وزير الاعلام السوري: على من يزور دمشق ألا يذهب إلى واشنطن ونيويورك ليهاجمها ويتهمها

فيما دعا الموفد الرئاسي السوداني من بيروت إلى «خلق أجواء تهدئة»

TT

عاد الى بيروت امس الموفد الرئاسي السوداني، الوزير مصطفى عثمان اسماعيل، في محاولة لإعادة تفعيل المبادرة السودانية على صعيد تحسين العلاقة اللبنانية ـ السورية، ناقلاً رسائل الى المسؤولين اللبنانيين حول ضرورة «خلق اجواء تهدئة» من اجل انجاح زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والوصول الى «علاقات طبيعية بين البلدين». وزار الموفد السوداني امس رئيس الجمهورية إميل لحود، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية فوزي صلوخ، على ان يلتقي اليوم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

وتزامن وصول الموفد الرئاسي السوداني الى بيروت مع تصريح لوزير الإعلام السوري، محسن بلال، قال فيه إن «دمشق مفتوحة لكل الأشقاء العرب وخاصة لبنان، لكن على من يزور دمشق (يقصد السنيورة) أن يطرح على الأقل أبواب ثقة معها وأن يمهد ليستقبل الاستقبال الأخوي والصديق وألا يذهب إلى واشنطن ونيويورك ومجلس الأمن ليهاجم سورية ويتهمها». وقال بلال في حديث تلفزيوني «إن التصريحات التي أطلقها السنيورة في واشنطن ومجلس الأمن كانت غير منتظرة وغير مرتقبة من أشقائه السوريين»، وأضاف «هم يضعون العراقيل ويتهمون سورية ويطرحون شبعا والترسيم والعلاقات الدبلوماسية»، وتساءل بلال «لماذا اليوم ولم تطرح من قبل؟».

وأشار الوزير بلال إلى أن «سورية تنظر إلى الحوار اللبناني بإيجابية كبيرة وتصلي من أجل أن يتوصل الأشقاء اللبنانيون إلى التفاهم والوحدة وأن يتعافي لبنان ويكون الجار والشقيق الحر المستقل السيد المعافى المخاطب لسورية والتوأم لها.. وألا يكون ممرا ولا مقرا ولا موطئ قدم للمتآمرين على سورية»، لافتا إلى أن سورية تنتظر أن تعود لعناق لبنان العربي المستقل الذي لا يسمح لأي تدخل أجنبي بشؤونه الداخلية، وألا يكون بإمرة القناصل والسفراء الذين يجولون في بيروت ويعطون التعليمات لفلان وآخر..»، وعن العلاقات السورية الأميركية قال بلال إن «الأميركيين يريدون مجموعة مطالب من سورية.. وإن الأميركيين في ورطة ومأزق في المنطقة.. وقد غرقت أحلامهم في رمال العراق، وإن سورية لن تجيب عن المطالب الأميركية بنعم، لأن معنى ذلك أن تتحول سورية وتنقلب إلى بلد آخر، مؤكداً أن «سورية تبقى البلد العربي القومي المحافظ على وجدانه وسيادته ودستوره ومحيطه وهويته وانتمائه وأنها تمسك زمام أمرها وتقبض على سيادتها».

وفي بيروت أكد الرئيس اللبناني إميل لحود خلال استقباله الموفد السوداني أن لبنان «يتطلع الى اقامة افضل العلاقات الاخوية مع سورية في اطار سيادة واستقلال وحرية القرار لكل من البلدين الشقيقين، وانسجاما مع الروابط التاريخية التي جمعت بين الشعبين اللبناني والسوري». وأبدى ترحيب لبنان بأي تحرك عربي «يهدف الى معالجة الخلل الذي اعترى العلاقات اللبنانية ـ السورية عقب الانسحاب العسكري السوري العام الماضي، لا سيما ان سورية وقفت دائما الى جانب لبنان في احلك الظروف وساهمت في المحافظة على وحدته ارضاً وشعباً ومؤسسات».

وشدد الرئيس لحود على «ان الحوار القائم بين القيادات اللبنانية من شأنه ان يساهم في ابراز القواسم المشتركة التي يلتقي حولها اللبنانيون المؤمنون بأنهم وحدهم اصحاب الشأن والقرار في ما يتعلق بمستقبل وطنهم وخياراته، لا سيما ان التدخلات الخارجية والضغوط التي تمارس على الداخل اللبناني تهدف الى خدمة مصالح الآخرين ولا تأخذ في الاعتبار مصلحة اللبنانيين».

وعقب اللقاء تحدث الوزير اسماعيل، فقال: «انا اتحرك في اطار القمة العربية ورئاسة السودان لها، مبعوثاً من فخامة الرئيس عمر حسن البشير في المنطقة. وقد حضرت من دمشق بعدما أمضيت فيها يومين. ولقائي اليوم مع فخامة الرئيس إميل لحود تطرق الى العلاقات بين سورية ولبنان، والى تطور الأوضاع في لبنان من خلال الحوار الداخلي. ويهمني جداً ان تكون العلاقات بين البلدين علاقات أخوة خاصة ومميزة تقوم على المصالح المشتركة بينهما». وأضاف: «نريد من خلال هذه الجولة ان نحدث قدراً من التهدئة المطلوبة، حتى تستأنف الاتصالات بين البلدين لمحاصرة التوترات الحاصلة. وقد تبادلت في دمشق بعض الأفكار مع المسؤولين، وعلى رأسهم فخامة الرئيس بشار الأسد ومساعدوه. والآن تبادلنا مع فخامة الرئيس لحود الأفكار حول ما ننوي طرحه في هذه المرحلة بالذات». ونفى اسماعيل وجود مبادرة جديدة، موضحاً ان ما يحمله هو «أفكار لتفعيل المبادرة السابقة، التي تبقى الأساس لمعالجة هذا الملف». كما نفى وجود شروط سورية لزيارة الرئيس فؤاد السنيورة الى دمشق، قائلاً: « ليس لدى السوريين مشكلة في استئناف آليات العمل والاتصالات مع لبنان. فأبواب دمشق مفتوحة لاستئنافها، بما فيها زيارة رئيس الوزراء (السنيورة). والسوريون يقولون انه يجب علينا خلق اجواء مؤاتية لإنجاح الزيارة. بمعنى انهم يعتبرون ان التهدئة مهمة جداً في العلاقات بين البلدين. هناك الآن تراشق إعلامي وسياسي. وما نريده هو ان نحول هذا التراشق الى تعاط ايجابي عقلاني ومنطقي بالنسبة الى ما يجب ان تكون عليه العلاقات بين البلدين. وفي ضوء هذه الاجواء، نستطيع ان ننفذ الى الافكار التي احملها والتي لا اريد ان افصلها للإعلام قبل ان اطلع عليها رئيسي مجلس النواب والوزراء. ولكن في النهاية هي افكار تهدف الى تحريك هذا الملف».

وعقد اسماعيل ووزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ مؤتمراً صحافياً مشتركاً، استهله الأخير بالقول انه اطلع الوزير السوداني على «الوضع الراهن في لبنان، خاصة في ضوء مقررات مؤتمر الحوار الوطني الذي أبدى كل حرص، وبالإجماع، على أفضل وأطيب العلاقات مع الشقيقة سورية».

أما إسماعيل فقال: «تبادلنا الأفكار مع الإخوة في سورية حيث التقيت أول من أمس (الثلاثاء) فخامة الرئيس بشار الأسد، وأمس (الأول) نائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم. ونقلت رسالة الى نظيره الأخ الوزير صلوخ. وسألتقي القيادات اللبنانية. ونأمل في ختام هذه الزيارة ان تتبلور أفكار من شأنها أن تجعل الحركة بين العاصمتين وبين البلدين متواصلة لنعود بالعلاقات اللبنانية ـ السورية الى وضعها الطبيعي وأفضل مما كانت عليه».