إلى أي اتجاه يقذف هذا الموج بالعالم؟

«الشرق الأوسط» تنشر نص رسالة أحمدي نجاد لبوش

TT

منذ ان وجه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد رسالة علنية رسمية للرئيس الاميركي جورج بوش، لتكون بذلك اول رسالة رسمية من رئيس ايراني الى رئيس اميركي بعد 26 عاما من مقاطعة تبادل الرسائل الرسمية بين الطرفين، لم تتوقف التحليلات حول مغزى توقيت رسالة احمدي نجاد، وتحليل مضمونها، خاصة أنها اشتملت على عدد كبير جدا من القضايا، بدءا بفجوة النمو بين الدول الغنية والفقيرة، وانتهاء بدور وسائل الاعلام، مرورا بالحرب على العراق، والمسألة النووية الايرانية، ودور القيم الدينية في العلاقات الدولية. ايضا لم تتوقف التكهنات حول الهدف الحقيقي للرئيس الايراني من ارسال الرسالة، غير انها ادت لاثارة نقاش داخل الولايات المتحدة حول طريقة التعامل مع ايران. ومع استمرار ردود الفعل على رسالة الرئيس الايراني.. تنشر «الشرق الاوسط» الرسالة كاملة لقرائها.. وهنا نصها:

السيد رئيس الجمهورية

منذ فترة وأنا افكر في الكيفية التي يمكن من خلالها تبرير التناقضات التي لا يمكن انكارها على الساحة الدولية والتي تطرح بشكل دائم في المحافل الشعبية لا سيما السياسية والجامعية. فهل يمكن ان تكون تابعا للسيد المسيح (ع) ذلك الرسول العظيم، وتحترم حقوق الانسان، وتطرح الليبرالية كنموذج حضاري، وتعارض انتشار السلاح النووي واسلحة الدمار الشامل، وترفع شعار مكافحة الارهاب، واخيرا، تعمل على تأسيس مجتمع عالمي موحد، مجتمع يحكم فيه السيد المسيح (ع) والصالحون في الارض، ولكن في نفس الوقت: تتعرض بعض البلدان للهجوم وتنتهك ارواح وكرامة الافراد؟ فعلى سبيل المثال يتم احراق قرية او مدينة او قافلة لمجرد وجود بعض المجرمين في تلك القرية او المدينة او القافلة. او على احتمال وجود اسلحة دمار شامل في بلد ما يتم احتلال ذلك البلد حيث يقتل مئات الآلاف من الناس وتدمر مصادر المياه والاراضي الزراعية والمراكز الصناعية في ذلك البلد. قد تكونون على علم بأني معلم. الطلبة الجامعيون يسألون كيف يمكن مطابقة هذه الاجراء‌ات مع القيم الواردة في مقدمة الكلمة ومن ضمنها الالتزام بعقيدة السيد المسيح نبي السلام والرحمة؟

هناك متهمون في سجون غوانتانامو لا يحاكمون وليس لهم محامون يدافعون عنهم. عوائلهم لا تستطيع رؤيتهم ويتم احتجازهم خارج أرضهم وليست هناك اي مراقبة دولية تتابع اوضاعهم. ليس من المعلوم هل هم سجناء أم أسرى حرب ام متهمون ام محكومون؟ مفتشو الاتحاد الاوروبي أكدوا ان هناك سجونا سرية في أوروبا. انني لم استطع مطابقة خطف الافراد واحتجازهم في سجون سرية مع أي من الانظمة القضائية في العالم. ولم اعلم بأن هذه الاجراء‌ات تتطابق مع ‌اي قيم.. مع تعاليم السيد المسيح (ع) أم حقوق الانسان أم قيم الليبرالية؟ إن لدى الشباب الجامعيين والمواطنين العاديين الكثير من الاسئلة بشأن ظاهرة اسرائيل. اني على ثقة بأنكم مطلعون على بعض منها.

لقد احتلت الكثير من الدول على مر التاريخ ولكني اتصور ان انشاء دولة جديدة بشعب جديد هو ظاهرة جديدة مرتبطة بعصرنا الحاضر فقط. الطلبة الجامعيون يقولون بأنه لم تكن مثل هذه الدولة قبل 60 ?عاما. انهم يأتون بخرائط قديمة ويقولون اسعوا معنا اذ لم نعثر نحن على بلد باسم اسرائيل. اني اقول لهم طالعوا تاريخ الحربين العالميتين الاولى والثانية. قال احد الطلبة لي بأنه خلال الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها عشرات الملايين تم بث الاخبار المتعلقة بالحرب على وجه السرعة من قبل الاطراف المتحاربة. انهم ادعوا بأن 6? ملايين يهودي قتلوا. من المؤكد ان ? 6? ملايين شخص هم افراد في مليوني اسرة. اسمح لي، لنفترض ان هذه الاحداث وقعت بالفعل، فهل من المنطقي ان هذا الامر يبرر تأسيس اسرائيل او توفير الدعم لها؟ انني على ثقة بأنكم تعلمون جيدا كيف تأسست اسرائيل؟ - لقد قتل الآلاف.

- شرد الملايين من اصحاب الارض الاصليين.

- تم تدمير مئات الاف الهكتارات من الاراضي الزراعية ومزارع الزيتون والقرى. ولم تنحصر المآسي في فترة تأسيس اسرائيل بل ما زالت مستمرة منذ ستين عاما. لقد بني كيان لا يرحم الاطفال، يدمر البيوت على سكانها ويعلن مسبقا عن مشاريعه الرامية الى اغتيال قاده فلسطين ويسجن الآلاف من الفلسطينيين حيث لم يذكر التاريح مثيلا لهذه المجازر. والشعوب تتساء‌ل اليوم لماذا يتم دعم هذا الكيان؟ هل هذا الدعم يتلاء‌م وتعاليم السيد المسيح والنبي موسى عليهما السلام؟ هل يتطابق والليبرالية؟ هل السماح للفلسطينيين سواء من المسلمين او المسيحيين او اليهود بتقرير مصيرهم يتنافى ومبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان وتعاليم الانبياء؟ لماذا لا يسمح باجراء استفتاء في الاراضي المحتلة، لقد انتخب الشعب الفلسطيني أخيرا حكومته واشرف المراقبون على هذه الانتخابات ولكن تم فرض ضغوطات على هذه الحكومة المنتخبة للاعتراف بالكيان الاسرائيلي وترك المقاومة ومتابعة برامج الحكومات السابقة، والسؤال المطروح: لو كانت هذه الحكومة تسير على نهج الحكومات السابقة فهل كان بامكانها ان تفوز في الانتخابات؟

واكرر نفس السؤال: هل معارضة الحكومة الفلسطينية المنتخبة يتلاء‌م والقيم المنشودة؟ الشعوب تتساء‌ل لماذا يتم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد اي قرار يدين الكيان الاسرائيلي؟

وكما تعلمون جيدا فإنني اعيش وسط الجماهير وعلى اتصال مباشر مع شرائح المجتمع وجل الشعوب في الشرق الاوسط تستطيع ان تتصل بي، هذه الشعوب لا تثق بالسياسات المزدوجة التي تنتهج وهم غاضبون من هذه السياسات.

لست بصدد طرح اسئلة ولكن لا بد ان اذكركم لماذا تعتبر كل الانجازات العلمية في الشرق الأوسط تهديدا للكيان الصهيوني، الا تعتبر الابحاث العلمية والتنموية ضمن حقوق الشعوب؟ لا شك انكم قد قرأتم التاريخ وبغض النظر عن فترة القرون الوسطى عندما كانت العلوم جريمة؟ هل من الممكن معارضة ‌اي انجاز علمي بدافع انه قد يستخدم في المجال العسكري، واذا ما كانت هذه الفرضيات مقبولة فانه ينبغي معارضة جميع القوانين العلمية ومنها علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والهندسة وغيرها. لقد تم طرح مواضيع كاذبة حول العراق فماذا كانت النتيجة؟ انني على يقين بأن الكذب غير محبذ لدى كل الثقافات ولا شك انكم لا تحبون ان يكذب احد عليكم.

السيد رئيس الجمهورية

ألا يحق لسكان اميركا اللاتينية ان يتساء‌لوا لماذا تتم معارضة حكوماتهم المنتخبة ويتم دعم الحكومات التي تتولى الحكم عبر انقلابات عسكرية؟ الشعوب الافريقية المثابرة تستطيع ان تلعب دورا هاما في تلبية حاجات الشعوب الاخرى. والفقر المدقع حال دون تحقيق هذا الهدف السامي، الا يحق لهؤلاء الشعوب ان تتساء‌ل لماذا يتم نهب مواردها الطبيعية الهائلة التي هي بأمس الحاجة اليها؟ هل كل هذه الامور تتلاء‌م وتعاليم السيد المسيح؟ ثمة اسئلة كثيرة تراود الشعب الايراني الابي منها انقلاب عام ?1953 والاطاحة بحكومة ايران الوطنية (في اشارة الى حكومة محمد مصدق الذي اطيح به بتدخل اميركي بعد قرار تأميم نفط ايران)، ومعارضة الثورة الاسلامية وجعل مقر السفارة وكرا للمعارضة حيث يوجد آلاف الوثائق الدامغة تشير الى هذا الامر. دعم حكومة صدام طيلة فترة الحرب ضد ايران، واسقاط الطائرة المدنية الايرانية وتجميد الارصدة الايرانية والتصعيد ضد الشعب ومعارضة التقدم العلمي الايراني في الوقت الذي اعرب فيه الشعب الايراني عن سروره ازاء هذا التقدم العلمي. وهنالك بعض الامور الاخرى لا أريد ان اطرحها.

السيد رئيس الجمهورية

لقد كانت احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) اسوأ كارثة، حيث قتل الاطفال الابرياء وكانت عملا مرعبا. لقد قامت حكومتنا بشجب هذا العمل وأعربت عن تنديدها ووجهت العزاء الى ذوي الضحايا. من مهام كل الدول ان تحافظ على أمن مواطنيها حيثما كانوا ولكن منذ فترة وبعض الشعوب في المناطق المتوترة ومنها الشعب الاميركي لا تشعر بالامان ولكن بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) وبدلا من تضميد الجراح الناجم عن هذه الاحداث المؤلمة للشعب الاميركي قامت وسائل الاعلام الغربية بتضخيم الاجواء المرعبة وتحدثت عن احتمال شن هجمات اخرى وأثارت الخوف في نفوس الناس، فهل تعتبر هذه الاجراء‌ات خدمة لمصلحة الشعب الاميركي وهل يمكن احصاء الخسائر الناجمة عن اثارة هذا الخوف؟ لقد اصبح الشعب الاميركي متوجسا في الشوارع والمحلات والبيوت، فلماذا الاعلام الغربي لم يعط الطمأنينة للشعب بل قام باثارة الخوف والذعر في النفوس حيث اعتقد البعض ان هذه الضجة افتعلت تمهيدا لشن هجوم على افغانستان. ان البعض يعتقد بأن هذه الضجة فتحت الطريق أمام الهجوم على أفغانستان وأعطت تبريرا. علي ان اشير مره اخرى الى دور الاعلام. ففي الرسالة الاعلامية تعتبر عملية نشر المعلومات الصحيحة والتقارير الصادقة من مبادئ العقيدة، الا انه لا يمكنني الا ان اعرب عن اسفي لتجاهل وسائل الاعلام الغربية المعروفة لهذه المبادئ. فذريعة الهجوم علي العراق كانت اسلحة الدمار الشامل التي كانت تكررها وسائل الاعلام علي مسامع الرأي العام العالمي من اجل ان يصدقوا ذلك في نهاية الامر ولتمهيد الارضية من اجل الهجوم علي العراق. الا تضيع الحقيقة في هذه الاجواء المصطنعة والمضللة؟ اذا ما تم السماح لكي تضيع الحقيقة مره اخري، فكيف يمكن مطابقة ذلك مع القيم التي ذكرناها انفا؟ وهل يمكن ان تحجب الحقيقة عن القادر المطلق؟

السيد رئيس الجمهورية

في مختلف بلدان العالم يقوم المواطنون بتوفير نفقات الحكومة من اجل ان تكون هذه الحكومات قادرة على خدمتهم. وكما يعلم سيادتكم ان هناك العديد من الناس يعيشون في فقر في بعض ولاياتكم. كما يعتبر وجود الآلاف من المشردين والعاطلين عن العمل من المشاكل الرئيسية في بلادكم. بطبيعة الحال فان مثل هذه المشاكل موجود في البلدان الاخري، فاذا اخذنا هذا الامر بعين الاعتبار فهل يمكن تبرير هذه النفقات الباهظة للحرب من قبل المواطنين؟ ان الذي ذكرته كان جانبا من عتاب شعوب العالم ومنطقتنا وبلدكم، الا ان ما اقصده من ذلك ـ وارجو ان توافقني عليه ـ هو:

ان الذين يتقلدون مناصب السلطة يتقلدونها لفترة محددة ولا يمكن ان يحكموا الى ما لا نهاية، الا ان التاريخ سيسجل اسماء‌هم وسيتم الحكم عليهم اجلا ام عاجلا. ان الشعب هو الذي سيحكم علي فتره رئاستنا. فهل استطعنا ان نجلب السلام والأمن والسعاده لشعبينا ام كنا سببا لانعدام الأمن وزيادة البطالة؟ هل كنا نهدف للاستقرار والعدل ام كنا نتحرك في اطار الدفاع عن مصالح مجموعات خاصة. ام حاولنا استخدام القوه ضد العديد من الفقراء الذين يعيشون في فقر مدقع من اجل اثراء وتعزيز قوة مجموعة صغيرة ـ وفي النهاية نكون قد بدلنا حماية ودعم الشعب بمصالح تلك المجموعه؟ هل كنا ندافع عن حقوق المستضعفين ام كنا نتجاهلها؟ هل دافعنا عن حقوق كل الناس في العالم ام كنا نشعل الحروب. ونتدخل في شؤونهم الداخلية ونضعهم في سجون جهنمية؟ هل اتينا بالسلام والأمن للعالم او خلقنا اجواء من التهديد والترهيب والرعب؟ هل قلنا كل الحقائق لشعوب العالم ام وضعنا بين ايديهم حقائق مزورة؟ هل كنا الي جانب الشعب ام الي جانب المحتلين والمعتدين؟ هل كان اسلوب حكومتنا منطقيا وعقلانيا واخلاقيا وسلميا ومسؤولا وعادلا وخادما للشعب وكانت عاملا للسعادة والتقدم ولكرامة الانسان ام كانت تتحرك بقوة السلاح والتهديد متجاهلة الناس، معطلة سير تقدم وتطور الشعوب الاخرى منتهكة حقوق الشعوب. اخيرا انهم سيحكمون علينا بهذا المعيار: هل كنا صادقين في قسمنا عندما تسلمنا مقاليد الحكم علي ان نخدم الشعب وهي مسؤوليتنا الاولي وسنه الانبياء ام لا؟

السيد رئيس الجمهورية

الى متى يمكن ان يبقى العالم يتحمل مثل هذه الاوضاع؟ الى ‌أي تجاه يقذف هذا الموج بالعالم؟ الى متى يدفع العالم ثمن القرارات الخاطئة لبعض القادة؟ الى متى تبقى اسلحة الدمار الشامل تشغل بال الشعوب ؟ الي متي تبقي دماء النساء والرجال والاطفال تراق في الازقة والشوارع وتهدم المنازل علي رؤوس اصحابها؟ هل سيادتكم راضون عن هذا الوضع القائم في العالم حاليا؟ هل تعتقدون ان السياسة الحاليه يمكن ان تستمر؟ ان مليارات الدولارات التي تنفق الان علي الأمن والحروب العسكرية ونقل القوات، لو كانت تنفق علي الاستثمارات ومساعدة الشعوب الفقيرة ومكافحة الامراض ومساعدة المنكوبين بالكوارث الطبيعية وايجاد فرص العمل والانتاج ومشاريع التنمية ومكافحة الفقر واقرار السلام والوساطة بين البلدان المتنازعة واخماد نيران النزاع القومي وكل النزاعات الاخري، فهل كنا سنشهد عالما مثل هذا العالم الذي نحن فيه؟ الن تفتخر حكومتكم وشعبكم اذا ما تم مثل هذا الامر؟ ألم يكن الوضع السياسي والاقتصادي لحكومتكم ليكون افضل وأقوى من هذا الوضع الحالي؟ وأتساءل متاسفا هل كانت ستكون هناك كراهية في العالم ضد الحكومة الأميركية؟

السيد رئيس الجمهورية

لا أقصد ان أجرح مشاعر أحد. اذا ما كان ابراهيم واسحاق ويعقوب واسماعيل ويوسف او المسيح عيسي (ع) بيننا اليوم فكيف كانوا سيحكمون على مثل هذا الاسلوب؟ هل كانوا سيمنحونا دورا في العالم الموعود حيث تبسط العدالة اجنحتها علي العالم؟ هل كانوا يقبلون بنا اصلا؟ سؤالى الرئيسي هو: الا توجد طريقة اخري للتعامل مع باقي دول العالم؟ هناك الاف الملايين من المسيحيين وآلاف الملايين من المسلمين والملايين من اتباع تعاليم النبي موسى (ع) يعيشون في عالم اليوم، كل اتباع الاديان السماوية يؤمنون بالتوحيد والاعتقاد باله واحد في العالم ولا احد غيره. ان القرآن الكريم يؤكد على هذا الامر المشترك ويقول لأتباع الاديان السماوية: «قل يا اهل الكتاب تعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون».

السيد رئيس الجمهورية

وفقا للآيات القرأنية، فقد دعينا جميعا الى عباده الله وانتهاج تعاليم الانبياء. اننا نعتقد بان العودة الى تعاليم الانبياء هي الطريق الوحيد الذي يودي الي الفلاح. اننا نعتقد كذلك بأن سيادتكم تتبعون تعاليم السيد المسيح (ع) وتؤمنون بالوعد الالهي بسيادة الحق في العالم. نحن نعتقد كذلك بأن عيسي المسيح (ع) كان احد الانبياء العظام وقد ورد اسمه مرارا في القرآن الكريم. ان اله الجميع هو إله واحد سواء في اوروبا وافريقيا واميركا واستراليا وسائر مناطق العالم. انه إله قادر يريد هداية الجميع ومنح العظمة للجميع. اننا نقرأ في الكتاب‌ المقدس بأن الله منح انبياء‌ه معجزات وأدله واضحة لهداية الناس وتطهيرهم من الذنوب وأرسل الكتاب والميزان ليتوجه الناس للعدالة ويبتعدوا عن الطغيان. ويمكن مشاهدة مثل ذلك في جميع الكتب السماوية. لقد وعد الانبياء بأنه سيحل يوم يحضر فيه الناس عند الله تعالى ليجري حسابهم. الصالحون سيوجهون الى مكان أمن فيما سيواجه الظالمون العقاب الإلهي. فكلانا نعتقد بمثل ذلك اليوم. ولكن تقييم اعمال الحكام لن يكون سهلا. ذلك لأننا مسؤولون امام شعوبنا وان حياتهم ستكون متأثرة بصورة مباشرة او غير مباشرة بما نتخذه نحن من اجراء‌ات. لقد تحدث جميع الانبياء عن السلم والأمن لجميع البشرية على اساس التوحيد والعدالة واحترام المكانة الانسانية. الا تتصورون بأنه لو وصلنا جميعا الى هذه القناعة واتبعنا هذه المبادئ وهي التوحيد وعبادة الله والالتزام بالعدالة واحترام المكانة الانسانية والايمان بالآخرة، يمكننا ان نتغلب علي جميع مشاكل العالم الراهنة (التي هي حصيلة لعدم طاعه الله وتعاليم الانبياء) وان نودي دورنا بصوره جيده؟

الا تتصورون بأن الاعتقاد بهذه المبادئ سيعزز ويضمن السلام والصداقة والعدالة؟

ألا تتصورون بأن المبادئ المذكوره وسائر المبادئ غير المكتوبة محرمة عالميا؟

ألا تقبلون هذه الدعوة، التي تعد عودة حقيقية لتعاليم الانبياء ومن اجل التوحيد والعدالة والحفاظ على المكانة الانسانية وطاعة الله وانبيائه؟

ان التاريخ يقول لنا بأن الحكومات الظالمة والمستبدة لن تبقى. هل يمكن لأحد ان ينكر مؤشرات التغيير في عالم اليوم؟ هل اوضاع العالم يمكن مقارنتها مع ما كانت عليه قبل عام؟ التغييرات تحدث بخطوات متسارعة وهائجة. شعوب العالم ليست مسرورة للاوضاع القائمة ولا تعير اهتماما لوعود وأفكار بعض قادة العالم المكروهين. الكثير من شعوب العالم تشعر بانعدام الأمن وتعارض توسع نطاق الحرب واللا أمن ولا تقبل بالسياسات المشبوهة. الشعوب تحتج على الفوارق المتزايدة بين الاغنياء والفقراء والدول الغنية والدول الفقيرة. الشعوب مستاء‌ة من الفساد. شعوب الكثير من دول العالم غاضبة من الهجمة علي اسسها الثقافية وانهيار اركان اسرها. وهي ايضا قلقة من غياب الشفقة والرحمة. شعوب العالم لا تصدق بالمنظمات الدولية ذلك لأن هذه المنظمات لا تدافع عن حقوقها. الليبرالية والديمقراطية علي الطريقة الغربية لم تتمكن من المساعدة بتحديد الاهداف الانسانية، ومنيت بالفشل. الافراد ذوو البصيرة يسمعون اليوم صدي انهيار وسقوط هذه الايديولوجية وأفكار النظام الليبرالي الديمقراطي. ان اهتمام شعوب العالم اليوم هو نحو الباري تعالي ومن الطبيعي ان الشعوب يمكنها عبر التوحيد والتمسك بتعاليم الانبياء التغلب علي مشاكلها. سؤالى الجاد هو: ألا تريدون مواكبة الشعوب؟

السيد رئيس الجمهورية

اننا شيئنا أم أبينا، العالم يتجه نحو التوحيد والعدالة، وان ارادة الله هي الغالبة علي كل شي‌ء والسلام على من اتبع الهدي

* رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية

محمود أحمدي نجاد