الشرطة المصرية تحاصر دار القضاء العالي وتعتقل 300 ناشط سياسي

الشرطة تفض مظاهرة بالإسكندرية وخلافات في ملتقى حكومي حول التضامن مع القضاة

TT

اعتقلت الشرطة المصرية أمس أكثر من 300 ناشط سياسي، شاركوا في مظاهرات حاشدة أمام محكمة النقض التي كانت تحاكم القاضيين محمود مكي وهشام البسطويسي المحالين إلى مجلس الصلاحية على خلفية اتهامات قاما بتوجيهها إلى الحكومة بتزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فيما قررت المحكمة تأجيل محاكمتهما إلى يوم الخميس القادم، لعدم حضورهما، بعد منع القضاة المتضامنين معهما من الدخول إلى ساحة دار القضاة العالي. ومنعت الشرطة القضاة من الوصول إلى ساحة دار القضاء العالي بوسط القاهرة وحاصرتهم خارج مقر المحكمة، وأبلغتهم قيادات الأمن بمنع دخولهم عدا القاضيين وهيئة دفاعهما، فرفض البسطويسي ومكي قرار الأمن وامتنعا عن المثول أمام المحكمة وعادا مع زملائهما إلى مقر نادي القضاة.

وأوسعت الشرطة المتظاهرين ضربا بعد أن حاصرتهم على بعد نحو 200 متر من مقر دار القضاء العالي ومنعت تقدمهم باتجاه المحكمة، كما أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى وسط القاهرة، فيما عقد نادي القضاة اجتماعا لجمعيته العمومية شارك فيها نحو الف قاض، انتقدوا خلالها المستشار فتحي خليفة رئيس مجلس القضاء الأعلى، وحملوه مسؤولية الوقيعة بين القضاة والحكومة، واتهموه بمحاولة الوقيعة بين الشعب ونظام الحكم، مؤكدين تمسكهم بمشروع استقلال السلطة القضائية المقدم من النادي.

وفي الإسكندرية شمال مصر حاصرت الشرطة مقر نادي القضاة بالإسكندرية ومنعت مئات السيدات من التظاهر واعتقلت 11 متظاهرا كانوا في طريقهم للمشاركة معهن، كما منعت الشرطة في أسيوط بصعيد مصر (جنوب) ناشطين من التظاهر تضامنا مع القضاة واعتقلت ستة آخرين بينهم قيادي شاب بحزب التجمع اليساري.

وأفادت تقارير ان الشرطة المصرية تعرضت لصحافيين ومراسلي وكالات الأنباء في محاولة لابعادهم عن المكان، وتعرض مصور قناة الجزيرة الفضائية إلى ضرب مبرح ـ حسب مراسل لرويترز ـ كما سقطت نادية أبوالمجد مراسلة وكالة أسوشيتدبرس بالقاهرة تحت اقدام الجنود الذين كانوا يلاحقون النشطاء.

وأدانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وقائع الاعتداء على طاقم قناة الجزيرة القطرية والاعتداء على مراسلة وكالة أنباء الاسوشيتدبرس نادية ابوالمجد أثناء قيامهما بالتغطية الصحافية لأحداث مظاهرة المتضامنين مع القضاة أمام دار القضاء العالي بالقاهرة.

واعتبرت المنظمة أن ما حدث يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان يأتي على رأسها حرية الإعلام والحق في تداول المعلومات التي تلتزم بها الحكومة المصرية بموجب تصديقها على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ووجهت الحملة الشعبية من أجل التغيير نداء للتضامن مع القضاة وأدانت احتجاز المواطنين وتعذيبهم والتنكيل بالقضاة، معتبرا أن هناك حالة «توحش» من جانب الأمن مع القضاة.

ودعا ملتقى اليسار الجميع لمساندة القضاة فيما وصفه بأكبر معركة من أجل قانون يحمي استقلال القضاء، مشيرا إلى أن معركة القضاء، جزء من سعي الشعب نحو الديمقراطية في وقت أكد مركز آفاق اشتراكية تضامنه مع القضاة وطالب بالإفراج عن المعتقلين.

من جانبه اعتبر عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة أن ما حدث ضد المتظاهرين المتضامنين مع القضاة يمثل إشارات لعودة «الوجه البوليسي الاستبدادي للحكومة» في التعامل مع القضاة، مشيرا إلى أن منع القضاة من دخول مبنى دار القضاء العالي يمثل سابقة مؤسفة.

وقال أبوسعدة إن التقديرات الأولية تنشير إلى اعتقال ما يقرب من 400 شخص وإصابة ما لا يقل عن 10 أشخاص وضربهم وسحلهم بوحشية، مشيرا إلى أن الأمن أغلق منطقة وسط القاهرة تماما وقام بعمليات قبض عشوائية ضد متظاهرين سلميين، وهذا ما يؤكد تراجعا كاملا من جانب الحكومة عن الإصلاح السياسي والدستوري.

وأكد أبوسعدة أنه بدا واضحا للجميع أن تمديد العمل بقانون الطوارئ كان الهدف منه توجيهه ضد المطالب الإصلاحية في سياسة جديدة يمكن تسميتها سياسة «القبضة الحديدية» في التعامل مع المعارضة السلمية.

وفي الاسكندرية فضت قوات الأمن مظاهرة شارك فيها ناشطون تضامنا مع القضاة، وطوقت الشرطة مقر نادي القضاة هناك ومنعت الدخول إليه أو الخروج منه، فيما أكد المستشار محمود الخضيري رئيس النادي أن اعتصام القضاة مستمر طالما لم تتم الاستجابة لمطالبهم مستنكرا ممارسات الأمن ضد القضاة، معتبرا أن ما يحدث يعكس حالة الفزع التي تعيشها الحكومة المصرية.

في غضون ذلك شهد الملتقى الثالث لحقوق الإنسان المنعقد حاليا بالإسكندرية خلافا حادا بين المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، حيث أصر ممثلو المنظمات أن يتضمن إعلان الإسكندرية الصادر عن الملتقى إدانة الممارسات الأمنية ضد القضاة وكذلك انتقاد الممارسات الحكومية ضدهم، إلا أن نائب رئيس المجلس الدكتور أحمد كمال أبوالمجد رفض ذلك ووافق على الاكتفاء بالإشارة إلى التضامن مع مطالب القضاة والمطالبة بإصدار قانون استقلال السلطة القضائية.

وطالب الإعلان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وأدان تمديد حالة الطوارئ لعامين آخرين وطالب باستبداله بقانون آخر في إشارة إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي تعتزم الحكومة إصداره، كما طالب بتصفية أوضاع المعتقلين السياسيين، مشددا على ضرورة الإفراج عن النشطاء الذين تم اعتقالهم على خلفية تضامنهم مع القضاة.