الفساد ينخر المؤسسات الدولية في كوسوفو

خطة دولية من 3 مراحل لضم الإقليم إلى الاتحاد الأوروبي دون الأمم المتحدة

TT

وسط تحقيقات بخصوص استشراء الفساد في المؤسسات الدولية العاملة في كوسوفو، قام الامين العام لحلف شمال الأطلسي جاب دي هوب شيفر بزيارة الى عاصمة الاقليم، بريشتينا، واجرى امس محادثات مع رئيس كوسوفو فاطمير سيدو، ورئيس الحكومة أجيم تشيكو، اضافة الى قادة قوات الحلف العاملين في الاقليم.

وأفادت اذاعة بريشتينا أمس بأن المحادثات تطرقت للوضع الامني بعد حوادث العنف التي شهدها كوسوفو في الايام الماضية ومنها حوادث اطلاق نار أسفرت أمس عن جرح شخصين هما في حالة خطرة داخل المستشفى. وقال جوب دي هوب شيفر عقب وصوله إلى بريشتينا إنه «يجب تحقيق كافة المعايير في كوسوفو وبشكل جدي وصارم أكثر مما سبق». ودعا حكومة بلغراد إلى المساعدة في إدماج صرب كوسوفو في المؤسسات الدستورية، وتحقيق المصالحة بين الاثنيات المختلفة. كما شدد على أهمية مواصلة المحادثات المباشرة بين بلغراد وبريشتينا تحت رعاية مجموعة الاتصال الدولية والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وكشف الامين العام لحلف شمال الأطلسي عن وجود خطة للحل في كوسوفو سيعرضها المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة مارتي اهتساري في بروكسل وتتكون من ثلاث مراحل. ولم يكشف شيفر عن تفاصيل هذه الخطة لكن مصادر مقربة ذكرت بأنها تدعو لاستقلال كوسوفو وضمه الى الاتحاد الاوروبي دون الحصول على العضوية في الامم المتحدة لبعض الوقت، على ان يسبق ذلك دمج الصرب في المؤسسات الدستورية وقيام حكومة مركزية مع إعطاء الصرب نوعا من الاستقلالية داخل البلديات التي يمثلون فيها الاغلبية السكانية وهي 7 بلديات. من جهته أعلن مارتي اهتساري أمس قبل لقائه بالمسؤولين الاميركيين في واشنطن أن «بلغراد وبريشتينا ستتوصلان في منتصف يوليو (تموز) المقبل إلى اتفاق مشترك أو على الاقل سيتم حدوث تقارب في وجهات النظر حول المسائل العالقة فيما يتعلق بالوضع النهائي في كوسوفو». وتابع قائلاً: «وفي سبتمبر (ايلول) المقبل، سنتمكن من الكشف عن معالم الحل النهائي، في حال تم الحصول على اتفاق بين الطرفين». وأشار إلى انه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق فإن «مجموعة الاتصال الدولية ستقوم في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل بإعلان الحل النهائي في كوسوفو بعد عقد جلسة لمجلس الامن حول هذا الامر».

وتأتي هذه التطورات وسط مخاوف من تصاعد حدة العنف واستشراء الفساد داخل المؤسسات الدولية والمحلية، حيث لا تزال الاعتداءات المتبادلة بين الصرب والالبان تطبع نمط العلاقات بين الطرفين. وقد أثبتت تحقيقات مالية قامت بها مؤسسة دولية متخصصة تدعى «وفد التحقيقات المالية» ان «المليارات من عملتي الدولار واليورو تم التلاعب بها من قبل شركات كلفت بالقيام بأعمال الاعمار أو الموظفين التابعين للامم المتحدة والذين جرى فصلهم من أعمالهم».وتحقق الشرطة المالية الدولية حاليا في ملفات كبيرة وخطيرة بدعم من الامم المتحدة. كما تقوم هذه الشرطة المكونة من عناصر ذات خبرة عالية من ايطاليا وألمانيا ودول أخرى بتدريب الشرطة المحلية على كيفية اجراء التحقيقات المالية لضمان النزاهة والتقيد بشروط العمل.

وجاء في بيان للشرطة المالية الدولية في كوسوفو ان «تحقيقات أجريناها خلال السنتين الاخيرتين كشفت عن عدد من الحالات المشبوهة حاول فيها البعض تسخير الأموال العامة لمصالحهم الخاصة». ويشير البيان إلى أن «أبرز تلك الحالات ما جرى في شركة «بي تي كي» العامة، التي تعتبر ركيزة في مجال الاتصالات الامنية، وكانت قد وقعت على اتفاقات بقيمة 42 مليون يورو مقابل مجموعة من الخدمات، لكن هذا المبلغ كان يختص بحجم ونوعية التقنيات المعتمدة، التي لم تراعها الشركة، وقد أسفرت التحقيقات عن توقيف ثلاثة اشخاص كانوا يشغلون مراكز مهمة داخل الشرطة، وتجمد المشروع وتأجل تنفيذه إلى موعد لاحق وهو ما جنب كوسوفو خسارة كبيرة».

وقد سجل عمل الفريق الدولي بعض النجاحات لكن تحقيق الشفافية المالية في كوسوفو لا يزال حلما بعيد المنال، ويعود ذلك، وفق الخبراء، الى الفراغ التشريعي الذي تعيشه كوسوفو والتناقض الحاصل بين نظاميها القديم شديد المركزية والجديد الذي يعتمد على المعاملات المعاصرة. ولا تزال هناك جهات دولية ومحلية تؤثر على سير المناقصات العامة وعمليات الخصخصة، الامر الذي يعد مخالفا للقانون في دول بعض المتورطين في مثل هذه القضايا بينما يجدون أنفسهم يتمتعون بالحماية والحصانة في كوسوفو.