكس واغن تفعل ذلك بالتأكيد بخصوص موديل «هورس باور جي تي آي 200». وتقول جودي ستون، مديرة مؤسسة تعنى بسلامة السيارات والطرق السريعة، ان النتائج التي تقع من جراء الحوادث تتفاوت، وأضافت: «ليس هناك شيء سهل في الحوادث. اعتقد أن الشركة تدرك ذلك، وإنها بإبداء هذا الموقف الايجابي ـ وهي ليست كذلك في عالم الواقع ـ لا يعرف الشخص ما اذا ستحمي السيارة صاحبها. من المفترض ان يحدث ذلك، ولكن لا أحد يعرف». تعترف فولكس واغن بذلك في كتابة بحجم صغير في نهاية الإعلانات التجارية ذكرت ما يلي: «كل حادث سير يختلف عن الآخر ومن المحتمل ان تحدث إصابات خطيرة. الوسادات الهوائية لا تعمل في كل حالات الحوادث». ويقول كلارنس ديتلو إن سجل السلامة الخاص بجيتا ليس متميزا. وأضاف قائلا ان حوالي 90 في المائة من السيارات التي يجري فحصها بواسطة الادارة الوطنية لسلامة الطرق السريعة يتم تقييمها بأربع او خمس نقاط. وتقييم جيتا ليس افضل من موديلات مماثلة من انتاج تويوتا او بونتياك وأسوأ من موديلات من انتاج ميتسوبيشي وغالانت وميركيري مونتيغو. وكان المنتجون بصورة عامة، يركزون على الشكل والسرعة اكثر من التركيز على سلامة السائقين، خصوصا من الشباب الذين يقبلون على موديلات محددة. يقول ماثيو كريستي، الطالب بجامعة كارنيغي ميللون في بيتسبيرغ، انه وجد الإعلانات التجارية «أخاذة». وأضاف انه لا خدع في لغة الإعلان، وأكد ان السلامة بالنسبة له أمر مهم. رغم كل الضجة التي أثارتها الإعلانات، ليس من الواضح ما اذا كانت قد ساهمت في رفع مستوى المبيعات. وتعتبر مبيعات نسبة جيتا في مايو (آيار) الحالي اقل من ابريل (نيسان) الماضي. ويؤكد شون مينارد، المتحدث باسم فولكس واغن، انه ليس لديهم تحليل نهائي فيما يتعلق بازدياد المبيعات، وأضاف قائلا انه من الصعب تحديد نسبة.

* خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)